عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تصحيح مسار

دفعنى توقى للأدب العالمى فى إحدى الليالى للاستماع إلى مسرحية إذاعية للكاتب النرويجى هنريك أبسن وتدعى "البطة البرية"، وهى إحدى روائع الكاتب الأشهَر، وتتميز بروعة رمزيتها ودقة نسج شخصياتها، حيث نجح من خلالها فى سبر أغوار النفس الإنسانية، والغوص فى أعماقها، إلا أننى أفقت من أفكارى تلك على صوت ابنى الشاب الذى وقف عدة دقائق ينصت لما أستمع إليه ثم ما لبث أن سألنى متعجبًا: "إنت بتسمع الحاجات ده إزاى، وهل فعلًا بتلاقى متعة فيها، الحاجات ده انقرضت، أنا بقالى خمس دقايق واقف مش فاهم حاجة"، فأطرقت لحظات مفكرًا ثم أفضت فى شرح ما كنت أستمع إليه ومدى ما تزخر به المسرحية الإذاعية من رموز تخلب اللب وتبهر العقل وتمتع النفس فى آن، وأن تلك الأعمال الأدبية تفوق فى متعتها وقيمتها ما يشاهده على السوشيال ميديا والتيك توك وخلافه، وأنها تمثل رحيق زهرة فكر الإنسان وتتميز بالعمق الذى يفتقده جيلٌ بأكمله أصابته حالة من الاستسهال فأحجم عن القراءة واتجه إلى زخرف السوشيال ميديا بما تعج به من تفاهات سطحية وقضايا مصطنعة لا تفيد الشباب شيئًا وذلك لتحقيق أكبر مكسب مالى لصانعى مثل هذه المواقع وإزجاء وقت فراغ الشباب فيما لا يفيد، ولكن الجدال اشتد بيننا للدرجة التى أصابتنى حقيقة بالحزن.
وحزنى هذا يأتى ليقينى التام بخطورة هذا الأمر التى ربما لا يدركها الكثيرون، أو يقللون منها، متمثلًا فى ترسيخ مظاهر- بل مبادئ- غريبة عن القيم المصرية التى ترعرعنا عليها، فتراجعت قيم نبيلة مثل احترام "الكبير"، وانتشرت موجة من التقليد الأعمى وذيوع مصطلحات شاذة بين شباب الجيل تحت زعم أن هذا ما يريده الجيل هذه الأيام، فى طوفان للتسطيح أتى على الأخضر واليابس، وبات أنصاف- بل أرباع المواهب- هم من يتصدرون "التريند" مهما كان ما يُقال، فالأهم هو عدد المتابعين ليس إلا.
لا بد أن نعى أن مواكبة العصر لا بد أن تأتى بالتوازن مع ما نشأنا عليه من قيم تتوافق مع عناصر مهمة باتت للأسف مهجورة وأهمها التوعية بأهمية القراءة ومن ثم الثقافة، فرغم ما يُبذل من جهود حثيثة لتوعية الشباب بأهمية ودور القراءة، فإن موجة التسطيح و"التفهنة" عارمة تحتاج إلى مجهود يفوق بكثير ما نراه، لذا فإن كل فرد منا عليه دور يجب أن يقوم به فى أسرته أولًا، ولا بد لأمة "اقرأ" أن يستوعب شبابها أهمية القراءة، فهل من صحوة قبل فوات الأوان؟!