رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 (7)

يستطرد المؤلف عرضه قائلاً:

باستثناء مصر، فالمغرب العربى كله مكون من دول خليط من عرب وبربر من غير العرب، ففى الجزائر تدور حالياً حرب أهلية «ثمانينات القرن الماضى» فى جبال القبائل بين الأمتين فى نفس البلد، وتدور حرب بين المغرب والجزائر حول الصحراء الإسبانية بجانب الصراع الداخلى والتطرف الإسلامى يهدد وحدة تونس. وينظم القذافى حروباً تدميرية من وجهة النظر العربية فى دولة قليلة السكان ولا تستطيع أن تصبح دولة قوية، وهذا سبب محاولاته للوحدة فى الماضى مع دول أكثر تماسكاً مثل مصر وسوريا والسودان أكثر دولة عربية ممزقة حالياً، فهى مكونة من أربع مجموعات متعادية، هى مجموعة أقلية إسلامية عربية سنيّة فى الخرطوم تحكم أغلبية غير عربية من الأفارقة والوثنيين والمسيحيين وفى مصر هناك أغلبية سنيّة مسلمة تواجه أقلية كبيرة من المسيحيين متغلغلة فى صعيد مصر وعددها حوالى سبعة ملايين، لدرجة أن أنور السادات نفسه فى حديثه يوم 8 مايو عبر عن قلقه أن تطالب هذه الأقلية المسيحية بالانفصال فى دولة مستقلة، مثل لبنان مسيحية ثانية فى مصر.

 (8)

كل الدول العربية الواقعة شرق إسرائيل ممزقة ومليئة بالقلق الداخلى أكثر من دول المغرب العربى نفسه، وسوريا أساساً لا تختلف عن لبنان إلا فى النظام العسكرى القوى الذى يحكمها، ولكن الحرب الأهلية الحقيقية الدائرة حالياً هى بين الأغلبية السنيّة والأقلية الشيعية العلوية الحاكمة (حوالى 12٪ من شعب سوريا) ما يشهد على مدى الاضطراب الداخلى فى سوريا.

 

 (9)

والعراق مرة أخرى لا تختلف عن جيرانها إلا فى أن أغلبيتها شيعية والأقلية السنيّة هى الحاكمة ولا يملك 65٪ من السوريين أى صوت فى سياسة الدولة، حيث تحتكر نخبة من 30٪ من أهلها السلطة، وبالإضافة لذلك هناك أقلية كردية كبيرة فى شمال العراق، ولولا قوة النظام الحاكم والجيش وعائدات النفط، ما اختلف مستقبل العراق عن لبنان فى الماضى أو عن سوريا اليوم، إن سرعة النزاع الداخلى والحرب الأهلية واضحتان اليوم خاصة بعد صعود الخومينى للسلطة فى إيران، وهو زعيم ينظر له شيعة العراق كقائدهم الحقيقى.

 

 (10)

كل دول الخليج العربى والسعودية مبنية من الورق ليس فيه إلا النفط.. فى الكويت يمثل الكويتيون ربع سكان الدولة فقط، وفى البحرين يكوّن الشيعة الأغلبية، ولكنهم محرومون من السلطة، وفى دولة الإمارات العربية يمثل الشيعة أيضًا أغلبية السكان، ولكن السنة هم أصحاب السلطة، ونفس الشىء ينطبق على سلطنة عمان وشمال اليمن، حتى جنوب اليمن الماركسى توجد بها أقلية شيعية كبيرة، وفى السعودية يمثل الأجانب نصف السكان (مصريون ويمنيون) ولكن السلطة كلها فى يد أقلية سعودية.

 

 (11)

الأردن فى الحقيقة فلسطينيون يحكمهم أقلية هاشمية من شرق الأردن، ولكن معظم الجيش وقطعاً البيروقراطية من الفلسطينيين حالياً، والواقع أن عمان فلسطينية كنابلس، وكل هذه الدول تملك جيوشاً قوية نسبياً، ولكن توجد هنا مشكلة، فالجيش السورى اليوم معظمه من السنة ولكن تحت قيادة ضباط علويون، والجيش العراقى مكوّن من الشيعة تحت قيادة سنيّة، ولذلك معنى كبير على المدى الطويل وذلك سبب أنه لن يكون ممكناً الاحتفاظ بولاء الجيش لوقت طويل إلا عندما يتعلق الأمر بعدو مشترك، وهو إسرائيل فى هذه الحالة واليوم فحتى هذا لا يكفى.

 

 (12)

إلى جانب العرب وهم منقسمون كما رأينا فإن الدول الإسلامية الأخرى لها نفس المشاكل فنصف سكان إيران مكوّن ممن يتكلمون الفارسية والنصف الآخر من عرق تركى، وسكان تركيا مكونون من أغلبية سنيّة مسلمة تركية تمثل حوالى 50٪ من الشعب وبجانبها أقليتان كبيرتان هما 12 مليون شيعى علوى وستة ملايين كردى سنى وفى باكستان السنيّة يوجد خمسة عشر مليون شيعى يهددون وحدة الدولة ووجودها ذاته، وفى أفغانستان يوجد خمسة ملايين شيعى يمثلون ثلث السكان.

 

 (13)

إن الأقليات العرقية الوطنية الممتدة من المغرب حتى الهند ومن الصومال حتى تركيا تشير إلى غياب الاستقرار والتراجع السريع فى كل المنطقة، وعندما تضاف الصورة إلى الوضع الاقتصادى فإننا نرى كيف أن المنطقة كلها مبنية، مثل بيت من ورق من اللعب لا يستطيع الصمود أمام مشاكله الضخمة.

 

 (14)

 

فى هذا العالم العملاق الممزق، هناك بعض المجموعات الغنية وكتلة ضخمة من الفقراء فمعظم العرب لديهم دخل سنوى فى حدود ثلاثمائة دولار، فهذا هو الوضع فى مصر وفى معظم دول المغرب باستثناء ليبيا والعراق، وفى لبنان فالدولة ممزقة والاقتصاد ينهار، فهى دولة ليست بها سلطة مركزية ولكن خمس سلطات مستقلة فى الواقع (مسيحيون فى الشمال مؤيدون من سوريا ويحكمهم سليمان فرنجية وأسرته، وفى الشرق جزء تحت حكم سوريا المباشر وفى الوسط يسيطر حزب الفلانج على المقاطعة المسيحية وفى الجنوب وحتى نهر الليطانى معظمه تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية ودويلة الرائد حداد المسيحية ونصف مليون شيعى).

أما سوريا ففى وضع أكثر خطورة وحتى المساعدة التى ستحصل عليها مستقبلا بعد الوحدة مع ليبيا لن تكفى لمواجهة المشاكل الأساسية للعيش والمحافظة على جيش كبير، ومصر فى أسوأ وضع والملايين على حافة الجوع، ونصف قوة العمل عاطلة ومشكلة الإسكان مستعصية فى هذه الدولة التى لديها أكبر كثافة سكانية فى العالم حول حوض النيل، ويستثنى من ذلك جيشها فليس بمصر إدارة واحدة تدار بكفاءة سوى الجيش، والدولة فى حالة دائمة من الإفلاس ومعتمدة كلية على المعونة الأمريكية منذ توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل.

ونقف عند هذه الفقرة حتى المقال التالى، ولكن بعد أن يسترعى نظر القارئ مرة أخرى أن كل الأرقام الواردة فى المقال تخص حقبة ثمانينات القرن العشرين، وعندما ننتهى من عرض هذا الكتاب الاستعمارى سنعلق على المعايير المزدوجة والعداء الصارخ الذى يكنه الغرب عموماً لنا، ويستخدم مخلبه الإسرائيلى فى تنفيذ مؤامرته علينا، ونكتفى هنا مثلاً بتذكير القارئ أن المجتمع الأمريكى مكون كله من أقليات عرقية من أصول إسبانية وزنوج وبروتستانت من البيض WASP تتكاتف كلها لنهب العالم فى دولة يستحيل وصفها بالاندماج فى بوتقة واحدة وشعور وطنى مشترك، ولا يجرؤ أحد على الإشارة للتناقض الداخلى فى تكوينه.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد