رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عندما تولى الرئيس السيسى المسئولية، ألمح أكثر من مرة إلى مطالبة الإعلام والجهات المعنية بمخاطبة الجماهير بتجديد الخطاب الدينى، وكان واضحاً أن الرئيس يدرك أن الخطاب الدينى السائد يسهم فى خلق مناخ التعصب وتغييب العقل وأن الإرهاب يجد فى مثل هذا المناخ فرصته الذهبية لتجنيد نسبة كبيرة من هؤلاء المتأثرين بخطاب دينى يدعو للتعصب والتشدد والانسياق وراء روايات وفتاوى تكرس كل سلوك يدعو للتخلف.

حتى الآن وبعد كل هذه السنوات لم يزل الإعلام يقدم البرامج الدينية التى تدعو لكل هذه القيم المتخلفة، هل ينكر إنسان عاقل أن برامج ما يسمى بـ«تفسير الأحلام» استناداً إلى مفاهيم ينسبونها إلى الإسلام، هل ينكر أحد أن هذه البرامج تسهم بقوة فى تغييب العقل باسم الدين؟!

وهل ينكر عاقل أن برامج تستضيف غلاة السلفيين للحوار حول تفسيرهم للإسلام وحول الحلال والحرام فى السلوك اليومى للمواطنين، رغم أن هذه القنوات إبراء للذمة تستضيف معهم بعض من يعارضون فكرهم، هل ينكر عاقل أن إتاحة الفرصة لهذه النماذج يسهم فى نشر منهجهم المتشدد والمتعصب خاصة بين الطبقات التى لم تنل حظاً معقولاً من الثقافة ولا أقول من التعليم، فقد التقيت فى مناسبات كثيرة بمن يحمل درجة الدكتوراه ويتولى مهام التدريس بالجامعة، لكنه عند الاقتراب من أمور الدين نراه رغم درجاته العلمية أكثر تخلفاً من عامة الشعب.

يبقى بعض مقدمى البرامج الحريصين على استضافة بعض علماء الدين المستنيرين ليقدموا «الفتاوى» للمشاهدين وهؤلاء غالباً ما يقدمون خطاباً مشوشاً -بحسن نية- فيقدمون للسائل الفتوى بطريقة ملتبسة، يحرص هؤلاء العلماء على ذكر العديد من الآراء حول الموضوع ومن هذه الآراء ما يجنح للتشدد والتعصب ومنها ما يقدم رأياً يعبر عن سماحة الإسلام، ثم ينهى المتحدث فتواه بأن لكل إنسان حقه فى أن يختار ما يقتنع به.

مثل هذا الخطاب يصلح فى حلقات درس أو ندوات تدور فى مراكز بحثية، لكنه بالقطع لا يصلح لخطاب إعلامى يوجه إلى فئات مختلفة من الشعب بينهم نسبة كبيرة ممن لا تسعفهم ثقافتهم لحسن الاختيار، وهنا ينتهز دعاة التعصب الفرصة ليدفعوا الكثيرين إلى «اختيار» الرأى المتشدد بحجة أن هذا ادعى لعدم الوقوع فى المحظور، وما دام الاختيار وارداً فلماذا لا نختار الرأى الأكثر تشدداً ففى هذا مزيد من التقرب إلى الله.

الخطاب الإعلامى يحتاج إلى أن يقوم من يقدم الفتوى بتفنيد الآراء الداعية للتعصب وإثبات أنها آراء فاسدة، لأنها تتعارض مع صحيح الدين وتتصادم مع المقاصد العليا للإسلام، هكذا يجب أن يكون الخطاب الإعلامى حاسماً واضحاً لا لبس فيه عندما يتعلق الأمر بتقديم الفتاوى لعامة الشعب من مشاهدى التليفزيون.

يبقى أن يركز هؤلاء العلماء على عدم الإفراط فى طلب الفتوى فى أمور الحياة اليومية، مما حرمه الإسلام من أمور واضحة ومحددة وما لم يرد فيه نص صريح بالتحريم، فهو حلال، وكما يقول الفقهاء فالأصل فى كل الأحوال هو «الحلال» ولا داعى للتضييق على المسلمين بدعوى القياس التى يتولاها بعض فقهاء السلف، فهذا الاجتهاد البشرى ليس له أن يضيف أى شىء على ما حرمه الله سبحانه وتعالى بنص صريح فى القرآن الكريم.

الخطاب الإعلامى الدينى بحاجة إلى إعادة نظر جذرية، والبداية الطبيعية إلغاء البرامج التى تدعو للخرافة وباسم الإسلام كبرامج تفسير الأحلام والتنجيم والعلاج بالقرآن وكل ما يكرس الخرافة والتعصب.