رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحم الله الروائي والكاتب الصحفي جمال الغيطاني، الباحث في التاريخ المصري  والدارس لمكونات الشخصية المصرية، فقد كان الحوار معه له مذاق خاص لأنه حكاء ثري وصاحب أسلوب جذاب يمزج التجارب التاريخية المليئة بالانتصارات والانتكاسات بنضال وأحلام وطموحات وإحباطات المصريين، فيتنوع الحوار معه حول التاريخ والهوية والسلطة والثروة والمهمشين والفقراء والمرأة.

عرفته بملامحه المصرية المنحوتة علي جسد نحيل نال عمليتين جراحيتين في القلب، ولكنه يحمل هموم وطنه فوق أكتافه ورغم أن عمره لم يتعد السبعين إلا أنني كنت أتشكك أنه صاحب خبرات 7 آلاف سنة، وكنت أراه شيخا للحارة المصرية الدارس والحارس لعادات وتقاليد ودهاليز الحارة والقرية في بحري وقبلي، كأنه يملك أسرارها أو أرسلته الأساطير المصرية القديمة إلي هذا العصر ليدافع عنها ويصونها ويحميها.

وكان يضحك كثيرا عندما يصفه أحد بالانتماء الي جيل أدباء الستينيات، ويقول كبرنا وشخنا ومازال يطلق علينا أدباء الستينيات، وكان يعتبر نفسه تلميذ الفترة الليبرالية وثورة 1919، التي تبلورت خلالها قمة الشخصية المصرية من 1923 حتي 1956، باعتبار أن أساتذته نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيي حقي وهم أبناء المرحلة الليبرالية، ورغم ناصريته الشديدة، إلا أنه كان يؤمن إيمانا شديدا بزعامة سعد زغلول الذي فهم مصر وشعبها وآمن بالحريات واحترامه للدستور والقانون وتميزه بالوطنية الشديدة، مؤكدا صعوبة الزعامة في مصر التي لا تولد إلا بالمواقف، ولم تتحقق إلا لسعد زغلول في 1919 ولعبدالناصر في أزمة 1956 بعد خطابه علي منبر الأزهر وأعلن الجهاد، ولهذا فهو مدين لعبدالناصر بالعدالة الاجتماعية، مؤكدا اشتراك الفترتين في التعبير عن روح مصر بقوة من خلال هؤلاء العمالقة، ولهذا لم يكن يري كاتبا موهوبا إلا إذا تبني أفكار النهضة والتقدم.

قال إن والده كان يأمره بتقبيل يد «القسيس» بفضل ثقافة التعايش التي يتعايشها المصريون بفضل ركائز الثقافة المصرية القوية لأنها تهضم جميع الثقافات والأجناس ولهذا يتعايش المصريون دون تفرقة، وهذه خصوصية مصر التي اعتبرها «الغيطاني» مثل الظواهر الطبيعية لأن مصر لم تصنع بل صنعتها الطبيعة بتركيبة تختلف عن أي تركيبة أخري جعلتها تتميز بخصوصية متفردة بسبب عبقرية المكان كما وصفها جمال حمدان، لكن «الغيطاني» كان يراها مصيبة وليست عبقرية لأنه جعل مصر مطمعا للطاعمين بما اقتضي وجود جيش قوي للدفاع عنها، فأصبح له دور أساسي ورئيسي في الحضارة المصرية لأنه تشكل من أبناء الشعب المصري ككل فأصبح مصدرا للقومية المصرية.

اعتقل «الغيطاني» عام 1966 في سجن «المزرعة» و«القلعة» وكان طعامه 10 زيتونات ونصف رغيف وكانوا يستردون نواة الزيتون حتي لا يتسلي بها المعتقلون.. ولكنه كان يقول: من الموضوعية أن تعلو علي ذاتك، ولهذا دافع عن عبدالناصر لأنه كان يقول إنه يتبني الاشتراكية، ولكن «الغيطاني» لم يرها مثل اشتراكية الاتحاد السوفيتي ثم بعد مرور الزمن كان يضحك ويقول اكتشفت عدم وجود الاشتراكية لا هنا ولا هناك.

عاش «الغيطاني» حربي الاستنزاف وأكتوبر مراسلا عسكريا لصحيفة «الأخبار»، وكتب رواية عن البطل إبراهيم الرفاعي عام 1979، واشتراها التليفزيون المصري منه ولم تصور لتعرض حتي وفاته.