رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن تقرأوا: فكرة هذا الموضوع ألحت علىَّ وتملكتنى، لدرجة أنها استعبدتني فلم أستطع مقاومة كتابتها «واللي يحصل يحصل»، حتي أننى ضبطت نفسى متلبساً- بحق- بكتابة «حيثياتى» وأنا أقود السيارة.. رددت أفكارى كمن ينظم قصيدة، أو يؤلف أغنية!! ومن حسن الحظ أن طريقى كله من مسقط رأسي في طحانوب بالقليوبية إلي سكني في منطقة أكتوبر، مروراً بالقاهرة، ثم سفراً- مرةً أخري- إلى الاسكندرية، فعودة على طريق «ميت فارس - مركز بركة السبع- منوفية».. كان « ملهماً».. ليس لطوله النسبي فقط.. وإنما لتنوعه الجغرافي والعمراني والبشري! فعلى جانبى الطريق، وفي قلبه أيضاً، صور مريرة مما أريد أن أقوله.. صورة مؤلمة لوطنٍ نازفٍ.. لم يعد يعانى مرارة غياب «الحوار» فقط.. وإنما ينقطع فيه «التواصل» الإنساني وتتأثر فيه «الوشائج».. ويسوده ما أسميه بـ«القلوب المتصحرة».. فقد تجاوزنا مرحلة الجزر المنعزلة إلى نوع من جديد من الانقطاع الإنسانى أسميه «التصحر المميت» إلا من رحم ربى طبعاً!

نحن الآن أمام هزيمة حضارية بكل المقاييس.. وقف الرئيس مناشداً المجتمع المصري، وفي القلب منه ميسورو الأحوال من رجال الأعمال، بأن يهبوا ويفزعوا لمعالجة المصريين المصابين بفيروس (c) وأعدادهم بالملايين، ولكن المفاجأة الصادمة أن رجال الأعمال لم يتقدموا بأى مبادرات على طريق العلاج! مع أن أعداد رجال الأعمال والمليونيرات في مصر تجعلنا نأمل - أو نحلم- بأن يتبني كل منهم توفير العلاج لنحو 400 مريض.. يعيدون الحياة إلى نفوسٍ حزينةٍ وأجسادٍ واهنةٍ «تقطع» القلب! على امتداد الرحلة التى حدثتك عنها من البداية اكتشفت حجم المرض الذى يفترس المصريين، واكتشفت محنة الميسورين والطبقات الأعلى في البلد، الذين لم يفزعوا للمساهمة في بناء وحدات لغسيل الكلي في كل قريه، وتوفير عقار «سوفالدي» للمصابين بفيروس الكبد الوبائى.. والأسوأ من هذا أننى تأكدت من أنهم لن يفكروا فى مثل هذه النوعيات من البشر،لأنهم لو وجدوا المواطن نفسه «ج ن ي ه ا» نعم جنيهاً.. سيستولون عليه! أليسوا مشغولين أكثر بمغانم «مجلس النواب»، وترتيبات الأحزاب والائتلافات مع بعضهم البعض حتي يضمنوا لأنفسهم المستقبل الذي يشعرون تجاهه - حالياً- بالذعر خشية ألا يأتي علي هواهم، فيسنون لهم قوانين تكبل الدولة، وتغل يدها عن المساس بهم، أو فرض ضرائب عليهم وعلى تجارتهم واستيرادهم وتصديرهم وعمليات مضارباتهم في البورصة ونحو ذلك؟!

قلوب متصحرة.. إن وجدت المواطن المصري المريض «جنيها» يمكنها الاستيلاء عليه لن تستحى! هناك طبعا قلة من رجال الأعمال الخيرين، الذين يقومون بمشروعات إنسانية هنا وهناك، لكن منظومة رجال الأعمال لا تضم رجالاً من نوعية «بيل جيتس» و«الوليد بن طلال»، الذي حذا حذو «جيتس» وأعلن أنه على مدار العشرين عاما المقبلة سيكون قد تبرع لمشرعات خيرية منتقاة بأكثر من 25 مليار دولار وأتمني ألا تكون المسألة «فرقيعة» لأن «بل جيتس» تبرع بالفعل بأغلب أمواله لهذه الأوجه.

أنظر الى الطرق في مصر، كم من رجل أعمال يعملون فى قطاع التشييد والبناء.. وجاءوا أصلا إلي القاهرة معدمين حفاةً عراةً لا يملكون قوتهم، و«بشوية شطارة وفكاكة وفهلوة وسهر ليالي وعلاقات» تطورت أحوالهم فأصبحوا مليارديرات، جمعوها من تجارة الخيش والخردة وبعضهم من تجارة العملة، وبعضهم من السلاح وبعضهم المخدرات! ومع هذا لا يفكرون في النجوع والقري التى انحدروا منها، بحيث يشيدون مدرسةً او مستوصفاً، أو وحدات لغسيل الكلى أوحتي بـ«مكتبه».. أو بمشروع لـ«لَّمْ» أطفال شوارع قراهم ومدنهم، الذين يلتحفون العراء ويأكلون من حاويات القمامة ويسعون للشحاذة منذ طلوع الشمس وحتي لحظات تقطع الأنفاس وخوار القوة التى تفرض عليهم الاستراحة

ماذا لو أن الموسرين ورجال الأعمال تكاتفوا وقامت جمعيتهم بالتفكير في مثل هذه المشكلات التي تحتاج جهدا تطوعياً عاما كان موجودا في أزمنة مضت، وكانت نساء رجال الأعمال هؤلاء تفكرن بقلوبهن الخضراء اليانعة في الآخرين، فكن يقمن مزادات لجمع التبرعات لإقامة مشروعات اجتماعية وصحية وثقافية!

بعض الرجال في مدنٍ كالمنصورة وقري كطحانوب، رجال من أمثال محمد غنيم ومحمد كرماني وآخرين يقومون بمثل هذه الأدوار حتي إن الدكتور محمد كرمانى أبوستيت وهو من أساتذة الطب العظام هجر المهنة تقريبا إلى الخدمة العامة، ويقوم بدور مذهل .. فتراه يستبدل مشرط الجراح بـ«الشاكوش» لإصلاح كراسي وديسكات تلاميذ المدارس في قريته،وتجده يقف مع عمال الصرف الصحى وهم يحفرون لتوصيل المواسير،وتجده في مستشفى طحانوب وهو يجمع التبرعات ويساهم في افتتاح وحدات غسيل الكلي ونحو ذلك! أما محمد غنيم فيساهم بجهده العلمي في تأسيس مركز لعلاج أمراض الكبد في المنصورة على أحدث الطرق التكنولوجية.. وسار علي نفس المسار السير مجدي يعقوب وغيره.. والآن هناك جهد آخر يبذل على غرار مستشفي 57357.. فقد قرأت أن الزميل محمد الجارحي يعمل وكوكبة مصرية لإنشاء مستشفي باسم 25 يناير تخليداً لثورتنا، وإضافة لمصرنا، وقد تعوزني التفاصيل الكاملة والمساحة الآن - للكتابة عنه.

بعد أن قرأتم: «شكراً لمن نعرف أنهم يستحقون الشكر الآن .. و«إتفوووا» أيضاً على من عرفنا أنهم يستحقون البصقات».. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية!