عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

وقفنا فى المقال السابق عند مذبحة إبادة الأرمن من خلال الحرب العالمية الأولى عام 1915 فى تركيا العثمانية عندئذ التى تؤكد الأدلة أن الجريمة كانت من تدبير جمعية تركيا الفتاة بالجيش العثمانى التى كانت قيادتها فى يد يهود الدونمة وعلى رأسهم أتاتورك نفسه الذى كان جنرالاً فى الجيش العثمانى عندئذ، وبعد ذلك حليفاً قوياً للصهيونية العالمية ومدافعاً شديداً عن حق اليهود فى إنشاء دولة لهم فى فلسطين.

وترد إسرائيل الجميل اليوم بعدم اعتبار مذبحة الأرمن جريمة إبادة للشعوب وتتجنب الحديث عنها ليس حرصاً على العلاقات التركية الإسرائيلية فقط، ولكن لمعرفة إسرائيل ويهود الدونمة فى تركيا أن المذبحة كانت من تدبير قيادة يهود الدونمة فى الجيش العثمانى، وأنهم كانوا بزعامة أتاتورك بعد استيلائه على السلطة وراء سحق التقاليد الإسلامية فى تركيا وتحويلها إلى دولة علمانية خالصة واستبدال الحروف العربية التى كانت تكتب بها اللغة التركية عندئذ بحروف لاتينية، وقامت قيادة الدونمة أيضاً بمذبحة على نطاق أصغر ضد الآشوريين المسيحيين، كما قامت بطرد اليونانيين المسيحيين من تركيا بمباركة كاملة من الصهيونية العالمية قبل قيام إسرائيل.

ولم يمر حكم يهود الدونمة فى تركيا دون مقاومة، فقامت حركة عرفت بأرجنكون بالتآمر على حكم الدونمة وإعادة التقاليد الإسلامية عن طريق سلسلة من محاولات الانقلاب نجح بعضها وفشل الآخر، وكان أول رئيس حكومة معاد للدونمة هو عدنان مندريس، الذى نجح فى انتخابات عام 1960 التى أصبح بعدها رئيساً لوزراء تركيا، ولكن سرعان ما تآمر عليه جنرالات الجيش التركى التابعون للدونمة وقاموا بالانقلاب ضده عام 1961 وتمت محاكمة مندريس وإعدامه، وعادت السيطرة ليهود الدونمة مؤقتاً، بينما استمر تيار أرجنكون سراً فى طريق محاولة إعادة الماضى الإسلامى لتركيا، وعندما نجح ممثلهم فى العودة إلى حكم تركيا فى أوائل تسعينات القرن الماضى، وأصبح نجم الدين أربكان رئيساً لوزراء تركيا ووزرائه حزب الرفاه الذى اكتسب أغلبية البرلمان عاد جنرالات الدونمة لحصاره حتى أجبروه على الاستقالة عام 1996 ولكنهم لم يحاكموه أو يعدموه، كما فعلوا مع عدنان مندريس.

وبعد بضع سنوات نجح هذا التيار فى العودة إلى الحكم فى تركيا بقيادة رجب طيب أردوجان وسمى حزبه الجديد «حزب العدالة والتنمية»، ودخل أردوجان فى صراع قاتل على السلطة مع يهود الدونمة، ولم يكن هدفه حكماً إسلامياً أو تقارباً مع جيرانه من العرب، بل كان استعمال الكارت العربى أول الأمر تكتيكاً سياسياً للحصول على حلفاء محليين، وأفرط أردوجان فى إظهار الحماس للقضية الفلسطينية مع استمراره فى محاولة الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبى الذى رفض مراراً قبول تركيا عضواً فيه، رغم أنها عضو مؤسس فى حلف الناتو.

واستغل الاستعمار الأمريكى ببراعة رغبة أردوجان فى مزيد من السلطة فدفعه لاحتضان فكرة إعادة الخلافة العثمانية فى شخصه كخليفة للمسلمين.. وبعد أن كان بشار الأسد حليف أردوجان الأول فى المنطقة فى بداية حكم أردوجان عام 2003 لدرجة إلغاء تأشيرات الدخول بين تركيا وسوريا، سارت أمريكا فى اتجاه النفخ فى نيران العداء بين السنة والشيعة لإشعال حرب إبادة فى المنطقة بين السنة الذين ظن أردوجان الانتهازى أن أمريكا تعده لزعامتهم وبين الشيعة بقيادة ملالى إيران وحلفائهم من شيعة العراق وحزب الله فى لبنان وبشار الأسد فى سوريا انقلب أردوجان مائة وثمانين درجة ضد بشار الأسد وأصبح عدوه الأول، وسارت الأمور أول الأمر لصالح أردوجان الذى ظن لسذاجته أن أمريكا حليفه المخلص، ونجحت عصابات الإخوان الإرهابية فى الوصول إلى السلطة فى مصر عام 2012، وأصبحت أقوى حلفاء أردوجان الذى ظن أن ثمرة الخلافة الإسلامية قد أينعت وحان قطافها بمعرفة السلطان أردوجان خليفة الإسلام الجديد، ولكن سرعان ما يسقط حلفاؤه الإرهابيون من السلطة فى مصر بعد عام واحد فقط نتيجة ثورة شعب مصر العارمة فى 30 يونية عام 2013، وسرعان ما يكتشف أردوجان الغافل أن حليفه الأمريكى يعمل فى نفس الوقت على إقامة دولة كردية للشعب الكردى الذى يزيد عدده على ثلاثين مليون كردى مسلم سنى، مقسمين بين تركيا والعراق وسوريا وإيران، ولكن يعيش أكبر جزء منهم فى تركيا ويبلغ عدده خمس سكانها، وتقع المواجهة المحتومة بينه وبين أمريكا بالوكالة التى استخدمت راعى أردوجان القديم فتح الله جولن، الذى خرج عليه وعاش سنوات طويلة فى حماية المخابرات الأمريكية لاجئاً فى أمريكا، ويدير جولن وأنصاره محاولة انقلاب ضد أردوجان بتأييد سرى من أمريكا، وتكاد المحاولة تنجح، ولكنها تفشل فى النهاية وينهال أردوجان على مؤسسات الدولة التركية من جيش وقضاء وشرطة وسلك دبلوماسى بمعاول الهدم الكامل، وسرعان ما يتخلص من عشرات الآلاف من رجال هذه الأجهزة ويتحول الجيش التركى إلى كيان ممزق تحل محله عصابات حزب التنمية والعدالة التابعة لأردوجان، ولا تنتهى المعركة، فهى جزء من حرب الشرق الأوسط الجديد لا يعلم إلا الله نهايتها، هل تنتهى بحرب عالمية بين الغرب وروسيا؟.. هل يتم اغتيال أردوجان وعودة جولن لتركيا؟.. هل يتفق أشرار العالم على صنيعة جديدة بزعامات محلية جديدة ودولة كردية متقطعة من تركيا والعراق وسوريا على الأقل؟.. ذلك ما ستبينه الأيام.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد