عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فى الثلاثين من أغسطس تحل الذكرى الثامنة عشرة لوفاة أديبنا العظيم نجيب محفوظ، وأعتقد أن نجيب محفوظ قد مات على مسافة من الجبلاوى أقرب منها بينه وبين عرفه.. ليس لأنه كان أقرب لليقين العلوى منه لجسارة الشك من أجل المعرفة.

ولكن لأن هذا المبدع العظيم قد عاش عمره مناضلاً بأدبه وإبداعه فى سبيل إعلاء قيمة الحرية والعدالة، وقد مات وحارتنا لم تتصالح بعد لا مع الحرية ولا مع العدالة ولم يفعل العلم بها ما فعله عرفة بحارة الجبلاوى وبالجبلاوى نفسه.

ومن هنا فإن نجيب محفوظ قد مات قبل أن يستريح وتمتلئ عيناه برؤية الحارة المصرية الكبيرة قد نعمت بعلوم عرفة وبالعدالة التى دعا وسعى إليها كل من جبل ورفاعة وقاسم ولا يزال الواقع بالحارة المعاصرة لا يختلف كثيراً عن واقع حارة جبل وحارة رفاعة وحارة الجرابيع التى شهدت مولد قاسم.

لم يتغير المشهد والأحرى أنه ازداد سوءاً إذا قورنت حارتنا اليوم بحارات وراء البحار كانت أكثر منا تخلفاً ومرضاً وكآبة على زمن جبل ورفاعة وقاسم.

لم يتغير شيء ولا يزال الجبلاوى صامتاً بعيداً خلف فضاء لا نراه ولا نعرفه ورغم ثورته على أدهم فى البدء وطرده من الحديقة لأنه خالف أمره واقترب من حجة الوقف الذى حرم هو الاقتراب منها.

 لماذا يصمت جدنا الجبلاوى هكذا أمام المظالم التى يتعرض لها أهل حارتنا وجبروت الفتوات الجدد الذين يملكون المال والجاه والسلطة أمام فقراء لا يملكون إلا الخوف من بطشهم.. كيف يا عمنا نجيب وأنت فى خلوتك الأبدية، يصمت الجبلاوى هكذا أمام وحشية جرائم الأمريكان والصهاينة وهم يذبحون الأطفال فى غزة ليل نهار. 

 الأسئلة الوجودية كثيرة يا عمنا نجيب، وقسوة ظلم الأغراب والأقارب والأهل، دفعت الناس إلى الشك فى جدوى انتظار كلمة جدنا الجبلاوى التى ترسى قواعد العدل والحرية من جديد. تذكر معى ياعمنا نجيب صرخة الشاعر صلاح عبدالصبور فى رائعته « الناس فى بلادى «: 

(يا أيها الإله …

كم أنت قاسٍ موحش يا أيها الإله)

بالأمسِ زرتُ قريَتى، قد ماتَ عمِّى مصطفى

ووسَّدُوه فِى التُّرابْ

لم يَبتَنِ القِلاعَ (كان كُوخُه من اللَّبِن)

وسارَ خلف نعشِه القدِيمْ

مَن يملِكُون مِثله جلبابَ كتانٍ قدِيمْ

وماذا بعد، والحديث لجدنا نجيب.. قل لى يا سيدى من عالمك الأبدى إلى متى ستظل حارتنا قديمة ومنهوبة ومكسورة الجناح.. إلى متى ستظل حارتنا تكبر فى المكان وتصغر فى المكانة.. إلى متى ستظل وجوه أبناء الحارة صفراء شاحبة وعيونهم حائرة غائرة وأقدامهم تحملهم بتثاقل من أرهقه العمر وسرق شبابه وحلمه.. قل لى من جديد يا جدنا نجيب، هل حقاً مات الجبلاوى وإذا كان فلماذا لم يسكن عرفة قصره بخلاء حارتنا بعد.