رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

نظرة إلى الوراء وتحديداً إلى ما قبل الحادى عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١ تكشف لك أن العالم كان يعيش حالة من الدعة والطمأنينة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية مع التسليم بالنتائج التى أسفرت عنها إلى حد كبير. ولم يمنع ذلك بالطبع من وجود بعض المشكلات الساخنة التى كانت تنشأ بين الحين والآخر وتؤدى إلى توترات فى مناطق متفرقة من العالم. وبالنسبة لنا فى العالم العربى كان نصيبنا من هذه المشاكل ينحصر أساساً فى القضية الفلسطينية. وقد تزايدت الآمال فى حل هذه القضية بعد التوصل إلى عملية أوسلو التى ترتب عليها قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على جزء من الأراضى الفلسطينية.

 وقد أسفر ذلك عن انتعاش حركة السياحة والسفر ووصلت إلى معدلات غير مسبوقة على الصعيد الدولي. كان المسافرون يحظون بمعاملة رائعة ويلقون تدليلاً فى كل مكان يحطون فيه بدءاً من المطارات عند السفر والوصول، وانتهاء بها عند المغادرة. وكان المسافرون يتأففون ويضجون من تأخر طائراتهم أو حقائبهم بضع دقائق ويجأرون بالشكوى من عدم وجود عدد كاف من رجال الجوازات أو الجمارك لإنهاء معاملاتهم بالسرعة المطلوبة. وكنا- نحن العرب والمسلمين- نحظى بنفس هذه المعاملات المريحة كبقية خلق الله وأحياناً نحظى بمعاملة أفضل من بقية الخلق مع ظهور البترو دولارات وما تولد عنها من سخاء عربى. 

وجاء زلزال الحادى عشر من سبتمبر الذى استخدمت فيه الطائرات المدنية بديلاً عن الصواريخ الحربية لهدم الأبراج السكنية فى مدينة نيويورك الأمريكية، فانقلبت الدنيا رأساً على عقب. فبدلاً من الذهاب إلى المطارات قبل السفر بساعة ونصف الساعة أو ساعتين على الأكثر، بات مطلوباً الذهاب قبل السفر بأربع ساعات على الأقل. كما أصبحت طوابير الانتظار أمام الجوازات تستغرق ساعات بدلاً من دقائق. وعرف المسافرون قوائم الممنوعات المحظور اصطحابها علي الطائرات من أدوات معدنية إلى عطور مروراً بالسوائل المختلفة بما فيها الماء القراح. كما تمرسوا على خلع أحذيتهم فى كل مرة يعبرون فيها خط الجوازات فى رحلة ميمونة. وكان نصيبنا- نحن العرب والمسلمين- جرعة زائدة من إمعان النظر و«البحلقة» فى جوازات سفرنا وعناية خاصة عند التفتيش الذاتي. ورضينا بالهم وقلنا نحن نستحق كل ذلك لأننا تسببنا، بما فعل السفهاء منا، فى بهدلة كل العالم. ولكن الامر يتجاوز حد السخافات أحياناً إلى عدم القدرة على الاحتمال، وهو ما تجلى فى الحادثة التى تسببت فيها مضيفة أمريكية عندما قامت بإنزال راكب أمريكى من أصل مصرى من الطائرة لا لشىء إلا لأن اسمه الإسلامى أثار مخاوفها. 

ومع مرور السنوات وتعرض العالم العربى لعمليات هدم وتخريب منظمة أبادت دولة العراق ومضت تقطع أوصال سوريا بعد أن أحالت ليبيا إلى دولة فاشلة لتلحق بالصومال، زادت وتيرة الأعمال الإرهابية وأصبح للارهاب عنوان جديد اسمه داعش. وتفننت جماعة داعش الإرهابية فى فنون الأذى وإلحاق الأذية بالبشرية جمعاء. وقد انعكس ذلك فى مزيد من الإجراءات فى كل المطارات، فبدلاً من الفحص العينى دخلت أجهزة الأشعة السينية وما فوق البنفسجية والموجات الصوتية التى تظهر الإنسان كما ولدته أمه على الشاشات. فهل انتهينا إلى قاع لا هبوط بعده إلى قاع آخر. يبدو أننا مازلنا بعيدين عن هذا الهدف، فبعد أن كنّا نعانى إرهاب الجماعات المنظمة أصبحنا نكابد الآن إرهاب الذئاب المنفردة الذين لا يعلم إلا الله متى يحلو لأحدهم أن يخضع لوسواس شيطانه فيخرج شاهراً على الناس سيفه وبندقيته وأدوات موته وموت العباد. لا شك أن هذا الشكل الجديد من الإرهاب سيطور معه أشكالاً جديدة من الحماية ومن الطوابير المتضخمة فى المطارات. وأخيراً من ترك داره قل مقداره.