رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

 

يعد الاستثمار الرياضى أحد مجالات الاستثمار الواعدة فى مصر، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يمكنه أن يسهم بشكل كبير فى تحقيق فوائد متعددة للمجتمع والدولة. وتبرز أهمية هذا النوع من الاستثمار خاصة إذا ما نظرنا إلى النمو الملحوظ فى القطاع الرياضى، حيث شهدت مصر تطورات كبيرة فى البنية التحتية والمتمثلة فى المرافق الرياضية والمنشآت الشبابية.

وقد ساهمت الاستثمارات الحكومية بين عامى 2018 و2022 التى تجاوزت 40 مليار جنيه فى تطوير كبير فى قطاع الشباب والرياضة، والذى ترافق أيضاً مع استثمارات من القطاع الخاص، التى قاربت 3 مليارات جنيه لتطوير مراكز الشباب والمنشآت الرياضية. كما بلغت استثمارات المشروعات الصغيرة والخدمية فى السنوات الأربع الماضية 2.4 مليار جنيه. 

تمتلك مصر اليوم 1018 نادياً، و4050 ملعباً خماسياً، و4374 مركز شباب، و7 مراكز تنمية رياضية إلى جانب العشرات من وحدات الطب الرياضى. ويتصدر الدورى المصرى لكرة القدم القارة الأفريقية من حيث القيمة السوقية بقيمة تتجاوز 166 مليون يورو، متفوقاً على الدورى الجنوب أفريقى الذى تبلغ قيمته نحو 157 مليون يورو. وكانت مصر قد استضافت أكثر من 289 بطولة على المستويات الدولية والقارية والعربية خلال هذه الفترة.

كما نراه فى تجارب الدول الغربية، فإن الاستثمار فى البنية التحتية الرياضية يشكل محفزاً رئيسياً لخلق فرص العمل فى مجالات متعددة كالتدريب، والتسويق، والصيانة والتعليم والإعلام الرياضى، وإدارة الفعاليات وما إلى ذلك. وعلى سبيل المثال، بناء الملاعب والصالات الرياضية يسهم فى توفير وظائف عديدة للعمالة المحلية ويحفز الاقتصاد من خلال الخدمات المرتبطة بهذه المنشآت. كما أن تنظيم الفعاليات الرياضية الدولية من شأنه أن يجذب الاستثمارات الأجنبية ويزيد من عائدات السياحة، ويدعم الاقتصاد الوطنى بشكل كبير. تُظهر التجارب الدولية أهمية هذه الاستثمارات فى تعزيز الاقتصاد المحلى، حيث تقدر اليونسكو بأن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للبنية التحتية الرياضية فى أستراليا تصل لنحو 16.2 مليار دولار سنوياً.

ومن الجدير بالذكر أن الاستثمارات الرياضية تجر معها عربات اقتصادية أخرى، كتطوير الصناعات المرتبطة بها، مثل تصنيع المعدات والأدوات الرياضية والأزياء الرياضية. توسع هذا القطاع قد ينمى الناتج المحلى الإجمالى لمصر ويضعها فى موقع ريادى كمرکز إقليمى لصناعة الرياضة. فى الولايات المتحدة، تقدر الفوائد الاقتصادية للرياضات الشبابية والهواة بنحو 40 مليار دولار فى الإنفاق المباشر فى عام 2021، ما أدى إلى تأثير اقتصادى إجمالى قدره 91.8 مليار دولار وخلق 635,000 وظيفة وتوليد عائدات ضريبية بقيمة 12.9 مليار دولار.

كما أن تشجيع الأنشطة البدنية من خلال بناء المزيد من المنشآت الرياضية وتوفير المعدات بأسعار معقولة سينعكس حتماً على مستهدفات تحسين الصحة العامة ورفع الوعى الصحى والثقافة البدنية والوقاية من العديد من الأمراض المُزمنة. فممارسة الرياضة بانتظام تسهم فى رفع مستويات اللياقة البدنية فى المجتمع، ويُعلى الإنتاجية ويعزز من الصحة النفسية ويقلل من مستويات التوتر والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الرياضة دوراً مهماً فى غرس قيم التعاون والعمل الجماعى والشعور بالوطنية.

وعلى الرغم من هذه الفوائد الواضحة، يواجه الاستثمار الرياضى فى مصر عدة تحديات تعيق تحقيق أقصى استفادة منه. من أبرز هذه التحديات هو نقص التمويل المخصص للمشاريع الرياضية فى بعض المناطق مثل صعيد مصر والمحافظات الحدودية، وضعف البنية التحتية مثل انقطاع التيار الكهربائى والنقل غير الفعال، بالإضافة إلى نقص الوعى بأهمية الرياضة وفوائدها بين بعض أفراد المجتمع.

علاوة على ذلك، يواجه القطاع تحديات إضافية مثل توزيع الموارد وإدارة المشاريع الرياضية بفاعلية إلى جانب ضعف التشريعات الحالية حيث تؤثر هذه العوامل سلباً على بيئة الاستثمار وتقلل من جاذبية القطاع للمستثمرين المحليين والأجانب. ويضاف إلى ذلك الافتقار إلى البيانات الموثوقة التى يمكن استخدامها لتقييم الفرص والمخاطر الاستثمارية بشكل دقيق.

كما أن هناك العديد من العوامل الهيكلية التى تؤثر فى تطوير هذا القطاع الحيوى كنقص التمويل، ونقص الكوادر المؤهلة والأعداد الكافية من المدربين والإداريين ذوى الخبرة العالية، إلى جانب افتقار المنشآت الرياضية إلى المعدات الحديثة اللازمة لتوفير بيئة تدريبية مثالية.

لتجاوز هذه التحديات ينبغى على راسمى السياسات تبنى استراتيجية وطنية للاستفادة من هذا القطاع. أولاً، يتطلب أن ترتكز هذه الاستراتيجية على زيادة التمويل المخصص للمشاريع الرياضية، وتخصيص ميزانيات أكبر وتوفير حوافز ضريبية لجذب الاستثمارات الأجنبية. 

ثانياً، ينبغى أن تعمل الاستراتيجية الوطنية على تحسين البنية التحتية الرياضية فى جميع المحافظات والمناطق، خاصة تلك التى تعانى نقصاً فى المرافق. يمكن تحقيق ذلك عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء وتطوير المنشآت الرياضية الحديثة.

ثالثاً، لا بد أن تسعى الاستراتيجية الوطنية لتعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة فى إدارة الاستثمارات والمشاريع الرياضية لضمان بيئة استثمارية نزيهة وشفافة ولتشجيع المستثمرين على الدخول فى السوق المصرى.

رابعاً، التعليم والتدريب فى المجال الرياضى أمر لا يمكن الاختلاف عليه. فمن الأهمية توفير برامج تدريبية متخصصة للمدربين واللاعبين والإداريين لضمان تطوير المواهب الرياضية والإدارية، إلى جانب الاهتمام بالبحث العلمى فى مجالات الطب الرياضى والتكنولوجيا الرياضية لتحسين الأداء وتقليل الإصابات.

خامساً، من الضرورى أن تعتمد الاستراتيجية على الحملات الإعلامية والبرامج التوعوية حول أهمية الرياضة وفوائدها للصحة العامة والتنمية المجتمعية. مواقع التواصل الاجتماعى هى أدوات محورية يمكن أن تسهم فى نشر الوعى بين أفراد المجتمع بأهمية الرياضة ويعزز الابتكار والتنوع فى القطاع.

سادساً وأخيراً، الاستثمار فى التكنولوجيا الرياضية والبنية التحتية الرقمية يمكن أن يساعد على تحسين الكفاءة وزيادة العائدات. فتبنى تقنيات مثل تحليل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعى يمكن أن يحسن من استراتيجيات التدريب والتسويق والإدارة.

ما يجب إدراكه هو أن الاستثمار الرياضى يحمل إمكانيات هائلة لمصر، حيث يمكنه أن يكون مُحركاً رئيسياً للنمو الاقتصادى وخلق فرص العمل، فضلاً عن تحقيق فوائد اجتماعية واسعة النطاق. تحقيق التقدم هنا معتمد على مدى قدرة راسمى السياسات على تبنى رؤية طموحة لجعل قطاع الرياضة ليس مجرد نشاط ترفيهى، بل كأداة قوية للتغير الاجتماعى والاقتصادى وقوة دافعة حقيقية للتنمية الشاملة فى المجتمع المصرى.