رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين


أكثر من 4 سنوات مرّت على المأساة التي تعيشها سوريا الشقيقة.. ربما تكون الأحداث قد بدأت بانتفاضة أو ثورة ضد نظام بشار الأسد.. ولكن ومع مرور الوقت لم تعد ثورة تقود نحو الإصلاح، بل أصبحت حرباً بالوكالة شاركت فيها قوى إقليمية ودولية، وتسببت في دمار دولة وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين في داخل سوريا وخارجها.. حتى انتهى الأمر إلى غرق اللاجئين ومن بينهم الأطفال في البحر الذي لفظ جثثهم إلى الشواطئ في مشهد مأساوي.
 

منذ أكثر من عامين، سافرت للعمل في دولة الإمارات، في رحلة لم تستمر سوى عام واحد، وهناك تعرفت على صحفي زميل من سوريا، لم يكن التعارف وجهاً لوجه، ولكنه كان تعارفاً اليكترونياً.

 

فوجئت بأن الرجل الذي يعمل مراسلاً لموقع رياضي يداوم على إرسال الأخبار الرياضية من سوريا، كنت دوماً أسأل نفسي: كيف يكون هناك رياضة في تلك الحرب الأهلية، وكيف يكون هناك شخص حريص على عمله بتلك الطريقة التي يمكن أن تُكلّفه حياته وهو يتنقل بين البلدة والأخرى؟، من هنا بدأت القصة...

كنت دائماً أتحاور معه، وأسأله عن الأوضاع في سوريا، لا أعلم إن كان مؤيداً للنظام السوري أو معارضاً له، فلم تعد القضية الآن على الأقل قضية نظام كان سبباً فيما آلت إليه الأوضاع في سوريا بدون شك، ولكنه ليس السبب الوحيد.

بعد فترة من التعارف، وتطور الأوضاع على الأرض في مصر بعد ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم جماعة الإخوان الإرهابية، كان الرجل دائماً يسأل عن الأوضاع في المحروسة، وكان شديد القلق على مصر التي يعشقها وله فيها ذكريات لا تُنسى مع النيل وعصير القصب بشكل خاص..

 

وفي يوم فوجئت به يطلب منّي أن أنقل رسالة إلى الشعب المصري، وقرأت الرسالة، ولا أعلم لماذا لم أنشرها في وقتها، ولكن تطور المأساة السورية جعلني أنشر الرسالة التي كتبها الزميل عبدالباسط نجار في ديسمبر 2013، دون أي تدخّل بالإضافة أو الحذف:

رسالتي للأشقاء والأصدقاء في مصر..
 

نحن في سوريا كنا نسير نحو الطريق الصحيح وللأفضل في الكثير من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والحضارية والمالية والفنية والرياضية والسياسية والدينية، فلم يعجب ذلك الكثير وخاصة من دول الجوار فبدأ البعض بإدخال أفكار غريبة وعجيبة وطرح شعارات، فخرجت مظاهرات فتحولت لمشاجرات ونزاعات وقتال وحرب شوارع فقسمت البلاد تحت شعار الحرية وتمزقت سوريا ودمرت بعد دخول عشرات الآف من العرب والأجانب تحت مسمى الجهاد فتراجعنا لخمسين سنة للوراء، وربما أكثر.

وفي كل يوم لدينا عشرات الشهداء ومئات المفقودين وضاعت الطاسة والكل يتفرج علينا من أشقاء وأصدقاء وأعتقد بأنه لا توجد عائلة إلا وفيها شهيد أو غائب بلا عنوان ولدينا 4 ملايين مشرد في المخيمات و2 مليون مهاجر قسري مع ومئات التجار متواجدين في سوريا منهم لتجارة الاعضاء ومنهم لتجارة الدماء ومنهم لتجارة النساء والاطفال، مع العلم بأننا في سوريا لم نفتح مخيم واحد للأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين بل فتحنا لهم بيوتنا وقلوبنا لنفاجئ بأنهم يفتحون لنا مخيمات لا تصلح ليسكن فيها ( إنسان ) ولذلك أتمنى منكم أيها الأشقاء في مصر أن تنتبهوا وتكونوا حذرين ويقظين على بلادكم الجميلة فالمخطط يهدف لجركم للدماء والطائفية والقتال بين الأخوة كما حدث معنا لا تتسرعوا وكونوا على قلب رجل واحد تحت شعار حب مصر وترابها فوق كل المصالح  وفهمكم كفاية يا سادة .
 

أخوكم من سوريا عبد الباسط نجار..

انتهت الرسالة.. ولكن القصة لم تنته، فخلال الفترة التالية للرسالة ساءت الأوضاع يوماً بعد يوم في سوريا، ولكني لم أجد الزميل نجار يلعن بلده أو يسبُها أو يسخر منها، حتى عندما انقطعت المياه عن عشقه الأول حلب لمدة 21 عاماً كتب طالباً الدعاء لأن "ريحتهم طلعت"، حسب تعبيره، وسبق بها اللبنانيين الذين ثاروا على تراكم القمامة في الشوارع. كنت دائم السؤال عن أحواله عندما أعرف بتطورات الأوضاع، وسألته مرة: من الذي يقتل السوريين؟، قال لي: لا أعرف، نحن محاصرون بين نيران 4 جيوش "النظامي والحر وجبهة النصرة وداعش"، ولا نعلم من أين تأتينا النيران التي تحمل الموت.

 

لا يزال الوقت طويلاً كي يُسدل الستار، المعركة لم تنته، وما حدث في سوريا كان قريباً من مصر لولا إرادة الله تعالى ثم إخلاص المُحبين لهذا الوطن.. الطابور الخامس لن يسكت، وستجده في كل زمان ومكان يحاول أن يسخر من فكرة الوطن بشعارات العدالة والحرية والديمقراطية، واعلموا أن قطاعاً عريضاً من رافعي تلك الشعارات لا يريدون الخير لمصر ويجعلون من شعاراتهم ستاراً لأهدافهم الخبيثة..