عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه السطور ليست مدحا أو ذما فى أحد، وإنما تحمل وجهة نظر قد تكون صحيحة أو خاطئة، غير أنه يوجد من المؤشرات الكثير ما يدعمها ويعزز احتماليتها فى المستقبل، ذلك أن السياسة التى تأخذ بها وزارة الإسكان فى ظل وزيرها ورئيس الوزراء الحالى الدكتور مصطفى مدبولى قد تقودنا حال استمرارها على ما هى عليه دون ضوابط إلى ما يعرف فى سوق الاستثمار بالفقاعة العقارية.

وقد أشار إلى هذا الأمر، على غير عادته، الزميل خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع فى مقال له أعرب فيه عن تخوفه من الوصول إلى تلك الحالة من خلال الإشارة لنموذج أسعار الشقق التى تعتزم وزارة الإسكان طرحها فى العاصمة الإدارية الجديدة. وفى ذلك قال صلاح المعروف بقربه من الدوائر الحكومية وتعبيره عن سياساتها «أخشى أن نواجه مأزقا فى توجيه تمويلات مصرفية عملاقة لشراء الوحدات وتنفجر فى البلد حالة جنون الاستثمار العقارى طويل المدى، وتصقيع الشقق، أملا فى ارتفاع الأسعار وندور فى فلك تجميد المدخرات فى غابات أسمنتية لن تسمن أو تغنى من جوع للاقتصاد القومى، وللتمويلات المطلوبة فى المقابل للعملية الإنتاجية».

صحيح أن مفهوم الفقاعة العقارية يتجاوز ذلك الأمر، لكن النتيجة فى النهاية واحدة. ولأن الأمر بين الاقتصاديين موضع نقاش وأخذ ورد ولتوضيح المفهوم للقارئ نقتبس ما نراه أحد أكثر التعريفات بساطة لكى نقرب له فكرتنا يقول فيها صاحب التعريف «الفقاعة تحدث حينما ترتفع القيمة السوقية لأحد الأصول بشكل كبير وسريع، ما يجعل السعر السوقى أعلى بكثير من القيمة الأساسية لهذا الأصل وهى القيمة العادلة التى يحددها الخبراء وعادة ما يتم تداول الأصل عليها قبل تفاقم الفقاعة التى تصيب المستثمرين بهوس يدفعهم للاستحواذ على الأصل بأسعار شديدة الارتفاع، أملا فى المزيد من الارتفاعات. وهذه المضاربة تساهم فى ارتفاع قيمة الأصل لفترة أطول. لكن عاجلا أم آجلا يدرك المستثمرون أن القيمة المتداولة فى السوق أصبحت غير واقعية، ما يدفع قيمة هذا الأصل للتراجع ويؤدى إلى انفجار الفقاعة».

هذا هو بالضبط ما يحدث فى السوق العقارى المصرى، وللأسف إن من يقود هذا الأمر ليس القطاع الخاص بروح الخفة فى الكسب السريع وإنما الدولة نفسها ممثلة فى وزارة الإسكان. تستطيع أن تأخذ مفردات التعريف السابق ومكوناته وتطبقها على سياسة الوزارة وسترى أن هذا الأمر هو ما يحدث بالفعل.

الأمثلة على ما نقول كثيرة، من قرع أراضٍ إلى شقق إسكان مصر ودار مصر ونهضة مصر وواحة مصر وجمال مصر، وروعة مصر، وجنة مصر.. وإسكان اجتماعى، وآخر اقتصادى وثالث فاخر غير اقتصادى و.. و.. إلخ. ولكن نأخذ فقط أسعار الوحدات التى طرحتها الوزارة بالعاصمة الإدارية وهى أسعار مبالغ فيها بشكل كبير، وقد عبر عن ذلك كما ذكرنا الزميل خالد صلاح أفضل تعبير ولا نريد تكرار ما كتبه ويمكن الرجوع إليه وهو بعنوان: «أسعار الشقق مرتفعة جدًا فى العاصمة الجديدة». غير أن الدلالة التى يمكن أن يقدمها هذا المثال بالغة الأهمية على ما نود الإشارة إليه. ذلك أن الوزارة تطرح متر الشقة هناك بسعر 11 ألف جنيه، وهو مبالغ فيه على أساسين، الأول: أن الوزارة لها من الموارد ما لا تدفع فيه ثمنًا مثل الأرض مثلا، وهو ما يقتضى عرض المتر بسعر أقل، الثانى يتمثل فى أن الشركات الخاصة، إن لم تكن جميعها باستثناء واحدة أو اثنتين تعرض بسعر أقل، وبذات المواصفات تقريبا. هذا طبعا إذا نحينا فكرة الدور التنظيمى والاجتماعى للدولة والذى ليس من بين أولوياته الربح «الفاحش»!

على أى أساس إذن تقوم سياسة الوزارة؟ الإجابة – لا ينطبق كلامنا على هذا المشروع وحده وإنما على مشروعات مختلفة للوزارة ومن هنا نصف الأمر بأنه سياسة للوزارة – أن المواطن المصرى يثق فى الحكومة ويسعى لو فاته الميرى أن يتمرمغ فى ترابه. ومن هنا فإنه يقبل على مشروعاتها بكل ثقة مهما كانت أسعارها. وعلى هذا يتم طرح المشروعات بأسعار محملة بجزء من المكاسب المستقبلية التى يمكن أن يجنيها المشترى، وهو ما يعنى أن السعر غير عادل، ولأن المشترى يضع فكرة قيمة إعادة البيع ضمن حساباته ويسعى للربح سواء كان مشتريا حقيقيا أو مضاربا، فإنه مع تعدد عمليات البيع سيقل أو يتضاءل ربح المشترى التالى إلى أن يصل لمرحلة التلاشى وقد يصل فى المحطة الأخيرة إلى التعثر وهنا تحدث الطامة الكبرى وهى الفقاعة التى يجد المشترى الأخير نفسه فى وضع يقبل فيه أن يبيع بالخسارة وهو ما يمكن أن يؤدى إلى انهيار السوق العقارى.. وتلك هى الطامة الكبرى.. سيناريو كابوسى لا يتمنى أحد تحققه.. لكن مقدرات البشر ومستقبلهم لا تدار بالتمنى وإنما تدار بالتخطيط السليم الذى يضع الحاضر والمستقبل فى رؤيته.. وتلك هى أزمتنا الكبرى!!

[email protected]