رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

لم أعد أذكر عدد السنوات التى حلمت فيها مع بقية شعوب الأرض، بأن يتخلى الغرب الأمريكى والأوروبى عن أحلامه الاستعمارية، وأن يضع مبادئ الثورة الفرنسية فى الحرية والإخاء والمساوة موضع التطبيق جنباً إلى جنب مبادئ الرئيس الأمريكى «وودرو ويلسون» لبناء السلم بين دول أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، وبينها علنية المعاهدات فى العلاقات الدولية، وإلغاء الحواجز الاقتصادية والمساوة بين الدول المتعاونة فى الحفاظ على السلام، ووضع إدارة عادلة تحقق مصالح سكان المستعمرات، ومنح القوميات الحق فى تقرير المصير، والتعاون مع أى حكومة روسية يختارها الشعب والحد من التسلح، هذا بالإضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة الذى تعهدت فيه الدول فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، بإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، والإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد والحقوق المتساوية للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها، واحترام الالتزامات الناجمة عن المعاهدات والقانون الدولى، وقبل هذا وبعده التعهد باستخدام المنظمة الدولية لترقية الشئون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها. فأين نحن من تلك القيم والعالم على أعتاب حرب كونية جديدة تتجاوز مكان يحدث إبان الحرب الباردة؟!

لقد تهاوت أحلامنا على أعتاب نزعات الهيمنة والسيطرة لقوى الاستعمار الغربى، التى تنتهك بشكل شبه يومى القانون الدولى، وتدخل فى سباق للتسلح غير معهود، وتعتدى على سيادة الدول وتتدخل فى شئونها، وتشن الحروب خارج إطار المنظمة الدولية، وتستثنى الشعب الفلسطينى دون غيره من شعوب الأرض من الحق فى الحياة وفى دولة مستقلة ذات سيادة. ومن استمع مثلى مؤخراً لخطاب الرئيس الفرنسى «ماكرون» أمام جلسة الكونجرس الأمريكى، وتابع جولته فى واشنطن سوف يتبين له زيف ادعائه بالدفاع عن القيم الديمقراطية، ودعوته نظيره الأمريكى لبناء نظام عالمى جديد قائم على ما يقول إنه «القيم التى أرسيانها بعد الحرب العالمية الثانية.. قيم الدولة والسلام»!

ففى أى بند من مبادئ الديمقراطية وقيم السلام تأكيد ماكرون أن هدفه مع الرئيس الأمريكى هو منع إيران نهائياً من امتلاك السلاح النووى؟ وبأى حق يطلب من الرئيس الأمريكى عدم سحب قواته من شمال شرق سوريا، وحثه للتراجع عن إعلانه السابق من الانسحاب منها، بدعوى حرمان إيران من الحصول على منفذ لها على شواطئ البحر المتوسط، فيما الهدف الرئيسى الاستيلاء على المناطق الغنية بالنفط والغاز وإبقاء سوريا مقسمة؟!

بمنطق مساومات التجار ورجال المال والقوة المهيمنة تراجع ترامب عن رغبته السابقة فى سحب قواته من سوريا، مبرراً ذلك برغبة دول المنطقة فى بقائها، داعياً الدول الغنية فيها إلى تمويل استمرار القوات الأمريكية فى سوريا، مفاخراً بأنه لولا الحماية الأمريكية لسقطت بعض الدول فى الشرق الأوسط!

بعد أن تابعت جولة ماكرون لواشنطن، واكتويت بمشاعر جنون العظمة لقوتين استعماريتين تبرطعان فى العالم بالكذب والخداع والتضليل، غفوت من القهر وحلمت، خير اللهم اجعله خيراً، أن ولى العهد السعودى الأمير «محمد بن سلمان» قد قبل الدعوة الإيرانية المشهرة للحوار للبحث عن حلول سياسية لقضيتى اليمن وسوريا، وأنه فى زيارة رسمية لطهران للاتفاق على ذلك، وأن ماكرون وترامب يجلسان على مقهى فى الحى اللاتينى يحتضنان بعضهما البعض، ويبكيان على حرمانهما من نهب ثروات المنطقة، وتحطم أحلامهما بالسيطرة والهيمنة الاستعمارية، وفشل مخططهما فى إضرام نيران الحروب المذهبية والطائفية فى بلدانها، وهى حروب طالما مولت مجمعهما العسكرى بأموال وثروات شعوب المنطقة. اللهم استجب، اللهم أمين!