عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أكد المدير العام السابق لليونسكو العلاقة الضاربة الجذور بين العبودية والعنصرية، مثل هذا الربط من قبل مسئول دولي كبير سبق ما جرى من ثورات واحداث عنف في منطقتنا العربية بسنوات، ولكنه ربط يدعونا للتوقف والتأمل خاصة وان العديد من جهات البحث نبهت الى العبودية والعنصرية الجديدة الناجمة عن موجات العنف المصطنعة التي تضرب المجتمعات النامية، ومثل هذه الحالة تثير علامة استفهام كبرى عن شكل دول الربيع العربي التي تفترسها ميليشيات العنف الطائفي والمذهبي التي تمارس أبشع انواع القهر والعبودية ضد الفصائل الاخرى بالمجتمع، وكنت آمل لو ان اجهزتنا الاستخباراتية ومراكزنا البحثية سلطت الضوء على هذه المسألة الشائكة وتعطينا مؤشراً علمياً عن شكل هويتنا العربية المستقبلية في ضوء هذه الممارسات الهمجية .

كل المعطيات على الأرض تفيد بأننا مقبلون على مجتمعات عربية مختلفة تماما عن تلك التي عرفناها حتى عام 2010، فلن تكون سوريا الجديدة هى كما عرفانها ريحانة الشام العربي، ولن تكون ليبيا كما اختبرناها بوتقة المد القومي، ولن تظل اليمن بوابة الصمود العربي في باب المندب، خاصة في ظل رياح التغيير المسمومة التي تهب علينا من الغرب بهدف تأجيج الصراع العرقي العربي .

القضية ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بفرص التقدم والتطور التي يعلقها الغرب على اكتمال ثورات الربيع العربي، فحتى لو تحقق هذا الجانب، وهو امر مشكوك فيه، فإنه سيقوم على إرث من الحقد الاجتماعي يصل الى مراتب العنصرية والعبودية يصعب التخلص منها مع مرور الوقت، ولنا في التجربة الامريكية خير مثال فرغم ما وصلت اليه الولايات المتحدة من رفاهية دولية الا ان الحقيقة التي حاولت الأجهزة الامريكية أن تخفيها، هي أن المجتمع الأمريكي يعيش حاليا فورة من المشاعر العنصرية والعرقية، تغلغلت بين أوصاله، بشكل فشلت معه كل محاولات التجميل الرسمية.

يحدث هذا رغم ان الجذور الأولى للمئات من الجماعات العنصرية والدينية التي يموج بها المجتمع الأمريكي حاليا  ترجع إلى ما قبل الحرب الأهلية التي شهدتها امريكا في سالف الزمان، والتي كانت إفرازاً طبيعيا لهذه العنصرية المتفشية في ذلك الوقت، وكان رفض الجنوبيين لقرار الكونجرس إلغاء العبودية في جميع أنحاء الولايات المتحدة السبب الرئيسي وراء اندلاع الحرب بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، فالعبيد السود كانوا قوة العمل الأساسية في مزارع الجنوب الضخمة، وكانت تجارة العبيد راس مال الكثيرين من سكانه.

وعلى الرغم من أن ولايات الشمال حسمت الحرب لصالحها وتم إلغاء العبودية في أمريكا، إلا أن الكثيرين لا زالوا حتى الآن يرفضون الاعتراف بذلك، وكان من الطبيعي أن يتركز معظم هؤلاء في الجنوب، وجاء الفراغ الروحي الكبير، والذي أصاب المجتمع الأمريكي نتيجة المادية المتصاعدة بين الأمريكيين، ليضيف إلى جماعات اليمين العنصري قدراً لا بأس به من جماعات اليمين المسيحي المتطرف إن التداخل بين عنف الفرد والدول في أمريكا يجعل من الصعب تحديد : هل تطرف الفرد هو المسئول عن عنف الدولة في أمريكا، ام أن تطرف الفرد هو الذي يقف وراء عنف الدولة.

والمتتبع للمشهد الامريكي في الأشهر الاخيرة يلاحظ مدى تصاعد موجة العنف العنصري داخل المجتمع الامريكي والتي عبرت عنها مظاهرات السود الاحتجاجية في كل مكان، صحيح امريكا وصلت القمر ولكنها ربما تكون محاولة للهروب من مستنقع العبودية والعنصرية الذي تغوص فيه، ولبيقى السؤال: ما هو شكل المجتمعات العربية بعد أن تضع موجة العنف أوزارها؟ هل حسبت اجهزتنا حساب هذا اليوم العصيب؟

[email protected]