عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صواريخ

 تظل حرب أكتوبر 73 واحدة من الحروب التاريخية الفاصلة فى حياة المصريين والعرب والشرق الأوسط، ليس لأنها فرضت المعجزة العسكرية فى هذا الوقت فقط.. ولكن لأنها كانت حرباً شاملة وفارقة على المستوى العسكرى والاستراتيجى والسياسى.. ولأن قائد هذه المعركة الشاملة الرئيس الراحل أنور السادات، كان صاحب رؤية وبصيرة فذة، فقد خطط بدقة لشتى مراحلها، واستطاع بقدرة فائقة أن يتجاوز كل المعوقات والصعاب الدولية والإقليمية والداخلية، بعبقريته الفريدة والوصول إلى كامل أهدافه ليترك لنا الآن بعد عقود خمسة دروساً هامة ومستفادة لعل أهمها استشراف المستقبل والحفاظ على التراب الوطنى وبناء الدول من خلال فن إدارة الحروب والصراعات على المستوى السياسى قبل العسكرى.. ولأن قرار الحرب هو قرار سياسى يتحمل نتائجه وتبعاته رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، فقد أدرك السادات منذ الوهلة الأولى لتحمل المسئولية أن قضيته الأساسية هى تحرير التراب الوطنى، واستعادة سيناء فى ظل وضع عسكرى صعب بعد أن فقد الجيش مقوماته الأساسية فى معركة لم يخضها، ما جعل السادات يفكر بموضوعية شديدة وواعية للمعركة وما بعدها.

< الحقيقة أن معركة أكتوبر كانت نموذجاً للحرب الشاملة على كل المستويات العسكرية والسياسية والاستراتيجية، بداية من خطة إعادة تسليح وتأهيل القوات المسلحة بأفكار وقدرات ووسائل مصرية عوضاً عن القدرات العالمية والتفوق العسكرى الإسرائيلى الغربى، ومن هنا جاءت خطة الخداع الاستراتيجى التى فاجأت إسرائيل على كل المستويات، وأدت إلى المفاجأة الثانية بالضربة الساحقة لخط بارليف وتدميره بخراطيم المياه عوضاً عن القنبلة النووية التى تحتاجها مصر لتدميره، ثم جاءت المفاجأة الثالثة التى غيرت كل استراتيجيات الحروب، وهى قدرة المقاتل المصرى الذى أبدع وأذهل العالم فى تغيير المعادلة عندما استطاع المقاتل الواحد أن يدمر عشرات الدبابات والآليات العسكرية بسلاحه المحمول، وكان للسادات ما أراد من تدمير خط بارليف وعبور القوات المسلحة إلى الجبهة الشرقية فى سيناء وتحقيق انتصار تاريخى على إسرائيل أذهل العالم أجمع فى ظل المساعدات والإمدادات الأمريكية لإسرائيل على كل المستويات، ويضطر مجلس الأمن لاصدار القرار 339 بوقف إطلاق النار والدعوة لتنفيذ القرار 242 بكل أجزائه الداعى لانسحاب إسرائيل من كل الأراضى المحتلة عام 67 وإطلاق مفاوضات سلام بين كل الأطراف لإقامة سلام عادل فى الشرق الأوسط، وهو ما أراده السادات فى ضوء واقعيته الشديدة وقراءته للمشهد الإقليمى والدولى والدعم غير المحدود غربياً لإسرائيل.

< وبنفس عبقرية السادات فى الحرب، كانت عبقريته فى السلام وبشهادة كل خصومه، عندما أيقن أن كل أوراق العملية فى أيدى الأمريكان، ليبدأ فى مغازلتهم، وانتهز فرصة فوز كارتر عام 77 بالرئاسة الأمريكية ودعوته لعملية سلام فى الشرق الأوسط على أساس الاعتراف العربى بحق إسرائيل فى العيش بسلام، فى مقابل أن تنسحب إسرائيل من جميع الأراضى التى احتلتها فى عام 67 وتشمل سيناء والجولان والأراضى الفلسطينية والأردنية.. وهنا يكرر السادات مفاجأة أكتوبر 73 عندما أعلن فى البرلمان المصرى عن نيته لزيارة القدس فى مفاجأة أذهلت أمريكا وإسرائيل والعالم، وبالفعل يقف السادات شامخاً منتصراً أمام الكنيست الإسرائيلى فى 20 نوفمبر 77، ليضع الجميع أمام مسئولياته، وتبدأ المفاوضات الشرسة والصعبة فى كامب ديفيد برعاية أمريكية وتنتهى باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية فى مارس 79 التى أعادت سيناء إلى مصر.. فى الوقت الذى قررت فيه الدول العربية تجميد علاقتها مع مصر ونقل مقر جامعة الدول العربية لتونس، وتمر العقود على الصراع العربى الإسرائيلى دون الحصول على عشرة بالمائة مما كان يحققه السادات للفلسطينيين وسوريا، بل وذهبت دول عربية للتطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل فى ظل توسعها والاستيلاء على مزيد من الأراضى وحروب الإبادة.. بينما أكدت التجربة التى تشكل المعيار الدامغ للحقيقة أن الزعيم محمد أنور السادات قد حقق كل المكاسب لتقف مصر الآن شامخة بقدراتها الهائلة فى مواجهة كل التحديات والمخططات.

 

حفظ الله مصر