عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

السجن عقوبة تأديب.. تأهيل للنفس واسترجاع للإنسان المسالم. ليس قهراً ولا قمعاً وعذاباً. ليس طرداً من الحياة وخلعاً من التمدن. لا يصح أن يتحول إلى مفرخة للإرهاب ومزرعة للإجرام. السجين إنسان له حقوق حتى لو كان خارقاً للقانون، وأبسط حقوقه أن يُحبس فى مكان لائق للحياة.

أكتب ذلك وأنا حزين على ما وصلت إليه سجون مصر من تدهور وتخلف وإهدار للكرامة الإنسانية. من يقرأ مأساة أحمد الخطيب ذى الاثنين وعشرين عاماً يعرف كيف صار الحبس فى بلادنا أصعب من الإعدام. صار قتلاً بطيئاً يتم فيه خنق خلايا الكرامة فى الإنسان خلية خلية، ثُم يجرى سحق إرادته وذبح روحه بالإهمال، وتركه عرضة للأمراض الأوبئة. دخل أحمد الخطيب سجن وادى النطرون مُتهماً، فلم يحتمل فيروسات القذارة المُنتشرة فأصابته إحداها بمرض نادر أخطر من السرطان يسمى «الليشمانيا الحشرى» والذى يأكل جسد الإنسان سريعاً ويُنهى رحلته على الأرض. من خلف القُضبان بعث أحمد برسالة لأمه يخبرها أنه يموت ببطء. لا علاج ولا رعاية ولا فرصة للتنفس. الحشرات والفئران تُشارك السُجناء طعامهم وفراشهم وأحلامهم. يُحجزون عشرات فى عنابر ضيقة ومُختنقة برائحة البول والعطن، يتحولون إلى أرقام، وتُمارس الأمراض الخطيرة تجاربها عليهم كُل يوم.

وصلت رسالة أحمد الخطيب إلى أهله، فعرفها العالم. غيره مئات مرضوا، وماتوا نتيجة سوء الأوضاع، والقلوب المُتحجرة، واللااهتمام بحيوات المُذنبين. آخرون مئات أو ربما آلاف يعانون الوجع وسوء التنفس وسوء التغذية وإهدار الكرامة. كثيرون لا نعلمهم، إنما يعلمهم علام الغيوب ينزفون أرواحهم كمداً ومرضاً وإهمالاً.

سيقول المتحجرون إنهم مجرمون. إخوان. إرهابيون. دُعاة عُنف. مشاريع قتلة. ولو. سيقول الموالسون إنهم خرقوا القانون، وآذوا المُجتمع، وفكروا وخططوا وتآمروا. ولو أيضا ً. الإنسان إنسان، وإدارات السجون مسئولة أمام المجتمع عن حماية أرواح المذنبين لديها. ألا يعلم مدير إدارة السجون المصرية أن السجين، مجرم، سارق، مذنب، إخوان، أو حتى إرهابى يخضع لعقوبة واحدة اسمها الحبس لا القتل. الحرمان من حرية الحركة لا التعذيب وهدر الإنسانية، تحديد الإقامة وليس إلقاؤه فريسة للأمراض النادرة والخطيرة.

إن وزارة الداخلية مطالبة بإصدار تقرير سنوى واضح عن حالة السجون المصرية. كم عدد الوفيات بين المساجين؟ وكم عدد المرضى؟ وما هى أهم الأمراض المنتشرة؟ وكيف يتم الوقاية منها؟ وما هى مواطن الخلل فى السجون القائمة؟ وهل تتفق لوائح السجون المصرية مع اتفاقية حقوق الإنسان الدولية التى وقعتها مصر؟ وهل هناك حالات مخالفة؟ وكيف يتم تصحيح الأوضاع؟

لقد لعب عريان سعد يوسف كرة القدم داخل السجن عندما كان متهماً بتكدير الأمن العام، وكوّن أنور السادات وزملاؤه المساجين المتهمون فى قضية اغتيال أمين عثمان فرقة تمثيل مسرحية فى سجن الأجانب، وتعلّم الشاعر أحمد فؤاد نجم مبادئ الماركسية فى سجون الستينيات، ثم تحولت سجون مصر بعد ذلك إلى مفارخ للإرهاب ومصانع لإنتاج الشواذ من البشر بما فيها من توحش وإهمال ولا إنسانية.

والله أعلى وأعلم.

[email protected] com