رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

تظل «السعادة» كمعنى وحالة، أجمل الكنوز وأثمنها، رغم أنها أصبحت مفهومًا معقدًا ومتشابكًا مع القناعة والرضا والرفاهية، وشعورًا لا يقتصر على المترفين دون سواهم.

ربما يختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى غيره، بحسب المفاهيم والثقافة والقيم السائدة وجودَة الحياة والحالة الاقتصادية.. وهذا ما يفسر لنا حقيقة الصراع فى هذه الدنيا.

قد نكون متفقين جميعًا على مطلب واحد وغاية واحدة، نتمنى أن ندركها، وهى محاولة تحقيق السعادة بكل أبعادها، سواء أكانت بحروفها أم بمعناها، أو حتى بمدلولها أو حقيقتها، على أقل تقدير!

نتصور أن السعادة التى نستجديها أو نعمل على خلق أجوائها، ليست بالأمر الهين، فهى معنى وهدف وغاية، أو أنها - كما يقول طه حسين - ذلك الإحساس الغريب الذى يراودنا حينما تشغلنا ظروف الحياة عن أن نكون أشقياء.

لكن السعادة‏ ـ كما وصفها تولستوى  ‏تكمن فى تملك‏ ‏ثلاثة‏ ‏أمور: «‏شيء‏ ‏تعمله‏، ‏وآخر‏ ‏تحبه،‏ ‏وثالث‏ ‏تطمح‏ ‏إليه».. أما أرسطو فأطلق اسم «يومونيا» باليونانية على معنى السعادة، بأنها ليست شيئًا نقدمه للآخرين، أو تلبية احتياجات ورغبات مادية فقط.

قبل فترة اطلعتُ على نتائج دراسة مهمة للطبيب النفسى روبرت والدينجر، حاولت الرد على أسئلة شغلت الناس، ولا تزال تؤرق بال الكثيرين، حول الشيء الذى يجعل الحياة جميلة وسعيدة!

دراسة مثيرة ونادرة بدأت فى 1938، وامتدت لأكثر من 75 عامًا، حول تطور الحياة النفسية لكبار السن، خلص فيها الباحث وفريقه إلى ثلاثة دروس مهمة مستخلصة عن السعادة.. فما الذى يُبقينا سعداء وبصحة جيدة ونحن نعيش حياتنا؟

توصلت الدراسة ـ التى تعد الأطول فى التاريخ ـ إلى أن العلاقات الجيدة والصلات الاجتماعية تجعلنا أكثر سعادة وأفضل صحة، وأن الأشخاص الاجتماعيين مع محيطهم يعيشون حياة أطول من غيرهم!

أثبتت الدراسة أن تجربة الوحدة سامَّة وقاتلة، وأن الأكثر عزلة هم الأقل سعادة، حيث تتراجع صحتهم بوتيرة أسرع فى منتصف العمر، كما أن أداء أدمغتهم يتراجع عاجلًا ويعيشون حياة أقصر من الناس المحاطين بأحبائهم!

أوضحت تلك الدراسة أن الإنسان قد يكون وحيدًا فى حشد من الناس، أو وحيدًا فى الزواج أو العمل، لذلك فإن الأمر ليس مجرد كم عدد من الناس حولك، ولكن ما يهم هو نوعية علاقاتك بهم.

تبين بوضوح أن العيش فى خضم الصراعات النفسية أمر سيئ جدًا على الصحة العامة، ولذلك فإن العيش فى خضم العلاقات الدافئة أمر جيد ووقائي، لأنها قد تخفف من صعوبات تقدم السن.

أكدت الدراسة أن العلاقات الإنسانية والاجتماعية ليست وقاية فقط لأجسادنا، بل إنها تحمى أدمغتنا، حيث تبين أن الأشخاص الذين يشعرون بأنهم يستطيعون الاعتماد على الشخص الآخر فى أوقات الحاجة، تكون ذاكرتهم قوية، بعكس الآخرين، الذين يعانون مبكرًا من تراجع الذاكرة.

أخيرًا.. قد يعتقد الكثير أن الشهرة والثروة هما ما نحتاجهما للحصول على حياة سعيدة، لكن بحسب الدراسة فإن السعداء هم فقط هؤلاء الذين يهتمون بالعلاقات الدافئة مع الأسرة والأصدقاء والمجتمع.. فماذا عنك أنت؟

[email protected]