عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تأملات

نظلم السفير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، لو توقعنا منه الكثير بشأن مجريات الأحداث فى المنطقة على صعيد الحرب الإسرائيلية البربرية الجارية على غزة وعلى لبنان، فالرجل فى النهاية لا يملك قدرات خاصة، وكأمين عام فإنه ليس سوى تعبير عن محصلة قوى وإرادات الدول العربية الأعضاء فى الجامعة. ولذلك نرى أن البعض ربما يكون قد تجاوز فى محاولة تصوير ما قاله أبوالغيط فى حواره مع الإعلامى أحمد موسى على قناة «صدى البلد» بأنه دفاع عن السردية الإسرائيلية بخصوص ما حدث فى 7 أكتوبر.

المسألة ليست هكذا على الإطلاق، وإنما المعضلة فى أنه بحكم منصبه لا بد من أن يزن كلماته بميزان من ذهب، ما يعنى أنه يجب أن يكون من بين ثناياها شىء من الدبلوماسية وشىء من التلميح لما هو مسكوت عنه، وشىء من الصراحة، بمعنى أصح كوكتيل من المواقف الذى يصب فى خانة إعلان موقف يليق بمنظمة من المفترض أنها تعبر عن العرب أجمعين.

وعلى ذلك فإن مجمل ما قاله أبوالغيط فى الحوار المشار إليه لا بأس به. لقد قال ما يجب أن يقال وفى الحدود التى يجب أن تقال، بما يمكن معه القول إنه لا مآخذ ذى معنى على ما قال به فى الحوار. فى تعاملنا مع الجامعة لا يجب أن ننسى أنها ضعيفة، وأن ضعفها يأتى انعكاساً لتباين المواقف العربية ليس فى مواجهة الأطراف غير العربية فقط وإنما فى مواجهة الأطراف العربية ذاتها. 

فضلاً عن ذلك فإننا لو وسعنا دائرة النظر لأدركنا أن المسألة لا تقتصر على الجامعة فقط، وإنما على التنظيمات الدولية ككل. خذ مثلاً الأمم المتحدة، وفى القلب منها مجلس الأمن، ماذا فعلت حيال الحرب الإسرائيلية؟ لا شىء، بل وصل الأمر معه لحد بدت معه أشبه بخيال المآتة. بمعنى آخر أنه من الواضح أن هناك تغيرًا فى نمط العلاقات الدولية المعاصرة لحد تراجعت معه فكرة تأثير التنظيم، أو المنظمات الدولية سياسية أو حتى عسكرية، بما فى ذلك منظمة مثل الناتو التى تراجع دورها لحد التلاشى، ولكن المسألة من الواضح أنها زادت كثيرا مع الجامعة العربية.

عودة لحوار أبوالغيط كممثل عن الجامعة العربية فإن كلامه يشير الى أنه ينطلق من رؤية واقعية، وليست وقوعية، وهذا فى حد ذاته، للأسف فى ظل وضعنا العربى المتردى يعتبر أمراً إيجابياً. هو لا يغفل أن إسرائيل تمثل تهديداً للعرب ككل على خلفية تلويحها بالقدرة على الوصول الى أى منطقة فى الإقليم، وهذا فى حد ذاته ربما يمثل نوعاً من الرفض والنقد لبعض الدعاوى العربية رسمية وغير رسمية بشأن السلام وأنه من منظور أبو الغيط، ربما يكون بعيداً. 

بل إن الرجل راح يتحدث عن تناقض الخطاب الإسرائيلى وبالتبعية من يشايع هذا الخطاب من العرب، بالإشارة الى مفارقة الانخراط فى أكثر من 45 عاماً من المعاهدات والسلام كخيار استراتيجى، فيما تتحدث تل أبيب عن التوسع وإسرائيل الكبرى، كما قال! 

المشكلة التى ربما حاول أبوالغيط تجاوزها دون أن ينكرها هى أن القضية الفلسطينية للأسف لم تعد قضية كل العرب، وقد حاول أن يجد لرؤيته تخريجاً لم يوفق تماماً فيه. المشكلة أيضاً أن الأمر وصل لحد وقوف البعض من العرب ضد القضية الفلسطينية، ولكن لا الكياسة ولا المنطق يمكن أن ينتهى بمسئول فى وضع أبوالغيط إلى هذا الطرح، ونذكرك هنا بفكرة وزن الكلمات بميزان الذهب.

الخلاصة، أن الجامعة العربية ليست سوى مرآة لحال أعضائها ليس أكثر.. التعامل معها على هذا النحو من المؤكد أنه سيريحك وسيريح الجميع!

 

[email protected]