عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

منذ أن كتب نجيب محفوظ روايته «خان الخليلي» و«بداية ونهاية» و«الثلاثية» وحتي «الشحاذ» وهو يناقش قضية الطبقي الوسطي التي ينتمي هو وغالبية الكتاب والمبدعين والمفكرين إليها تلك الطبقة التي هي رمانة الميزان فى سلامة وتماسك وتقدم المجتمعات لأنها طبقة يجمع بين أفرادها مشروع حضارى وإنسانى ألا هو الارتقاء ثقافياً وعلمياً ومادياً واقتصادياً وسلوكياً عبر الوسائل المشروعة من تعلم ومعرفة وأعمال تخدم البشر فى المجتمع قبل أن تكون أعمالاً تجلب وتجذب الأموال بأى طرق.. وإذا كان تصنيف كارل ماركس للطبقات يعنى الإنتاج مما يعد إنجازاً لطبقة العمال أو ما يسمى البروليتاريا  إلا أن تصنيف ماكس ويبر يتعامل مع التصنيف الاجتماعى للطبقات ومن الحالة المادية أو الاقتصادية وفى هذا خطأ فرضته السياسة الأمريكية على الحضارة الحديثة، لأن الطبقات لا تصنف وفق المادة أو الإنتاج فقط وإنما وفق عدة معايير أهمها السلوك والتاريخ والتعليم والثقافة ومنظومة القيم والأهداف التي يشترك فيها مجموعة من البشر فى مكان وزمان ونظام حكم بعينه.. لذا فإن تلك الطبقة الوسطي فى مصر منذ بداية القرن الماضي وهي التي تسعي لأن ترقي بالمجتمع وتقود حركة التنوير والتحرر السياسي والاستقلال، تلك المجموعة من المصريين الذين تعلموا فى مصر أو خارجها وعادوا ليعلموا الآخرين علوم الصناعة والزراعة والطب والهندسة والمحاماه ومختلف العلوم الطبيعية والإنسانية فكانت الصحوة التى أدت بمصر لأن تخرج من عصور ظلام فرضها عليهم المماليك والخلافات الإسلامية المتلاحقة واللى كان من نتاجها أن مصر استمرت ولاية وخلافة ومملكة تحت استعمار عثمانى وبريطانى إلى أن كانت ثورة 52 ونهضة مصر من كبوتها السياسية والاجتماعية والفكرية إلى أن كانت النكسة فإذا بمصر تعود إلى التبعية الاقتصادية للدول النفطية وهو ما جعل الطبقة الوسطى تستورد سلوك وثقافة وفكر وتعصب تلك البلاد البترولية وتنتج ما نعانيه اليوم من صدام ثقافى وطبقى فى المجتمع.

وإذا كانت ثورة يونيه هى الثورة الشعبية الأولى التى تقوم بها الطبقة الوسطى والمسماه حزب الكنبة أى هؤلاء المتعلمين الذين عاشوا بعيدين عن بؤرة صراع سياسى واقتصادى ولكنهم حافظوا على هويتهم المصرية الوسطية فهبوا خوفاً عليها من الضياع لم تكن شعاراتهم مثل يناير عن العيش أى الاقتصاد ولا عن الحرية أى السياسة ولا عن الكرامة أى عن الديمقراطية الغربية ولم يكن من تلك الطبقة التي خرجت بالملايين من يرغب فى دعم أو منصب أو ميزات اجتماعية وإنما خرجت تلك الطبقة لحماية الوطن ومقدراته وثقافته وتاريخه وهويته.. تلك الطبقة التي معظمها متعلم.. معظمها لم ينجب أكثر من ثلاثة معظمها لا يتلق أى دعم تمويني... معظمها أبناؤه فى مدارس تجريبية أو خاصة وليس دولية.. معظمها يعيش بالعمل الشاق في أكثر من مهنة معظمها يحافظ على التقاليد والعادات والأخلاق والدين الوسطي، معظمها لم يسرق ولم يفسد ولم يشرب المخدرات ولم ينجب خمسة أو ستة... تلك الطبقة الوسطى على وشك الاندثار والتلاشى لأن الطبقة العليا مادياً تمتص دماءها ولم توجه الدولة أى إصلاحات اقتصادية نحوها بل على العكس، فإن تلك الطبقة سوف تنتقص من الطبقة الوسطى فترفع أسعار المأكولات والسلع والعقارات والعربات والمدارس وجميع الخدمات التي تحتاجها الطبقة الوسطى.

أما الطبقة الدنيا فإنها مازالت تنجب ولا تعمل وتقضي الوقت على القهاوى وتعتمد على المرأة المعيلة وعلى الدعم والتكافل والكرامة والمدارس الحكومية والتعليم المجانى والمواصلات العامة ومستشفيات الدولة والتبرعات والصدقات والزكاة... ولكنها لا تقدم إنتاجاً حقيقياً للوطن... ومازالت القوانين ضد الطبقة الوحيدة القادرة على دفع المجتمع للأمام علمياً وأخلاقياً واقتصادياً ولكن لا عزاء لنا.