رؤى
منذ أن صرحت زوجتي بشكوكها عن وجود فأر في المنزل، وأنا فى غاية التوتر والقلق، أشعل الأنوار، والتليفزيون، وأتغطى جيدا، وأنام بنصف عين، وأستيقظ كل لحظة أفتش فى الغطاء، والملابس، والسرير، والحجرة، وأفكر أكثر من مرة قبل أن أدخل إلى المطبخ ليلا وهم نيام.
نحن لسنا على يقين من توقيت دخوله الشقة، ربما قبل أسبوع أو أكثر، كما أننا لسنا على علم بكيفية دخوله البيت، هناك ثلاثة احتمالات: الأول وهو ما ترجحه السيدة حرمنا: أنه جاء من حديقة المنزل، وتسلق الحائط أو مواسير الصرف، ودخل من فتحة شفاط المطبخ، وهذا الاحتمال لا أتفق معه، ومع هذا قمت بفحص الشباك وحلقه من الخارج، وفتحة الشفاط، لم أجد ما يثير الشك، أو يرشدنا إلى دليل يؤكد مروره من هذا المسار.
الاحتمال الثاني وهو من ترجيحى: أن الفأر جاء من الحديقة وصعد السلالم، ودخل خلسة من باب الشقة ليلا، ربما أثناء إخراج صندوق القمامة أو عند عودة ابنى مساء، وهذا الاحتمال استبعدته حرمنا: من الصعب دخوله دون أن نراه.
الاحتمال الثالث، أيضا لى: أنه تسلق الحوائط ودخل من نوافذ البلكونة، فقد نسته حرمنا المصون مفتوحا أكثر من مرة ليلا، بالطبع حرمنا المصون رفضت هذا الاحتمال شكلا وموضوعا، ومبرراتها فى الرفض دعمتها بالنقاط التالية، أولا: إنها لم تنس السلك سوى مرة واحدة، ثانيا: أننى تداركت نسيانها وأغلقته بعد فترة وجيزة، ثالثا: من المستبعد أن الفأر كان يترصد وينتظر نسياننا السلك مفتوحا، رابعا: لماذا اختار المطبخ ولم يختر دولاب البلكونة، وهو على حد قولها ملئ بالكراكيب، ألعاب حفيدينا مازن وكارما، وأوراق وكتب الدراسة الخاصة بابننا.
نسيت أن أذكر لكم، أننا لا نمتلك أية دلائل قطعية على وجود الفأر، فقط مجرد شكوك أطلقتها حرمنا المصون، قالت: سمعت حركة غريبة، لم تحدد مصدر الحركة على وجه التحديد، أرجعتها مرة إلى العلبة الخشبية الموجودة أسفل حوض المطبخ، ومرة إلى البوتاجاز الموجود بجوارها، قدمت شاهدا وحيدا لم نتقبله أنا وابنى: أنها تركت صابع كفتة، وهو فى وزن وطول الفأر الكبير، فى طبق، لكى يتعشى به حسام عند عودته مساء، وفوجئت بوجوده على الأرض بين البوتاجاز وعلبة الحوض.
رغم خوفى وتوتري من الفئران، قمت بفحص المطبخ جيدا، بحثت عن مخلفات القرقضة، وعن الببى ولم أجد، ليس من المنطقي أن يأكل ولا يعمل ببى؟، اتفقنا على شراء لزق وسم، أحضر عامل الصيدلية كرتونة بلزق، وكيس سم صغير، قطعت حبة طماطم نصفين، ووضعت نصفها وسط الكرتونة، ورشرشت عليها بعض السم، تركناها طوال الليل داخل علبة الحوض، فى الصباح لم نجد عليها الفأر، قررنا وضعها على أرضية المطبخ وانتظار النتيجة فى اليوم التالي، قولوا: يا رب، نحتاج مساندتكم وتعاطفكم.