رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى 28 سبتمبر تحل ذكرى وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، وبعد 47 عاماً من الرحيل لازال عبدالناصر فى الضمير الشعبى، مثله كذلك الفنان إسماعيل يس..ربما لا يرى البعض أن هناك أية علاقة بين الزعيم الخالد والممثل الكوميدى.. وربما يستنكر البعض أيضاً هذه المقاربة بين «الجد والهزل».. ولكن الواقعية السياسية التى نعيشها هذه الأيام، والتى جمعت بين السيد عمرو موسى والنجم محمد رمضان، هى التى جمعت بين «ناصر» و«سمعة» اللذين بقيا فى قلب الشعب، وماتا دون أن يكرمهما أحد سوى الشعب، ولم يكن غريباً أن ينتفض الشعب غاضباً، رغم مرور كل هذه السنوات على رحيلهما، لما قاله موسى فى مذكراته فى حق عبدالناصر إنه كان يستورد الجبن السويسرى، وما قاله رمضان فى حق يس إنه أساء للجندى المصرى!

ولكن.. الحقيقة أن أوجه الشبه بين جمال عبدالناصر وإسماعيل يس كثيرة، فكلاهما قام بثورة فى السياسة، والآخر بثورة فى الكوميديا.. عبدالناصر هو الممثل الشرعى الوحيد، والمقترن اسمه بثورة 23 يوليو. وإسماعيل يس هو الممثل الوحيد فى تاريخ السينما المصرية والذى كانت أفلامه تحمل أغلبها اسمه. وكل منهما صنع نفسه بنفسه.. عبدالناصر هو الذى فكر فى تنظيم الضباط الأحرار وهو الذى اختار الشخصيات التى تقوم معه بالثورة، وهو الذى حدد موعدها.. ومهما اتفقنا أو اختلفنا فى شخصية عبدالناصر، وما يقال إنه توارى خلف محمد نجيب لنجاح الثورة، فهو مازال الرمز لهذه الثورة سواء كان البعض معها أو البعض ضدها.. وإسماعيل يس هو الكوميديان الوحيد الذى مازال يُضحك الكبار والصغار معاً، وقد بدأ من الصفر فى عالم الغناء والسينما وعمل منولوجست وكومبارس وسنيداً للبطل حتى أصبح نجم النجوم!

ولجأ عبدالناصر إلى إسماعيل يس عام 1955، لضمان نجاح ثورته، بتقديم عمل فنى امتزجت فيه السياسة بالفن، من خلال فيلم «إسماعيل يس فى الجيش» وقد حضر جمال عبدالناصر وعدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة العرض الأول للفيلم فى سينما ديانا بالقاهرة. ونشرت مجلة الكواكب تغطية لهذا الحفل وقالت: «إن عبدالناصر ضحك كما لم يضحك سابقاً، حيث إنه استشعر رسالة الفيلم والأهداف التى يرمى إليها إسماعيل يس، فقد كان الجيش الذى قام بثورة يوليو المجيدة فى حاجة إلى جسر تواصل بينه وبين الشعب الذى بارك الثورة».

وعندما ضاقت الظروف بإسماعيل يس فى نهاية عمره لم يجد سوى الرئيس الراحل عبدالناصر ليشكو له، ويقال إن إسماعيل يس أرسل خطابًا للرئيس كان نصه «أرجو أن أعود للعمل.. فالعمل هو صحتى وحياتى، وألا يكون هناك حكم بالإعدام ضدى فأموت.. عاطلاً.. بائسًا.. تملأ الدموع عينى بعد أن ملأت قلوب الناس بالأفراح». وحسب رواية السيدة سامية شاهين زوجة المخرج الراحل ياسين إسماعيل يس نجل الفنان الراحل، فى تصريحات صحفية أن مراكز القوى كانت وراء محاصرة إسماعيل يس، وأن نجل إسماعيل يس كان صديقاً لأبناء الرئيس الراحل وتحديدًا الابن الأكبر خالد، وفى يوم عاد «يس» للبيت ليجد والده فى حالة يرثى لها، وعندما عرف منه أن محافظ القاهرة قد استولى على سيارته، فاتصل بصديقه خالد عبدالناصر ليبلغ والده، وبالفعل اتصل عبدالناصر بالمحافظ على الفور، وأمره بإعادة السيارة إلى منزل إسماعيل يس وتقديم اعتذار له.

ومن الطرائف التى جمعت بين الزعيم والكوميديان ما رواه الماكيير السينمائى محمد عشوب، أنه أثناء زيارة الرئيس عبدالناصر للمغرب وكان يسير بجوار ملك المغرب سمع صوت مواطن يناديه بصوت عالِ، فالتفت له الرئيس ليقول له «بالله عليك سلملنا على إسماعيل يس».

والأهم من كل ذلك أن عبدالناصر قام بثورة ولم يجمع ثروة، وإسماعيل يس صنع مجداً ولم يصنع ثروة، وكلاهما مات بنوبة قلبية، كان سببها الإحساس العميق بالهزيمة، والانكسار والحسرة على تاريخ طويل من النضال السياسى والفنى.. ولكن ماذا سيتبقى من عمرو موسى ومحمد رمضان ومن سيكرمهما فى النهاية ؟!