رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مصروفات بمئات الآلاف وفشل فى توفير مدينة جامعية على مدى ٥ سنوات

جامعة الجلالة سجل من الأوجاع.. طلبة وأولياء أمور يكشفون المستور

جامعة الجلالة
جامعة الجلالة

الأهالى: الخدمات معدومة ونطالب بتحقيق عاجل

 

حدادٌ فى بيوت طلاب الطب الراحلين والمفقودين، شبابٌ فى عمر الزهور، سطّروا بدمائهم أحلامًا لم يُكتب لها البقاء فى دُنيا البشر، وأُسر زارها الفقد قبل الفرح، تبخّرت أمانيهم على نار الفراق.. لا داعٍي للدهشة فأنت هنا فى حضرة حادث جامعة الجلالة، فانفض عنك غبار الأحلام!

مشاهد الحادث تدمى القلوب، هنا شاب ظلّ يُمنّى نفسه بيوم يصير فيه طبيبًا ملءَ السمع والبصر، حلم بـ«البالطو الأبيض» منذ نعومة أظافره، فاضت روحه إلى بارئها، لا تبتئِس له فحُلمه عُلّق على الحافلة! وهناك فتاة دوّنت حُلمها بغرفتها، فكتبت فى كل زاوية «الصيدلانية»، ولكن سُرعان ما انتهى الحلم! فانقضى أجلها وبَقيت كتابتُها.. على الناحية المُقابلة فتاة تصرخ يُؤلمك صوت انينها ونحيبها، إذ بها رأت جثمان صديقتها مُشوّهًا، الكل تائهٌ فى تحديد هويّتها، ولكنها عرفتها من فستانها! غير بعيد أم ثكلى تردد: «يدك باردة يا حبيبى، أين دبيب الحياة فيها؟.. أيروق لك يا ثمرة عمرى أن تفارقني! وددت لو حضنتك يوم تخرّجك ها أنا ذاك أحتضن جثمانك.. وأسقى حُلمك بدموع فقدانك.

تلك الكارثة خلفت جروحًا لا تندمل، راح ضحيتها شباب غربت شمس عمرهم قبل بزوغِ فجر أحلامهم، رائحة دمائهم أزكمت الأنوف، أبكتهم الطُرقات وجعًا، الهواء ثقيل على الصدور، وكأن الطبيعة تتقاسم الألم!

هذه الحادثة تفضح سجلًا داميًا وتكشف عن مخالفات بالجُملة من واقع ما سرده الطلبة وأولياء الأمور.

«فقدت 3 من زمايلى فى الحادث مش عارف أنام خايف أروح الجامعة مرجعش».. بتك الكلمات الممزوجة بالأسى بدأ «أ. ف» الطالب بكلية طب الأسنان جامعة الجلالة حديثه قائلًا: «زمايلى فارقوا الحياة أمام عينى، حتى صديقى المقرب طريح الفراش بالعناية المركزة حالته خطيرة، كنت معه قبل وقوع الحادث بساعتين، وللأسف تلك الحادثة ليست الأولى من نوعها، فالعام الماضى شهد حادثين مختلفين والفرق بينهما لم يتجاوز الأسبوعين، وتوفى فيه زمايلنا ولى صديق أصيب ببتر فى ذراعه.. لا أعلم متى يأتى دورى أنا الآخر !.. مسلسل دم حلقاته متكررة ومؤلمة وأسوأ ما فيه أن الضحايا طلبة علم».

وسرد «أ. ف» لـ«الوفد» موقفًا عصيبًا أثناء تواجده فى المجمع الطبى بالسويس قائلًا: «أهالى الطلاب فى فجيعة، ما بين حالات إغماء وصراخ وعويل، وصرخات ترتج لها الأرض، والد زميلتنا طلب دخول المجمع بعد معرفته بخبر وفاتها، لكن الأمن أوقفه، فظل يردد «دى بنتى الوحيدة.. عاوز أودع بنتى الدكتورة» حتى أصيب بجلطة فى الحال، ولنا زملاء جثثهم مشوهة..

المشاهد مؤلمة للغاية يصعب وصفها، ولى صديق حدث له بتر فورى فى ذراعه لحظة وقوع الحادث».

وأضاف: «نبحث عن أدنى حقوقنا فى سكن مناسب، حتى الخدمات تكاد تكون معدومة، لكنهم يتمسكون بحقوقهم فى المصروفات والتعنت فى طرق سدادها، السكن مكلف جدًا وصل إلى 40 ألف جنيه، الجامعة تغض بصرها عن التفاوت فى الحالات المادية للأسر، ولى أخ فى الجامعة نفسها، علاوة على أن مصروفات الكلية تقترب من الـ160 ألفًا شاملة المصروفات الإدارية، مما يمثل عبئًا إضافيًا على أُسرنا، فلجأ جزء منا لأن يسكن فى قرى سياحية، واضطر الجزء الآخر أن يسكن فى السويس رغم بُعد المسافة بينها وبين الجامعة والتى تتعدى الساعتين، على الأقل توفير السكن سيُقلل نسبة حدوث الخطر، ناهيك عن مظاهر الإهمال فحدّث ولا حرج.. نطالب بمحاسبة المسئول وراء تلك الواقعة الغاشمة وحل لمشكلة السكن لوقف نزيف الدماء».

التقط أطراف الحديث «س.م» قائلًا: «الأوضاع فى جامعة الجلالة متدهورة للغاية، إهمال مستمر، وانعدام سكن، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، كل هذا يقف عائقنا أمام مسيرتنا التعليمية كطلبة فى جامعة من المفترض أن توفر لنا أبسط الإمكانات فى تعليم آمن، ناهيك عن أن الجامعة تُصنف كواحدة من أكثر الجامعات تعرضًا للحوادث فى تاريخ التعليم العالى بمصر، حيث شهدت وفاة أكثر من 12 طالبًا وإصابة أكثر من 25 آخرين، بالإضافة إلى وفاة أكثر من 5 طلاب العام الماضى، وتشوه أكثر من 4 طلاب وبتر أطراف».

وأكمل: «لا نعلم ماذا الذى تريده إدارة الجامعة منا فى ظل هذه الظروف المأساوية؟ أى نعى أو عزاء يُعد مرفوضًا، فالمسئولية تقع على عاتق من أهمل وتسبّب فى مسلسل القتل عبر وسائل النقل من وإلى الجامعة.. فقد أثبتت الإدارة فشلها على مدار الـ5 سنوات الماضية فى توفير مدينة جامعية آمنة، ناهيك عن عدم توفر مستشفى جامعى، الطلاب - فى نظر إدارة الجامعة- أرقام تُحتسب كمصادر ربحية».

 

واستطرد «سيف الدين» الطالب كلية الصيدلة قائلًا: «مشاهد الحادث قاسية جدًا ووقعها مؤلم على النفس، طريق الجامعة أشبه ببوابة عبور سريعة للآخرة، الطلبة ملقون فى الشارع غارقين فى الدماء، والأهالى يتلعثمون ويتعثرون بين الجثامين، حالة ذعر لم نستطع أن نفيق منها حتى الآن، الجامعة لم توفر لنا أى سبل للعيش بدخلها، الغلاء فى كل شىء الأكل والشرب، ولا توجد نقطة إسعاف واحدة على الطريق.. نحن فى أمس الحاجة لبيئة تعليمية مناسبة، فالوضع صعب وغير مقبول، فلا مياه ولا مقومات أساسية للحياة».

وتابع: «زمايلنا المتوفين ضحايا إهمال رحمهم الموت من عناء الغلاء، وأما الحالات المصابة بإصابات خطيرة للأسف هيعيشوا بفقد جزء من جسمهم، وهذا يعتبر أصعب من الموت، أنا كطالب فى الجامعة أعتبر نفسى «كفن مؤجل»، نفسى أفرّح أهلى خايف أروحلهم ميّت».

أوياء الأمور.. قلوب على جمرة من نار

«شبابنا وبناتنا شفناهم بالكفن قبل ما نشوفهم بالبالطو».. بهذه الكلمات أعربت «حسنى إبراهيم» ولية أمر طالبتين بجامعة الجلالة عن استيائها من حادث جامعة الجلالة قائلة: «طريق الجامعة خطر، والحادث بشع وملابساته أكثر بشاعة، الإسعاف تأخرت فى الوصول نتيجة إن الجامعة متطرفة فى صحراء، وبنتى وزمايلها نقلوا أصدقاءهم المصابين فى الحادث بسيارتهم الخاصة للمستشفيات لحين وصول الإسعاف، الأمر مرعب مشهد الدم لم يغب عن بالى لحظة واحدة، قلبى مقهور على الأولاد وأهاليهم، عارفة يعنى إيه حرقة قلب أم على ابنها، تخيلت لا قدر الله لو بنت من بناتى، أنا دخلت بنتى الجامعة ومنتظرة تكون دكتورة أو مهندسة، يتصلوا بى يقولوا لى بنتك ميتة، ربنا يهون عليهم.. المصيبة كبيرة جدًا».

وتطرقت «حسنى» إلى ذكر موقف سابق لها قائلة: «العام الماضى بنتى جتلها الزايدة الفجر، وهى فى السكن الجامعى، اتصلوا بى ورفضوا يخرّجوها، اتصلت بعربية خاصة نقلتها للقاهرة بـ3 آلاف جنيه، شاء القدر إنى ألحق بنتى، تسيب وإهمال فى كل شىء عدا سداد المصروفات بالجنيه أتذكر أننى دفعت مصروفات 93 ألف جنيه وبسبب إسقاط 250 جنيها سهوًا رفضوا تسجيل المواد.. مفيش مشكلة إنهم يحافظوا على حقوقهم.. ولكن أبسط حقوقنا إننا نطالب بحقوق أولادنا ونحافظ على أرواحهم».

وواصلت: «كل تيرم فى حادثة لجامعة الجلالة، وطلعة الجبل - التى وقع فيها الحادث - محظور مرور الأتوبيسات عليها، للأسف جامعة بحجم جامعة الجلالة لا توجد فيها أى خدمات أو حتى عيادة لإجراء إسعافات أولية.. كل ما يحدث موت محقق، وحياة طالب العلم أغلى من أى شىء آخر وأهم من جمع الأموال».

«بنتى مش هتروح الجامعة لحد ما يبقى فيه اهتمام بحياة الطلاب».. بهذه الكلمات عقّبت «ريهام جمال»، وليّة أمر، على حادث جامعة الجلالة قائلة: «بنتى فى حالة مزرية دموعها لا تتوقف، وهاتفها لم يفارقها، تشاهد صور زميلاتها وتدخل فى نوبة بكاء، حالتها النفسية تسوء فالأمر كارثى وتجاوزه ليس هيّنًا، قررت عدم الذهاب للجامعة تضامنًا مع زمايلها المتوفين والمصابين.. وأنا أؤيدها فى قرارها لحين اتخاذ قرارات حاسمة ردًّا على الحادث، لنأمن بها على حياة أبنائنا، لست مستعدة أن أخسرها تحت أى ظرف ومهما كانت العواقب».

بينما أشار «عز الهوارى»، أحد أولياء الأمور، إلى أن «مظاهر الإهمال الجسيم والمستمر يعرض حياة أبنائنا للخطر، خاصة وأن الجامعة تقع فى منطقة نائية، حيث لا تتوفر خدمات أساسية ولا توجد أى إجراءات أمان تضمن سلامتهم، أطالب بتحقيق عاجل والنيل من المتسببين فى وقوع الحادث الأليم، والتدخل العاجل للحفاظ على أرواح أبنائنا الذين لا يزالون فى الجامعة والذين قد يتعرضون لمزيد من المخاطر إذا لم يتم تشغيل المستشفى الجامعى بشكل فورى، فلا يُعقل أن يظل المستشفى غير مفعل بينما تقع حوادث متكررة، وكذلك يجب توفير سكن ملائم، وزيادة عدد المبانى السكنية لاستيعاب العدد الكامل للطلاب وتوفير بيئة سكنية آمنة ومريحة».