رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

دائماً ما يحفل الدستور، في كل مكان، بمجموعة من القيم والمبادئ الإنسانية المركزية، مع تفصيلات تقل وتكثر وتتشعب وفق طبيعة كل مجتمع، والظرف التاريخي الذي وضع فيه الدستور.

من هنا كان الدستور المصري الجديد مرآة صادقة لمبادئ وأهداف الثورة المصرية، وما مرت به التجربة المصرية من منعطفات سياسية واجتماعية ترجمت ما يموج به المجتمع المصري من أحداث وفعاليات يمكن من خلالها بلورة تجربة مصرية خالصة، وإن لم تفقد صلتها بالقواسم المشتركة الجامعة للثورات الشعبية علي اختلاف مواقعها وأزمنتها، باعتبار الثورات الشعبية ظاهرة سياسية واجتماعية منوط بها إحداث تغيرات جذرية تنال من مختلف أوجه الحياة في المجتمع، ولا ينفي ذلك غياب تلك الظاهرة عن مجتمعات كثيرة لم تدرك منها إلا ما تذكره تجارب شعوب أخرى.

ولا شك أن تجسيد ما في الدستور من قيم ومبادئ إنسانية رفيعة، لا يعد أمراً «مفروغاً منه» إذا ما تم إقرار الدستور والعمل به، بل لا يفيد كونها قيد التنفيذ أن يصبح الدستور في صدر قائمة «الإنجازات» التي تحظي من الجميع بكثير من المفاخرة.

فواقع الأمر أن الإرادة السياسية والشعبية تظل دائماً ضمانة لا بديل عنها ولا يعلو عليها، إذا ما كان للدستور بالفعل أن يصبح مكوناً أساسياً من واقع المجتمع، ولا سبيل إلي ذلك في ظل غياب برلمان يدرك حقيقة مسئولياته التاريخية. وعليه فإن المسئولية بالقطع ثقيلة، ولا يمكن التقليل من آثارها علي أول برلمان يمثل الثورة المصرية في وجهتها الصحيحة بعد أن صححت ثورة الثلاثين من يونيه من الانحراف الذي نال من ثورة يناير المجيدة بفعل ممارسات الجماعة الإرهابية التي ارتدت بالثورة إلي مرتكزات حكم مبارك الذي نهضت الثورة لتقتلعه من الحكم.

وعلي ذلك، لا يعد البرلمان المقبل كغيره من البرلمانات التي طالما عاني الوطن في ظلها، بينما القاعة تضج بالمزايدات والمساومات التي أطاحت بحقائق الأمور تحت وطأة حكم مستبد شاء أن يؤمم الإرادة الشعبية، ويحتجز طموحات أغلبية الشعب في مجرد البقاء علي قيد الحياة، ولم تكن إلا البرلمانات الصورية سبيلاً إلي ذلك الزيف الذي عاشته مصر علي مدى عقود طويلة.

تنشأ من هنا، أهمية بالغة للبرلمان المقبل، بموجبها لا يصح أن تتواصل كثير من الممارسات البالية ونحن علي أعتاب خوض السباق البرلماني، بما يفيد البقاء علي ذات النهج القديم، فليست إلا المقدمات تُنبئ بالنتائج، وعلي وجه اليقين.

فعلي خلفية الإخفاق المتكرر في تنظيم العملية الانتخابية، تشهد الساحة الانتخابية تحالفات صورية، ومتاجرة «بالنواب» باتت علنية!، وخطاباً يدعو إلي وحدة الصف وهو إلي الفرقة والاستقطاب أقرب وأدعي؛ ومن ثم باتت الشكوك مشروعة إذ أحاطت بقدرة البرلمان المقبل علي تحمل مسئولياته، والوفاء بمتطلبات ثورة تشريعية حقيقية في غيابها لا تحمل جهود التنمية الشاملة فرصاً حقيقية للنجاح، مثلما تظل الرقابة البرلمانية المقبلة علي أعمال السلطة التنفيذية في حاجة إلي ما يدعم فرص وجودها علي نحو فاعل.

وتبقي المسئولية لا تتجزأ إلا وتشير إلي تراجع عن المسار الثوري، إذا ما غاب برلمان ثوري عن اللحاق بدستور هو الأفضل في تاريخ الوطن، وقيادة حازت شعبية كاسحة حقيقية لا زيف فيها.