عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

قبل أيام قليلة صدر تقرير «جلوبال جيندر جاب 2024» حول المرأة ومشاركتها فى المناصب القيادية فى مختلف دول العالم، حيث جاءت دولة أيسلندا فى المرتبة الأولى فى تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى المناصب القيادية، تلتها فنلندا، ثُم النرويج، ثم نيوزلنده، والسويد.

وكان من الملاحظ أن الدول العربية غابت تماما عن المراكز الخمسين الأولى، بل إن أول دولة عربية وردت فى التقرير كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التى جاءت فى المركز الـ74، تلتها تونس فى المركز الـ 115 ثم البحرين فى المركز الـ 116. وكان لافتا أن تأتى مصر فى مركز متأخر جدا فى التقرير وهو المركز الـ135 من بين 146 دولة.

ويعكس ذلك بشكل ما سمة اجتماعية شديدة السلبية اتسعت فى الآونة الأخيرة فى المجتمع المصرى رغم ما حققه من تطور وتقدم على مستوى التعليم والتنوع الثقافى والمشاركة البرلمانية، وهذه السمة هى استبعاد المرأة من المناصب القيادية فى الشركات والمؤسسات الكبرى.

وعلى الرغم من صدور قرارات من الهيئة العامة للرقابة المالية بشأن تمثيل المرأة فى مجالس ادارات الشركات المقيدة بالبورصة والشركات العاملة فى القطاع المالى غير المصرفى يبدو واضحا أن هناك إحجاما لدى مجالس إدارات كثير من الشركات العامة وشركات قطاع الأعمال العام، والمؤسسات العامة والشركات الخاصة عن اختيار النساء لمناصب القيادة، وهو إحجام لا يستند بالطبع إلى ضعف عام فى المؤهلات والقدرات، وإنما لتصورات مجتمعية ما زالت تعتبر المرأة أقل مقدرة من الرجل وأضعف فى الإدارة والقيادة.

وأغلب الظن أن عدم تمكين المرأة فى المناصب التنفيذية -بعيدًا عن مجالس الادارة- يرجع إلى أن الكيانات الاقتصادية المختلفة تُفضل بشكل عام تشغيل الذكور على الإناث استنادا إلى أن قانون العمل المصرى يمنح المرأة الحق فى إجازة وضع مدتها ثلاثة أشهر بأجر كامل، بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة الخدمة، سواء كانت تعمل بصفة دائمة أو بشكل مؤقت. من هنا فإن مصلحة أى كيان تتحقق مع تفضيل تشغيل الذكور على الإناث، إلا إن كانت طبيعة العمل نفسه أقرب لطبيعة المرأة.

لكن فى حقيقة الأمر فإن نص حق المرأة فى إجازات أطول من الممنوحة للرجل لا علاقة له بقدرة المرأة على القيادة والإدارة، خاصة أننا شهدنا بالفعل، بل ومازلنا نشهد نماذج كثيرة كانت إدارات النساء فيها أفضل وأرشد من غيرها.

كذلك، فقد كانت مصر من أوائل الدول العربية التى اهتمت بتعليم النساء، وبمشاركتهن فى مختلف قضايا المجتمع، وربما كانت أسبق الدول العربية فى منح النساء الحق فى التصويت فى الانتخابات البرلمانية وغيرها من الانتخابات، وكان لها السبق أيضا فى تعيين المرأة كوزيرة، وانتخابها كعضوة فى البرلمان.

وأتصور أن ظهور النساء فى مناصب قيادية بمختلف الهيئات والكيانات الاقتصادية وغير الاقتصادية فى مصر كان أكبر قبل 2011 منه الآن، رغم أن الحديث عنه الآن أكثر مما كان عليه من قبل، وهو ما يحتاج فى رأيى لاستقراء واسع وتحليل عميق.

إننا نلاحظ مثلا أن هناك تراجعا واضحا فى مساهمة المرأة بشكل عام فى القوى العاملة فبيانات 2023 تظهر أن نسبة مساهمة النساء فى القوى العاملة عموما تبلغ نحو 16 فى المئة، مقابل 23.6 فى المئة عام 2015، ولا شك أن هذا يحتاج لانتباه ودراسة وتفسير.

إننى أعرف جيدا -كما أشرت من قبل- أن كثيرا من المؤسسات المالية والبورصة والبنك المركزى أصدرت فى الآونة الأخيرة قرارات هامة لزيادة نسبة تمثيل المرأة فى مجالس الإدارة، فمثلا البنك المركزى ألزم البنوك المحلية بزيادة تمثيل المرأة فى مجالس الإدارة منذ عام 2019». لكن يبدو أن القضية أعمق وأخطر من مجرد توجيهات أو قرارات ورقية، فثمة ما يُعبر عن موجة ثقافية عامة فى المجتمع ككل. وأتصور أن التقرير الأخير ينبهنا لذلك، وأنه ينبغى التحرك.

وسلاما على الأمة المصرية..