عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

على مدى سنوات أقاوم ضغوط أبنائى لشراء شاليه فى الساحل الشمالى لسبب «قومى» سيتضح لك فى نهاية هذه السطور، وأحاول أن أقنعهم بفكرة بديلة هى ولماذا لا نشترى الساحل الشمالى كله من خلال فكرة التجول بالإيجار بين قراه سنة بعد أخرى.. تقريبًا أقضى كل عام فى قرية مختلفة حسبما أتفق، وقد كان نصيبى هذا العام فى مارينا فى نهاية موسم الصيف.

بغض النظر عن تحفظات عديدة تمثل جوهر هذه السطور، فإنه منذ اللحظة الأولى لدخولك تشعر بأنك انتقلت إلى المدينة أو المارينا الفاضلة.. فإجراءات الأمن على أفضل ما تكون، لا تسمح إلا لمن له صفة بالدخول، الطرق ممهدة بشكل تتمناه فى شوارعنا الرئيسية فى القاهرة وغيرها، الخضرة تغطى مختلف جنبات القرية، حتى حاويات القمامة منتشرة بشكل منظم ومتناسب بين الشاليهات، موظفو القرية يتعاملون مع الرواد بالشكل اللائق، أما الشاطئ فهو من بين أجمل الشواطئ التى زرتها فى مختلف قرى الساحل.

ما أذهلنى هو مشهد يندر أن تواجهه.. فبعد قيامى بشراء بعض المواد الغذائية من السوبر ماركت وحينما مددت يدى للعامل الذى حمل لى الأشياء بإكراميته وجدته يرفض بإباء وشمم.. لحظتها شعرت أننى قد لا أكون فى مصر!

غير أنه بعد أن راحت السكرة جاءت الفكرة.. فمع اليومين الأخيرين بدأ الحال يتغير، بانفضاض مولد المصيف، فبدأت المحال تعد لإغلاق أبوابها بشكل قد تجد معه صعوبة فى الحصول على احتياجاتك الأساسية.. وبعد أن كانت مواعيد الحافلات لأكثر من شركة ولخمس رحلات فى اليوم، تقلصت إلى ميعاد واحد لشركة واحدة، وحينما اضطرتنى الظروف لاستعجال إرسال ابنى للقاهرة من خلال ميكروباض كان انتظار التحميل أكثر من ساعة.

لخص لى سائق الأجرة الموقف حينما رحت أسأله عن مستوى حركة الركاب فراح يشكو من أنها فى مستوياتها الدنيا رغم أنها فى الصيف تكون على أشدها، وأن المكان فى الشتاء يتحول إلى خرابة.

عاودنى السؤال الذى يفرض نفسه علىّ كما زرت الساحل: إلى متى تستمر هذه الحالة من سوء استغلال للساحل الذى تقدر مساحته بنحو ثلاثمائة كيلو متر أصبحت كلها تقريبًا ملغمة بالقرى السياحية؟.. أكرر.. ليس التحفظ هنا على القرى وإنما على نمط استغلالها وتعميرها واقتصار ذلك على فترة شهور الصيف التى لا تتجاوز أربعة شهور، بعدها تتحول هذه القرى والتى تمثل ثروة قومية بأى معيار من المعايير، إلى خرابات ينعق فيها البوم؟

سألت نفسى هل نحن من الثراء كدولة لنترك مورد مثل هذا دون استغلال؟ قد يتساءل البعض وما العمل؟ وهل نهدمها لكى نستريح؟ الحل بالطبع ليس بالهدم رغم سوء التخطيط للساحل ككل.. وفى تصورى أن هذه القرى أصبحت أشبه بالمستوطنات الإسرائيلية فى الضفة وغزة والتى تشعبت وتوغلت بحيث أصبح من المستحيل إزالتها فى أى مرحلة لحل المشكلة.. ما هو مطلوب البحث فى إمكانية أن يكون هناك ظهير عمرانى موازٍ يتيح الفرصة لوجود حياة بامتداد الساحل طوال فترة ما بعد الصيف بما يقلل من هدر هذا المورد الكبير الذى يتجاوز ما هو منفق فيه مليارات الجنيهات.

رغم أى صرخات هنا أو هناك ورغم ما كتبه الكثيرون فى هذا الشأن وهى كتابات تجمع كلها على وجهة نظر واحدة مؤداها ضرورة تقويم ما يجرى فى الساحل إلا أنه لا ينبغى توقع للأسف أن يصغى أحد السمع.. فالأمور أصبحت تمضى بمنطق القافلة تسير.. وأظن أن ذلك أحذ أكبر مظاهر الأزمة التى نعيشها فى مصر.

 

[email protected] com