رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 حسنا.. سنعتبر الاتفاق الذى أعلنه الرئيس التركي.. على تسليم الخرطوم إدارة جزيرة «سواكن» السودانية.. شأنا داخليا للسودان وعملا سياديا لا ينبغى التعليق عليه.. لن نشكك فى دوافع ونوايا «الأشقاء».. ولن نطرح التساؤل المنطقي: إذا كانوا يسلمون أراضيهم طوعا للأجنبى لكى يديرها نيابة عنهم، ففيم إذن النزاع والخلاف الذى يفتعلونه مع مصر حول حلايب وشلاتين؟!

•• لكن

لا يعنى ذلك ألا نسأل ونبحث: لماذا «سواكن»؟ وماذا يريد أردوغان «الإخواني» من البحر الأحمر؟ وما تأثير ذلك علينا؟ وكيف نتصدى لهذا التأثير؟

نتوقف هنا أمام عبارة خطيرة الدلالة قالها أردوغان وهو يعلن عن اتفاقه مع البشير.. إذ قال: «طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم».. فما هو هذا «الأصل القديم» الذى يتحدث عنه الرئيس التركي؟

•• تاريخيا..

كانت «الدولة العثمانية» المحتلة للسودان تستخدم جزيرة سواكن كمركز لقواتها البحرية ومقر للحاكم العثمانى لمنطقة جنوب البحر الأحمر.. وهى الجزيرة التى يجرى إعادة تسليمها الآن مرة أخرى للأتراك.. دون حرب أو احتلال.. ليعيدوها إلى «أصلها القديم».. ذلك الذى يتضح أن أردوغان يعنى به تحويل الجزيرة مرة أخرى إلى «قاعدة بحرية تركية».. وغالبا هذا هو مضمون «الملحق السري» للاتفاقية الذى صرح الرئيس التركى بوجوده لكنه امتنع عن ذكر تفاصيله.

•• السؤال:

لماذا تريد تركيا قاعدة عسكرية على البحر الأحمر؟

ليس خافيا أن البحر الأحمر صار خلال الأعوام الأخيرة الماضية منطقة صراع نفوذ بين قوى دولية وإقليمية.. اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. أمريكا أقامت أكبر قاعدة عسكرية لها فى إفريقيا بدولة جيبوتى على مضيق باب المندب حيث المدخل الجنوبى للبحر الأحمر.. كما توجد هناك فى نفس الدولة قواعد عسكرية لفرنسا والصين.. إلى جانب تواجد قوات يابانية.. وسعودية.. و«قطرية» أيضا..!!

واسرائيل متواجدة بقوة على خريطة هذا الصراع.. حيث تمتلك العديد من القواعد العسكرية فى إريتريا الواقعة كذلك على مضيق باب المندب.. وهناك على الشاطئ الآخر من المضيق تتواجد إيران بقوة فى اليمن خلف حلفائها الحوثيين.. فى الحرب ضد قوات التحالف العربى الذى تقوده السعودية والإمارات.

كما يدرك أردوغان أهمية التواجد التركى فى هذا المنطقة.. لأن من يمتلك السيطرة على المضيق يسيطر على البحر الأحمر بأكمله.. حيث الطريق لنقل بترول الخليج إلى الغرب.. ومن قبل نجحت تركيا فى الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية لها فى الصومال.. وها هى تنجح مرة أخرى فى تعزيز تواجدها على البحر الأحمر من خلال «سواكن» السودانية.

•• أين نحن من كل ذلك؟

مصر تدرك جيدا تطورات هذا الصراع وانعكاساته على أمنها القومي.. حيث تشكل تلك المنطقة البوابة الجنوبية لقناة السويس.. ومن يتحكم فيها يتحكم فى القناة.

ومن هنا جاء إنشاء قيادة الأسطول البحرى المصرى الجنوبى حيث تتمركز حاملة مروحيات الميسترال «جمال عبد الناصر».. ومن هنا جاءت أيضا الأهمية الاستراتيجية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية الذى وقعته مصر مع السعودية، والذى تعارضه السودان وتقدمت بشكوى رسمية ضده إلى الأمم المتحدة.

•• ويظل السؤال قائما بعد ذلك: هل يمكننا بالفعل أن نتقبل اتفاق «سواكن» هذا بحسن نية أو اطمئنان إلى «الإخوان» فى الخرطوم؟!!