عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(نحو المستقبل)

 

من أشد الظواهر غرابة فى مصرنا الغالية ما يحدث فى مجال التعليم فنخن مغرمون بأن نطوره بطريقة «خطوة إلى الأمام واثنتان إلى الخلف» فبدلا من أن يكون التقدم فى عملية التطوير مطردا وفى ضوء استراتيجية واضحة ومرنة، بحيث يبنى اللاحق على السابق ودون عودة إلى الوراء، نجد أن كل ما يحدث من خطط للتطوير والتحديث تقوم على نقد الخطط السابقة تمهيدا للتشكيك فيها ورفضها لنبدأ من جديد!! وكل ذلك يتم حسب أهواء المسئولين سواء كانوا وزراء أو رؤساء جامعات أو عمداء وكل من بيده مسئولية اتخاذ القرار وعادة ما تكون هذه القرارات الفوقية مجرد رد فعل غير مدروس لظروف اجتماعية أو سياسية معينة أو لضغوط من مجموعات ضغط لها مصالح معينة فى وقت معين!!

وسأتحدث اليوم عن مثال صارخ على ذلك، فقد افتتحت جامعة القاهرة كعادتها فى الريادة والتطوير أفقا جديدا للتعليم وأطلقت مجموعة من برامج التعليم المفتوح مدعومة بإمكانياتها الهائلة من الأساتذة المتخصصين والبرامج التعليمية القوية والامكانيات التكنولوجية والفنية عالية الجودة من طباعة الكتب المقررة وحتى البرامج التليفزيونية بقنواتها الفضائية واليوتيوب، والحقيقة أن هذه البرامج كانت ولاتزال تقدم بجودة عالية فى جامعة القاهرة ولبت مطلبا ملحا لدى فئات كثيرة من الراغبين فى مواصلة التعليم فى مصر والكثير من البلاد العربية لمن حالت ظروفهم دون استكماله فى التعليم الجامعى العام من حاملى الثانوية العامة أو ما يعادلها من الشهادات المتوسطة أو حتى من حاملى الشهادات الجامعية الذين رغبوا فى الحصول على شهادات جامعية أخرى تتوافق مع ميولهم وتحقق طموحاتهم ليس فقط فى مجال العمل، بل ربما رغبة فى المزيد من المعرفة وشغل الوقت فيما يفيد.  ولما كانت آفتنا التقليد دون التجويد والتجديد فقد قلدت الجامعات الأخرى جامعة القاهرة وقدمت برامج مشابهة، وهذا حقها، ولكن شاب البعض منها القصور، إما لنقص الامكانيات الفنية أو للعجز فى أعضاء هيئة التدريس المؤهلين لتقديم هذه البرامج بالجودة المطلوبة، ونتيجة لهذا القصور شكك البعض فى جدوى التعليم المفتوح كله وظهرت جماعات الضغط لتوجه سهام النقد والرفض بحجة أنه لا يمكن أن نساوى بين خريج التعليم المفتوح وبين خريج الكليات الجامعية التقليدية وغير ذلك من الحجج الواهية، لأن الحقيقة أن المعيار النهائى للمفاضلة بين الخريجين يكون لسوق العمل نفسه فربما يكون خريج التعليم المفتوح هو الأفضل، نظرا لأنه تمكن من دراسة التخصص الذى يحبه ويتوافق مع مواهبه بعيدا عن تعقيدات الحصول على المجموع العالى فى الثانوية العامة  وشروط  التنسيق لدخول الجامعات والكليات وهى فى مجملها تسهم كثيرا فى ألا يتمكن الطالب من دراسة التخصص الذى يهواه ويتوافق مع ميوله وقدراته!!

وبالطبع، فأنا لا أنكر أن بعض الجامعات قد تساهلت فى الكثير من شروط الجودة  فى هذا النوع من التعليم، وكان الأجدى أن يفرض المجلس الأعلى للجامعات توافر نفس المواصفات والشروط المتوفرة فى جامعة القاهرة على الجامعات والكليات الراغبة فى فتح برامج للتعليم المفتوح بدلا من مهاجمة النظام كله وإلغائه أو تحويله إلى برامج مهنية لا قيمة لها ولا تؤدى الغرض منها لدى الطلاب الراغبين فى الالتحاق بها.

يا أيها المسئولون إن أسهل شىء هو اتخاذ قرارات الالغاء والتلاعب بالمسميات بحجة تعديل المسار والتطوير، ولكن الأصعب هو مواجهة المشكلات بعقلية متفتحة وبالجدية المطلوبة، ففى الوقت الذى تلغون فيه نظاما فتح آفاقا جديدة أمام كل من يرغب فى تطوير قدراته وزيادة مؤهلاته العلمية تسمحون فيه بفتح كليات كاملة فى الجامعات الحكومية لا مبنى لها ولا إمكانيات علمية ولا هيئات تدريسية بها لدرجة أن جامعة اقليمية كانت إلى وقت قريب مجرد فرع لجامعة كبرى، أصبحت الآن بما فتحته من كليات جديدة أكبر من الجامعة الأم فهل هذا معقول؟!

إن آلاف الطلاب ينتظرون بشدة الإعلان عن اعادة العمل بنظام التعليم المفتوح لكل التخصصات  وبدلا من أن تضيقوا عليهم الخناق بدعوى أن هذا النظام لا يؤهلهم لسوق العمل أو لمواصلة الدراسات العليا فى هذا التخصص أو ذاك، طبقوا ما شئتم من شروط ضمان الجودة على كل هذه البرامج بلجان محايدة ، وافتحوا أمام الدارسين وطلاب العلم من المهد إلى اللحد أبواب الأمل ككل جامعات العالم المتقدمة بإمكانية التعلم المستمر وتغيير مسار التخصص كلما أمكن ذلك وامتلك الدارس القدرات المؤهلة له.                            

[email protected]