رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عرضنا فى المقال السابق كيف تدهورت قيمة الدولار نتيجة حرب فيتنام بالذات وقيام أمريكا بإلغاء ربط الدولار بالذهب على أساس 35 دولاراً للأوقية بضمان الحكومة الأمريكية وآلاف الأطنان من السبائك الذهبية المودعة بقلعة فورت نوكس، ثم اضطرار أمريكا لبيع هذا الذهب تدريجياً لمواجهة نفقات الحرب الباهظة. وبدلاً من إعلان تخفيض قيمة الدولار فى مواجهة العملات الأخرى مما كان سيسبب خسائر ضخمة لبنوك أمريكا الرئيسية وحى المال فى وول ستريت لجأت أمريكا إلى طبع مئات الملايين من الدولارات الورقية دون رصيد، وأعلنت خاصة لدول البترول الخليجية أن من يرفض قبول الدولار الورقى سواء للنفط يكون بمثابة من يعلن الحرب على أمريكا. وببساطة صدرت أمريكا التضخم للعالم وارتفعت أسعار النفط وباقى السلع إلى أرقام فلكية.

وكانت النتيجة قيام محور عالمى جديد هو دول البريكس (اختصار كلمات البرازيل/ روسيا/ الصين/ الهند/ جنوب أفريقيا) وبدء تكوين مؤسسات مالية واقتصادية جديدة يخرج بها من سجن البنك الدولى وباقى مؤسسات الاحتكار الغربية التى تسيطر عليها أمريكا.

ونشرنا العرض الذى شرح الاقتصادى الأمريكى الشهير وليام إنجدال فى مقال مطول بتاريخ 13 سبتمبر 2017 عنوانه «علينا أن نأخذ بجدية التحدى الصينى - الروسى الأخير للدولار». قدم فيه الوضع المالى العالمى حتى نهاية حرب فيتنام. وما تلاها من خسائر أمريكية باهظة فى حربى أفغانستان سنة 2001 والعراق سنة 2003.

ويستطرد إنجدال فى هذه الحلقة عرضه قائلاً:

إن البنوك المركزية خاصة فى فرنسا وألمانيا كان رد فعلها على الصمم الأمريكى فى موضوع الغطاء الذهبى الذى ساد حتى سنة 1971 بربط الدولار بالذهب على أساس 35 دولاراً أمريكياً للأوقية، كان رد الفعل هو التأهب للتعامل مع القطب الاقتصادى الدولى الجديد «بريكس»، أى الخروج تدريجياً من سجن البنك الدولى الأمريكى. وقد شرح إنجدال فى كتابه «آلهة من النقود: حى المال وموت العملة الأمريكية»، شرح فيه كيف قامت البنوك الدولية الرئيسية مثل «تشيس» و«سيتى بانك» و«بانك أوف أمريكا» باستخدام الدولار البترولى لتدوير مكاسب الدول البترولية فى العالم الثالث خلال سبعينيات القرن الماضى واضعة بذلك بذور ما سمى فيما بعد بأزمة ديون العالم الثالث.. ومن الغريب أن نفس الشخص بول فولكر صنيعة ديفيد روكفلر وبنكه تشيسى مانهاتن هو من قام سنة 1979 بصفته رئيس هيئة الاحتياطى الفيدرالى بإشعال أزمة الديون عن طريق رفع سعر الفائدة إلى عنان السماء.

وكذب على العالم قائلاً إنه فعل ذلك لإيقاف التضخم عالمياً، وكانت الحقيقة أنه يريد إنقاذ الدولار وبنوك وول ستريت.

الدولار اليوم ظاهرة غريبة على أخف الأوصاف له، فمنذ سنة 1971 تحولت أمريكا من دولة صناعية كبرى إلى عملاق يعيش غارقاً فى ديونه داخل كازينو من المضاربين.

فبعد نزول الفائدة بأمر الاحتياطى الفيدرالى إلى صفر فى المائة أو 1٪ خلال التسع سنوات الماضية -وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ النقود- فإن بنوك وول ستريت الرئيسية التى بسبب سوء أدائها وبشاعتها القاتل فى خلق الأزمة الكبرى سنة 2007 والإعصار المالى العالمى سنة 2008 شرعت فى بناء فقاعة جديدة للمضاربين، فبدلاً من تقديم القروض للمدن الغارقة فى الديون لبناء بنية تحتية عاجلة تحتاجها أو مشروعات إنتاجية أخرى لاقتصاد حقيقى قامت بإنشاء صرح ضخم من فقاعة فى سوق الأوراق المالية، فقامت الشركات الكبرى باستخدام القروض الرخيصة فى شراء ديونها ثانية وبذلك تضاعفت أسعار الأوراق المالية فى البورصة تحت خرافة أن هناك انتعاشاً اقتصادياً. وارتفع مؤشر محافظ الأورق المالية SeP-500 بواقع 320٪ منذ نهاية سنة 2008. ويضيف إنجدال أنه يستطيع تأكيد أن ارتفاع سعر الأوراق المالية هذه ليس لأن الاقتصاد الأمريكى نما إلى 320٪. الأسر الأمريكية تحصل الآن على دخل حقيقى أقل كل عام منذ عقود. ومنذ سنة 1988 تجمد متوسط دخل الأسر بينما استمر التضخم فى الارتفاع، وبالتالى استمر الدخل الحقيقى فى الانخفاض. وتضطر الأسر لمزيد من القروض. أما ديون الحكومة الفيدرالية فتعدت عشرين تريليون دولار، وهو مستوى مهول لا يمكن السيطرة عليه. وأغلق العديد من المصانع أبوابها وتحول الإنتاج إلى المصانع خارج أمريكا تاركاً وراءه ديوناً عالية. وتدهور قطاع اقتصاد الخدمات، حيث يضطر الملايين إلى القيام بوظيفتين أو حتى أكثر لمواجهة أعباء المعيشة.

والعامل الوحيد الذى يقى الدولار من الانهيار هو العسكرية الأمريكية وقيام واشنطن بإطلاق منظمات مجتمع مدنى خادعة حول العالم لتسهيل نهب أمريكا للاقتصاد العالمى.

ونقف عند هذه الفقرة إلى المقال التالى.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد