رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

دار حوار طويل وشائك بيني وبين أحد زملائي بالعمل حول الجدل القائم في تربية الأولاد فهل هي علاقة تقوم على الحزم والشدة أم اللين والتراخي، هل هي علاقة لا تكتمل إلا بالتدقيق والمتابعة أم أنها علاقة تُبنى على المصارحة وتبادل الآراء، هل من خلال العلاقة يحق للآباء ممارسة السلطة الأبوية بكل أعرافها وتقاليدها وموروثاتهم بشكلها الصارم المتحكم دون النظر للمستجدات العصرية وفتح لغة حوار جديد مع الابناء أم من المفترض مخاطبة الجيل بلغة يتقبلونها ويتفاعلون معها، وبما أن من دار معه الحوار يتمتع بقيم حاسمة ومبادئ بالغة التعقيد في التجديد والتطوير فقد وجدت صعوبة بالغة في التعبير عن رأي حول هذه القضية المهمة والمعقدة. ورأيت أن التعبير عن رأى في مقال قد يكون سببًا لتغيير بعض من الآباء والامهات آرائهم في عملية التربية.

إن تربية النشء هي من أهم مكونات بناء الدولة العصرية والحديثة فإذا تم غرس القيم والمبادئ والصفات الحميدة فمن المؤكد أن نجنى ثمار هذه التربية بكل خير وحب وسلام والعكس صحيح بكل تأكيد، فالمعروف أن السنوات الأولى في حياة الفرد فترة التطوُّر الأكثر درامية وفي نفس الوقت، فهي تعتبر السنوات الأكثر ضعفًا في حياته. إذا كان الطفل محاطًا بالتأثيرات الداعمة والإيجابية فمن المرجح أن يكون قادرًا على الصمود والازدهار. تعتمد هذه النتائج إلى حدٍ كبير على مدى جاهزية الأُسر والعائلة، وخاصةً مقدمي الرعاية الأولية المعنيين بتقديم الرعاية للأطفال الصغار والاستجابة لهم، بالإضافة إلى قدرتهم على إدارة احتياجات أطفالهم منذ لحظة الولادة وما بعدها. وكلما تم تقريب المسافات بين الاجيال كلما كانت الاستجابة أكثر تفاعلاً وتأثيرًا.

إن التربية السليمة تقوم على عدة مقومات أبرزها أن تتسق الأقوال مع الافعال حتى لا يتشتت الطفل بتوجيهات والديه، كما أنه لا ينبغي التحدث عن النقاط السلبية في شخصيته أمام الآخرين وخاصةً في حضوره حتى لا يشعر بالحرج ويرغب في الانطواء والبعد عن مقابلة الناس أو حتى أقرانه في مثل عمره، ولابد من مداومة الشكر والثناء فيما يقوم به الطفل حتى لو بسيط حتى يزداد ثقة بنفسه ويكون قادرًا على التعامل مع المواقف المختلفة في حياته، فصلاً عن ضرورة وضع أسس ثابتة للثواب والعقاب حتى يخلق بداخله دافع لعمل السلوكيات الايجابية وتجنب الافعال السيئة، والعمل على إظهار صورة الوالدين بشكل محترم ومهذب أمام الأبناء لخلق مناخ ملائم للتربية السليمة، مع ضرورة فتح مجال النقاش ومساحة لإبداء الرأي التي تعتبر من أهم مقومات بناء الشخصية.

ان تطور المراحل العمرية في حياة كل إنسان تجعله أكثر تطورًا وارتقاء فيترك أمور ويتعلق بمستجدات أخرى تتناسب مع فئته العمرية ومتطلبات المرحلة التي يعيش فيها وبالتالي على الأهل أن يركزوا على تربية ابنائهم على المصارحة وفتح باب النقاش في الأمور اليومية الحياتية حتى يستطيعوا أن يقوموا ابناءهم ويجعلوا منهم افرادا أكثر قوة وشجاعة. ولابد من اعطاء الابناء مساحة من الحرية والانفتاح وليس بالسيطرة والكبت حتى لا تنعكس سوء التربية على النشء في سلوكياته ونظرته للأمور.

وفى أخر كلامي عن هذه القضية الجادة والهامة اعتقد أنه لابد من مشاركة هموم الجيل ومشاكله بلغة بسيطة وسهلة تذلل عقبات الكثير من الأمور وتخلق حالة من الارتباط بينهم وبين والديهم، وعلى الآباء أن يثقوا أنه طالما تم تنشئة الأبناء على القيم والمبادئ والمثل سيظل الضمير الحى حاجز نفسى بينهم وبين اصدقاء السوء الذين قد يظهرون في حياتهم فجأة لارتكاب المعاصي والشبهات والوقع في الرذائل والظلمات. فأتمني أن تكون الحرية المقامة على أسس سليمة هي المسيطرة على علاقة الآباء بالأبناء مع قليل من المراقبة والمتابعة. حفظ الله أبناء مصر أبَــدَ الدهــر.