رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صواريخ

فرنسا تمثل الركيزة الأساسية لاستقرار وتماسك الاتحاد الأوروبى.. ومستقبلها السياسى يشغل الشركاء الأوروبيين ومعظم دول العالم، ومع الصعود الكبير لليمين المتطرف فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية، استشعر الجميع الخطر وتعددت السيناريوهات حول مستقبل فرنسا، وذهب بعض المحللين إلى أسوأ السيناريوهات واحتمال حدوث حرب أهلية فرنسية، على اعتبار أن فرنسا تضم أكبر نسبة من المهاجرين من أصول إفريقية وعربية، يلفظها اليمين المتطرف ويبالغ فى خطر وجودها ويدعى أنها تطمس الهوية الفرنسية وتسعى لأسلمة فرنسا، وإمعاناً فى سياسة العنصرية ضد المهاجرين يتبنى اليمين المتطرف قانون طوارئ ضد المهاجرين لإسقاط الجنسية الفرنسية عند مزدوجى الجنسية، وإلغاء حق الأرض - أى عدم منح الجنسية للمواليد على الأرض الفرنسية - وتعديل المساعدة الطبية الحكومية للمهاجرين، وتقييد العمل فى وظائف محددة للمهاجرين وترحيلهم أو دفعهم لمغادرة البلاد، وهو أمر شكل حالة من الهلع فى المجتمع الفرنسى بسبب تقدم اليمين التطرف فى الجولة الأولى من الانتخابات، وتسبب فى انتفاض الفرنسيين فى الجولة الثانية وتحقيق المفاجأة بفوز كبير لليسار.

< هناك عوامل مشتركة تلعب دورًا هاماً ومؤثرًا فى الانتخابات أينما كانت، وأينما وجدت، لا فرق بين عالم متحضر وآخر نامٍ، وهى الوضع الاقتصادى ومستوى المعيشة والخدمات المقدمة للمواطن، مقارنة مع مستوى دخله وأداء حكومته بشكل عام، وكلنا يعلم أن الوضع الاقتصادى العالمى متأزم وله آثار سلبية على معظم شعوب العالم، وإن كان بدرجات متفاوتة من دولة لأخرى، إلا أن الأزمة طالت الجميع بعد جائحة كورونا التى شلت حركة الاقتصاد والتجارة العالمية، وتلتها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها السلبية على سلاسل الإمداد الغذائية، وكانت فرنسا واحدة من الدول التى شهدت اضطرابات عمالية ومظاهرات فئوية كثيرة أدت إلى صدامات مع الحكومة من حين لآخر، وكان لها تأثير كبير على الأوضاع السياسية، وبالتالى على الانتخابات ونتائجها.. وفى اعتقادى أن الصعود الكبير الذى حققه اليمين المتطرف فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية كان بتأثير الأزمة الاقتصادية التى شعر بها الفرنسيون فى السنوات القليلة الماضية وأدت إلى تراجع شعبية الرئيس الفرنسى ماكرون وخسارة كتلته البرلمانية.. إلا أن المخاوف على الدولة الفرنسية واستقرارها دفع غالبية الفرنسيين نحو اليسار فى الجولة الثانية من الانتخابات.

< الحقيقة أن القراءة السياسية للانتخابات البرلمانية الفرنسية، تشير بوضوح إلى دلائل هامة وعميقة، يأتى على رأسها أن الأغلبية الكبيرة من الفرنسيين قد انحازت إلى الدولة الفرنسية واستقرارها فى مواجهة التطرف والانقسام الذى يهدد أمن ومستقبل فرنسا، وأن الأحزاب السياسية الفرنسية تمتلك خبرات سياسية كبيرة ومرونة واعية، واستطاعت رغم كل خلافاتها أن تتفق على نقاط مشتركة بعد أن استشعرت الخطورة من تقدم اليمين المتطرف فى الجولة الأولى، وقامت بالتنسيق فيما بينها لتشكيل تكتل مواجهة، وتمكنت من خلال هذا التحالفات من توجيه ضربة ساحقة وإسقاط اليمين المتطرف ووقف خطورته على الدولة الفرنسية، وحققت هذه الأحزاب انتصاراً تاريخياً بعد أن تمكنت الجبهة الشعبية الجديدة من الفوز بالمركز الأول وحصد 182 مقعداً من مقاعد الجمعية الوطنية - البرلمان - كما حقق التحالف الرئاسى لماكرون 198 مقعداً محتلاً به المركز الثانى، وجاء التجمع الوطنى اليمينى - اليمين المتطرف - فى المركز الثالث بـ143 مقعداً، ومما لا شك فيه أن الجالية العربية والإسلامية قد لعبت دوراً مؤثراً فى هذه الانتخابات التى شكلت تحدياً هاماً لمستقبلهم ومستقبل فرنسا بشكل عام التى أكدت غالبية مواطنيها الحفاظ على الاستقرار والتنوع الثقافى والسياسى لفرنسا.

 

حفظ الله مصر