رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

عندما يكون الواقع أغرب من الخيال، تكون «الواقعية» مصطلحًا فضفاضًا، بل ومضللًا أحيانًا، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتعاطى مع واقع بائس مرير، أسهم فى إفقار كافة مناحى الحياة، ونضوبها بشكل غير مسبوق!

نتصور أن أصحاب الضمائر الحيَّة، غالبًا ما تكون لديهم «صلابة» تجعلهم يتمترسون حول مواقف بعينها، و«مرونة» فى مقاربة الواقع الأليم، أكثر مما تحتاج فيه من انتهاج أساليب رخيصة أو انتهازية!

ولكن الحقيقة المؤكدة أن سقف «الحريات» ينخفض عندما تتزايد «المحظورات»، التى تزايدت بشكل ملحوظ فى كثير من القضايا التى تمس حياتنا، ما جعلنا نتلمس فقط قائمة الأشياء المسموح بها! وكأننا أصبحنا نعيش فى مكان مغلق النوافذ، لا يستطيع المرء فيه أن يطلق العنان لآرائه، بقليل من الحرية، دون خشية المحاسبة أو المراقبة.

إن وجود «حظر» دائم أو مؤقت، فى معظم ما يحدث حولنا، يجعلنا مكبلين بالأغلال، خشية العقوبة، بل إننا قد نرتاب قبل إبداء رأى ما.. وفى هذه الحالة لن نكون أمام آراء صادقة وشجاعة، نابعة من الإحساس العفوى المباشر، بل أمام حالات من النفاق، أو الرياء المصطنع!

بالتأكيد، لا أحد يرغب فى أن يعيش مناخًا قمعيًا أو استبداديًا، يصيب الناس بالازدواجية، فيُظهرون خلاف ما يُبطنون، ويُتقنون حِرفة استبدال الوجوه والأقنعة، فيُحدِّثون مخاطبيهم فى وجوههم بما يسرهم سماعه، لا ما ينبغى لهم أن يسمعوه أو يعرفوه!

إن الإنسان فى مثل تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والخوف، قد لا يعرف قيمة الصدق مع نفسه أو مع مجتمعه، لأنه بكل أسف سيُكيف حياته وفقًا لمبدأ «السلامة»، لا وفق مبدأ الشجاعة، فى سبيل ما يؤمن به ويعتقده، مما يجعل «الضرورات تُبيح المحظورات»!

فى أجواء كتلك التى نتحدث عنها، قد تهيمن أجواء انعدام الثقة بين الناس، فتشيع بينهم اللامبالاة، ويؤثرون الصمت والالتفات إلى مصالحهم الخاصة، والحفاظ على لقمة العيش، حتى يصبح النفاق طبعًا متأصلًا فيهم!

لذلك، عندما يغيب المنطق، لن نستطيع العيش فى «وهم» الطمأنينة والراحة النفسية، لأن الذين يعيشون حرية داخلية هم الذين توحدت نفوسهم واتسقت بين ظاهرها وباطنها، فهم غير معنيين بإرضاء أحد سوى ضمائرهم، حيث الضمير صوت الله المنبعث من داخل الإنسان.

إذن، الأحرار هم فقط الأقوياء روحيًا، حتى لو كانوا فقراء، لأنهم لا يعانون من الاهتزاز الداخلى والشعور بدناءة النفس أو الحاجة إلى التملق.. يلقون كلماتهم النابعة من أرواحهم الحرة، غير عابئين أو مكترثين بأحد!

الأحرار فقط هم من كانت كلماتهم نابضة بالحياة، تترك أثرًا عميقًا فى النفوس، وتحرك الطاقات الساكنة بها، كما تكون قادرة على الإلهام واستثارة كوامن الخير وإحياء الضمائر الساكنة أو الساكتة.. أو التى خرجت ولم تعد!

إن الظلم هو مثال صارخ للحالة القصوى من التردِّى الإنساني، ولذلك لا يمكن أن تكون هناك حرية فى ظل أجواء مشوبة بالقمع أو الاستبداد، ولو سلَّطنا على الإنسان سيف الخوف وفتنَّاه عن حريته بوسائل الإكراه، فلن نجد إلا مسوخًا مشوهة ومهترئة، لا تُحسن سوى التصفيق وهز الرؤوس!!

[email protected]