رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مع بزوغ شمس 26 يوليو 1952 أى فى اليوم الثالث لاستيلاء الضباط الأحرار على السلطة فى مصر وقبيل إجبار الملك فاروق على الرحيل مساء نفس ذلك اليوم، عززت القوات المرابطة حول قصرى عابدين والقبة من تواجدها، ونشرت الأسلحة الثقيلة على منافذهما، بينما حلقت الطائرات فى السماء وفى الوقت نفسه وقبيل الساعة الثامنة صباحاً كانت الدبابات والمدافع والسيارات المصفحة قد حاصرت قصر رأس التين موجهةً فوهات المدافع نحوه، كما صدرت التعليمات بإغلاق الميناء بينما صوبت قوات السواحل مدافعها من جهة الأنفوشى نحو القصر، هذا بالإضافة إلى وجود سرب من القاذفات كان يجوب الشوارع  ذهاباً وإياباً بقصد منع أية حركة دخول أو خروج من وإلى قصر التين، وكذلك فرض الجيش حصاراً كاملاً على قصر المنتزه، واتخذت قواته مواقعها فى كافة ميادين الإسكندرية فى حين طافت طائراته فوق سمائها، وامتلأت الشوارع بالعسكر المحملين بأجهزة لاسلكية متنوعة كان ما يبدو للعيان أن هناك احتياطات تُتـَّخذ ضد أى طارئ قد يقع.

 ورداً على ما يجرى خارج قصر فاروق، قام الأخير بتحصين القصر بعد أن حوَّل إليه كافة الحرس، وكانت هناك فصيلة سودانية كاملة قامت بتثبيت المدافع عبر الممرات كما نصبت أخرى فى حديقة القصر وحدث تبادل بسيط لإطلاق النار بين رجال حرس الملك والقوات المُحاصِرة، أسفر عن مقتل شخص من كلا الجانبين وجرح عدد آخر، بينما اُعتُقِلَ «النجومى» الذى خرج كى يستفهم عما حدث، وعقب ذلك توجه أحد ضباط الحراسة حاملاً العلم الأبيض ناحية القوة المُحاصِرة، وكانت النتيجة إصدار قائد تلك القوة أمره بوقف إطلاق النار بشرط أن يستسلم الحرس الملكى واستسلم الحرس فعلاً.

انزعج فاروق لما يحدث وانهار تماماَ واتصل غاضباً بعلى ماهر باشا رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، والذى كان موجوداً بفندق «سان ستيفانو» والذى حضر على الفور وهدَّأ من روعه وأوضح له أن الأمر قد تم احتواؤه وبمجرد مغادرة على ماهر باشا القصر اتصل الملك أيضاً بالسفير الأمريكى ليخبره بأنه فى خطر حقيقى، وأن قوات الجيش قد دخلت ساحة القصر بالقوة، وأن إطلاق الرصاص لا يتوقف والحالة ميؤوس منها، على الفور تحرك السفير جفرسون واتصل بعلى ماهر باشا محذراً إياه من المساس بحياة الملك وأى من أفراد أسرته، وحَمَّله هو وقيادة الحركة المسئولية كاملةً إذا ما تعرض الملك لمكروه، وحرصاً على عدم المساس بالملك اتصل السفير الأمريكى باللواء محمد نجيب قائد الحركة وذكَّره بتعهداته التى سبق أن قطعها نجيب على نفسه وعلى الحركة والتزما فيها بعدم المساس بحياة الملك وأسرته وضمان سلامتهم، وتعليقاً من نجيب على ما جرى حول قصر الملك من أحداث دموية أكد نجيب أنها كانت بمحض الصدفة وخطأ غير مقصود نتج عن قيام حرس الملك الشخصى بالبدء فى إطلاق النيران على قوة الجيش التى كانت موجودة خارج القصر مما اضطر هذه القوة للرد.

عاود السفير الأمريكى اتصاله بالملك لطمأنته، وذكر له تعهدات نجيب بالحرص على حياته لكن السفير فوجئ بأن الاتصالات قد قُطِعَت تماماً عن قصر رأس التين، مما اضطره لإرسال أحد كبار مسئولى السفارة بنفسه لإبلاغ الملك بما جرى.

وللحكاية بقية فى الأسبوع القادم