رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في الآونة الأخيرة ومع اقتراب بداية الصراع نحو الإليزيه، أفردت وسائل الإعلام العالمية؛ وتباري المحللون السياسون للكلام عن القادم إلي الاليزيه رغم ان الأمر برمته تحركه المنظمة اليهودية «شبكة القيادة الأوروبية» التي تقوم بشراء المسئولين في فرنسا، وعن طريقها يتم كل عام تحويل مبلغ مليون ونصف المليون دولار لبعض السياسيين الفرنسيين المقربين من اللوبي الصهيوني والذين يخدمون السياسة الإسرائيلية.

ففي الانتخابات التي جرت عام 2011 تم تحويل ثلث المبلغ لهولاند لمساعدته في التغلب علي منافسته مارتين أوبري التي تعتبرها تل أبيب معادية لإسرائيل لموقفها الداعم للحقوق الفلسطينية.

وقد بدا هذا واضحا عندما رافق الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلي إسرائيل في عام 2013 المدير التنفيذي للمنظمة الصهيونية «شبكة القيادة الأوروبية» أرييه بينسيمون.. والجميع يعلم أن ساركوزي كان عضواً في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس النواب وعضوا في جمعية الصداقة الفرنسية الإسرائيلية ومدافعاً شرساً عن الاحتلال الصهيوني، ووصل إلي الحكم بدعم من «المحافظين الجدد» واللوبي الصهيوني.

ثم بدأ بتعيين برنار كوشنار وزيراً للخارجية وقام بزيارات عديدة لفلسطين المحتلة واستقبل ساركوزي العديد من المسئولين الصهاينة في باريس؛ وبالتالي فلا عجب من تصدر نتنياهو مظاهرات شارلي إيبدو، فاللوبي الصهيوني هو المتحكم في الإعلام والسياسة الفرنسية، ومن السذاجة التعامل مع أي موقف فرنسي علي أنه خارج هذا الإطار.

وقد ظهر هذا التأييد الواسع في المساعدات الهائلة التي قدمتها الحركة الصهيونية والمؤسسات اليهودية في فرنسا إلي إسرائيل قبل حرب 1967 مباشرة، وأثناءها وبعدها، حتي أن حملة التبرعات التي حدثت بعد الحرب مباشرة أرسلت 4 ملايين جنيه إسترليني تحت اسم «تبرعات التضامن مع إسرائيل».

وقد عارضت الحركة الصهيونية الموقف الرسمي الفرنسي الديجولي بعد الحرب وتشكلت جماعة تحت اسم «لجنة التنسيق بين المنظمات اليهودية في فرنسا» لتشكيل رأي عام ضاغط علي الحكومة ومساندة إسرائيل. ولقد لخص تلك السيطرة  كتاب الباحث والمثقف الفرنسي باسكال بونيفاس «فرنسا المريضة بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي» منبها إلي خطورة الإرهاب الثقافي للوبي في فرنسا والذي يعتبر كل منتقد للسياسة الإسرائيلية معادياً للسامية، والذي ستكون نتائجه كارثية علي المدي المتوسط؛ فهو يري أن التواطؤ مع إسرائيل ليس في مصلحة اليهود الفرنسيين أنفسهم وسيؤدي حتماً إلي تنامي الشعور بالغضب نحو الجالية اليهودية وسيعزلها عن محيطها الاجتماعي.

وسبق أن تناول نفس الموضوع في كتابين له؛ الأول عام 2003 تحت عنوان: «هل من المسموح انتقاد إسرائيل؟» وتطرّق فيه إلي سطوة اللوبي الإسرائيلي وشبكته الأخطبوطية، المكونة من يهود وغير يهود، والمتغلغلة في الأحزاب السياسية يميناً ويساراً وفي دور النشر والمؤسسات ووسائل الإعلام. والثاني عام 2011 بعنوان: «المثقفون المزيَّفون» وأشار فيه لمجموعة من المثقفين الفرنسيين العاملين علي خدمة الآلة الدعائية الإسرائيلية ومهاجمة الإسلام عبر اختلاق الأكاذيب، وعلي رأسهم برنار هنري ليفي وألكسندر أدلير وكارولين فوريست وهؤلاء مدعمون من طرف اللوبي الإسرائيلي ويصرون علي الدفاع عن الغطرسة الإسرائيلية.

ولقد نبّه الجنرال ديجول في بداية القرن العشرين من تصاعد التأثير الصهيوني في فرنسا، مؤكداً وجود لوبي يهودي موال لإسرائيل في فرنسا. والجميع يعلم أن كبير حاخامات فرنسا جوزيف سيتروك عام 1990 أبلغ رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق اسحاق شامير: «إن كل يهودي فرنسي هو ممثل لإسرائيل، وطمأنه بأن كل يهودي في فرنسا يدافع عما تدافع عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية»!

ويبدو هذا واضحا في تحليل الكاتب «بول إريك بلانر» عن تأثير اللوبي علي فرنسا ضمن كتابه «ساركوزي وإسرائيل واليهود» عام 2009، المنشور في بلجيكا، فالرئيس ساركوزي ليس فقط قريباً من إسرائيل وإنما مناصر لها، وهو قائل هذا الكلام بنفسه خلال خطاب له في الكنيست الإسرائيلي: «إنه مناصر مطلق لأمن إسرائيل»؛ وهذا مؤسف بالنسبة لرئيس جمهورية وهذا الانحياز ليس صدفة، وإنما لان هذا اللوبي هو الذي أوصله إلي السلطة؛ وهو مؤيد لإسرائيل في محطات كثيرة حتي قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية، منها تأييده لإسرائيل في حربها علي لبنان، وهو الأكثر مقتاً بين الزعماء الفرنسيين لدي الرأي العام العربي منذ «جي مولي» الوزير الأول الاشتراكي السيئ الذكر، الذي كان وراء تنظيم الحملات القمعية بالجزائر.. وسار علي نفس نهج كشف سيطرة اللوبي الصهيوني علي القرار الفرنسي الكاتب الفرنسي بيير بيان كاشفا الأدوار الخفية التي لعبها وزير الخارجية الفرنسي حينذاك برنارد كوشنير في الكتاب المثير للجدل (العالم وفق رؤية كي)، مشيرا إلي تضخيم أزمة دارفور وإعطاء الأزمة بعداً دولياً لقلب نظام الحكم في السودان وذلك بالتعاون مع الصهيونية ومعسكر المحافظين الجدد في أمريكا لتحقيق مصالح شخصية تتعلق بالاستثمار في هذا الإقليم الغني بالنفط واليورانيوم ونهب ثرواته، بجانب خدمة مصالح الصهيونية هناك باعتباره من أشد المدافعين عن إسرائيل داخل فرنسا.

وفي الحقيقة ان المطابع العالمية وسط هذا الزخم الداعم للصهاينة في فرنسا مازالت بين الحين والآخر تعطي بارقة أمل للمقاومة من خلال إصدارها كتباً لكشف هذا اللوبي، ومنها كتاب للروائي والإعلامي العراقي شاكر نوري «اللوبي الصهيوني في فرنسا: من ثكنة عسكرية إلي كواليس الإليزيه». مبينا إلي أي حد تدخل اليهود والصهاينة في المجتمع الفرنسي، حيث وصلوا إلي بوابة الإليزيه وفرضوا أفكارهم وتوغلوا في المؤسسات المالية والمصرفية وتربعوا علي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.