رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 تحدثت بالأمس عن كارثة الزبالة المتراكمة فى شوارعنا، وتناولت عجزالوزارات والأجهزة المعنية عن إيجاد منظومة شاملة، للاستفادة من زبالة مصر، وهى الأغلى فى العالم، وأشرت إلى فشل تجربة الشركات الأجنبية، واستعبادها لنحو (3 ملايين عامل مصرى مطحون 12 ساعة يوميًا فى جمع القمامة )، وتعطيهم عن كل وحدة سكنية (عشرة قروش ) فقط فيما تربح هى الملايين.

 واليوم، أتحدث عن أهمية وجود وزارة لـ«لزبالة» أو النظافة والقمامة، للأسباب التالية : أولا : تعدد الجهات المسؤولة عن ملف القمامة، وتشتتها ما بين وزارات التنمية المحلية (المحافظات والأحياء) والبيئة والصحة والكهرباء، الأمر الذى جعل شوارعنا مخازن مفتوحة للزبالة، تشوه وجه مصر وتهدد بالأمراض، تقف أمامها وزارة البيئة عاجزة، باعتبارها وزارة دولة تخطط فقط، أما التنفيذ ورفع الزبالة فمسئولية المحليات ؟!                 

 ثانيا : زبالة مصر غنية ومتنوعة (ما شاء الله )، ويقدر حجمها بنحو 75 مليون طن سنويا، إضافة إلى 22 مليار طن تراكمات مخلفات، وتصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار، تذهب لكبار تجار الزبالة والمتعهدين وأصحاب مصانع التدوير، الذين يتكفلون بنحو ثلاثة ملايين (نباش صناديق) ويمدونهم بالمال و»التروكسيلات» والدراجات النارية التى حلت بديلًا للعربة الكارو والمقطف الكبير.

 ولو تم إنشاء شركة مساهمة تضم هؤلاء جميعًا كموظفين وعمال فى الوزارة المقترحة، لاستفادت الدولة من هذه المليارات، وضمنا نظافة شوارعنا على أكمل وجه، بعد تحديد المسئولية فى جهة محددة، ونقل كل أسطول سيارات النظافة وسائقيها إلى الوزارة الجديدة بدلا من تفرق دمه بين الوزارات.

 ثالثًا : تحتوى زبالة مصر على مواد عضوية هائلة تقدر نسبتها بنحو(30%) من مكونات الزبالة، ينتج عنها 15 مليون طن من الأسمدة العضوية، وهذه الكمية تمثل ثروة قيمة للوزارة المقترحة، عند إعادة تدويرها فى مصانع حكومية يتم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، لاستخدامها فى تخصيب الأراضى الصحراوية، وتوجيها إلى مشروع استصلاح الـ (1.5 ) مليون فدان الذى يتبناه الرئيس السيسى، بدلا من استيراد السماد.

 رابعًا : هناك 35مليون مصرى، يسددون فواتير كهرباء محملة برسوم نظافة تقدر بنحو (1.5 مليار جنيه )، توجه إلى وزارة التنمية المحلية، ولا يعرف أحد فى أى مجال تنفق ؟! وهذا مورد جيد ينعش الوزارة الجديدة، ويمكن أن يرتفع إلى أكثر من ذلك، إذا ما تقرر زيادة الرسوم مقابل تحسين الخدمة وشعر المواطن أن هناك منظومة جديدة بدأت تعمل بشكل جدى لعلاج أزمة الزبالة المستعصية.

 خامسا : لدينا عشرات الشركات المحلية تتمتع بخبرة كبيرة فى مجال جمع وفرز الزبالة وإعادة تدويرها، وتمتلك هذه الشركات 35 ألف عربة نظافة و8500 مصنع تدوير مخلفات، وهى كفيلة عند إعادة تنظيمها لأن تغير الوضع المزرى الحالى، وسبق أن تعاون أصحاب هذه المصانع والسيارات مع ليلى اسكندر وزيرة التطوير الحضارى والعشوائيات فى حكومة إبراهيم محلب الثانية التى تمت إقالتها عام 2015، ولكنهم توقفوا؛ لتبلغ أزمة الزبالة ذروتها وتتحول إلى سرطان ينهش كل محافظات وأحياء مصر.

 سادسا: ومن خلال هذه الشركات والمصانع، تستطيع الوزارة الجديدة، تغطية الاستهلاك المحلى من المنتجات المعاد تدويرها، بأسعار رخيصة، وتصدر الفائض للخارج، بأسعار تنافسية مقابل 160 دولارًا لطن البلاستيك و580 دولارًا لطن فوارغ المياه الغازية المستخدمة و550 دولارًا لورق الفويل الألومنيوم، أما الورق فيتراوح سعره ما بين 70 إلى 80 دولارًا.

 سابعًا: ستسهم الوزارة المقترحة، وعبر شركاتها فى توفير الآلاف من فرص العمل الجديدة، حيث يوفر الطن الواحد سبعة فرص عمل، ويحقق عائدًا يصل إلى ستة آلاف جنيه، ومع زيادة الكميات يمكن توفير 120 ألف فرصه عمل من خلال عمليات الفرز والجمع والتصنيع.

 ثامنا : لو افترضنا أن كل مصرى، يتخلص من 100 جرام زبالة منزلية يوميا ( وهو اقل معدل عامى للفرد الواحد)، وإذا ما ضربنا الرقم فى 100مليون مصرى، فيجب التخلص من 10مليون كجم طن نفايات يوميا، وإذا أضفنا إليها مخلفات الزراعة والتجارة والبناء والأخشاب، وهى ضغف النفايات البشرية، فإنه يجب علي مصر أن تتخلص من 20 مليون كجم يوميا أي 20 الف طن يوميا، وهو رقم مرعب ولكنه مفيد إذا تم استثماره بشكل جيد.

 تاسعا: الزبالة أصبحت قضية أمن قومى، كونها تمس وبشكل مباشر المنتج السياحى، وتستنزف 24 مليار جنيه تنفقها الحكومة سنويا لعلاج التدهور البيئى، ومن العيب أن تصير عنوانًا لافتا لشوارعنا فى عيون السياح، وكل العيب والله، أن تعجز دولة بحجم وقيمة مصر أن تحل أزمة، هى من وجهة نظرى أقل بكثير من أزمات الكهرباء والخبز والإسكان، التى تم علاجها بتوجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية.

 عاشرًا وأخيرًا.. أعلم أن ملف «القمامة» تم رفعه للرئيس السيسى منذ فترة، وكل ما أتمناه أن يصدر أوامره بأن يكون لهذا الملف الأولوية فى الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولى، وإن لم يسعفه الوقت لاستحداث وزارة للنظافة والقمامة، فعلى الأقل إنشاء هيئة قومية برئاسة وزير دولة، تمنح كل الصلاحيات والأموال والأجهزة والمعدات اللازمة لتخليص مصر من هذا الوباء.

[email protected]