رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

العنوان أعلاه هو السؤال الذى ساد كل أنواع الفضاء الإعلامى، خلال الأيام القليلة الماضية، فى سياق ترقب الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة، بعدما أعيد تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيلها مرة ثانية، بعد مضى ستة أعوام على رئاسته للحكومة الحالية منذ يونيو 2018. والسؤال عما يريده المواطن من الحكومة الجديدة، قد يكون استنكاريا ينطوى على معنى مضمر يقول: هو المواطن عايز إيه أكثر من كده. وقد يكون استفهامياً، وكأن من يسألونه لا يعرفون إجابته.
لا أظن أن من يسألون السؤال عن ماذا يريد المواطن من الحكومة الجديدة لا يعرفون إجابته. ومن المؤكد أن الحكومة تعلم جيدا ماذا يريد المواطنون منها، لأن ما يريده المواطن من الحكومة الجديدة ببساطة، هو نفسه ما كان يريده من الحكومة السابقة: المساواة فى تحمل تكاليف وأعباء السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنفذة، وحد أدنى معقول من العدالة الاجتماعية، بوضع أولويات لإعادة توزيع الدخل القومى، تقوم على دعائم ثابتة متراكمة لتوفير متطلبات الحياة الكريمة فى مجالات العلاج والغذاء والتعليم والسكن، وليس القائمة على التبرعات والحماية الاجتماعية باجراءات مؤقتة.
ولأن سوء الظن من حسن الفطن، فقد أثار الريبة والمخاوف المشروعة من استمرار السياسات التى دامت خلال السنوات الست الماضية مع تشكيل الحكومة الجديدة، لماذا؟ لأن خلالها ارتفع بشكل مخيف حجم الدين العام، بسبب إفراط الحكومة فى سياسات الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وتجاهلها للنتائج الضارة على الاقتصاد القومى من القبول بشروطه، والتخلى عن سياسات التنمية والانتاج، والاعتماد على الاقتصاد الاستهلاكى غير المنتج، بما كان يسميه المفكر الاقتصادى الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله «تنمية التخلف».
وخلال الأعوام الستة الماضية، بات من الصعب السيطرة على غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، مع الفشل التام فى السيطرة على الأسواق، والعجز الحكومى عن التصدى لغلاة المحتكرين من التجار. فى نفس الوقت الذى تم فيه رفع أسعار الوقود، وتخفيض الدعم عن السلع الغذائية ورغيف الخبز.
ومع أن تخفيض قيمة الجنيه عام 2016من 8 جنيهات إلى 15 فى مواجهة الدولار، ساهم فى زيادة تكاليف المعيشة، ولعب دورا فى ارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية، فقد لجأت الحكومة مؤخرا، مرة أخرى إلى تخفيض جديد فى قيمته، ليصل لأكثر من 47 جنيها فى مواجهة الدولار، بسبب رفضها الدائم لاقتراح بالاعتماد على سلة متنوعة من العملات الصعبة فى التعاملات الاقتصادية للتخفيف من وطأة ضغوط الدولار فى الأسواق العالمية. ومن المعروف أن تلك الضغوط ما هى إلا شروط تصنعها الولايات المتحدة الأمريكية تعزيزا لمصالحها، من خلال المؤسسات المالية الدولية التى تمتلك النفوذ الأكبر بها كالصندوق والبنك الدوليين، وتروج عبرهما لأكذوبة أن تخلى الدولة عن دورها السيادى فى وضع السياسات العامة لإدارة الاقتصاد القومى، وانسحابها من الخدمات الاجتماعية، واللجوء إلى خصخصة كل مؤسساتها، بحيث يؤول إلى الصندوق وضع السياسات المالية والنقدية والتجارة الخارجية، لمن يقبل بشروطه، هو توجه يخدم اقتصاديات الدول الفقيرة!
الحكومة القادمة تعلم تماما أن المواطن لا يريد سوى الإنصاف فى السياسات التى تأخذ بها، وعليها أن تدرك أن رضا الناس على ما تقوم به الحكومات، جزء لا يتجزأ من الأمن القومى بمعناه السياسى والاجتماعى الشامل.
وجه الرئيس «السيسى» فى خطاب تكليفه للدكتور «مصطفى مدبولى» بضرورة أن يضم التشكيل الحكومى الجديد عناصر من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المميزة، وهو ما يعنى التفكير من خارج نطاق الاختيارات الفاشلة السابقة بين الولاء والكفاءة، لأن مصر تحظى بكثيرين من أبنائها ممن يتمتعون بالحسنيين معا الكفاءة والولاء للوطن. وحدد الرئيس أهدافها بالحفاظ على الأمن القومى المصرى، وبناء الإنسان خاصة فى مجالات التعليم والصحة. ولو حكومة الدكتور مدبولى أولت اهتماما حقيقيا بتنفيذ تلك الأهداف، لسهل عليها ذلك الانتقال بسلاسة لبقية أهداف خطاب التكليف، وبينها مواصلة الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الارهاب، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى والخطاب الدينى المعتدل، وزيادة الاستثمارات، وتشجيع نمو القطاع الخاص.
توقفت طويلا أمام خلو خطاب التكليف من أية إشارة إلى مكافحة الفساد الذى بات يستشرى فى مؤسسات الدولة، ويلتهم جزءا لا يستهان به من مواردها، ويهدرها فى نواحى الخلل السائد فى أوجه إنفاقها. كما أثار التساؤل افتقاد الخطاب لفقرة واضحة لدعم الحياة الحزبية والنهوض بها، والاكتفاء بإشارة تحتمل كل تأويل عن «مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية». والغريب أننا فى دولة يقوم نظامها السياسى كما ينص دستورها على التعددية الحزبية، لكن الحكومة طوال عقد كامل لا تتذكر ذلك، إلا حين تحتاج دعمها فى وقت المحن الأزمات.
الحياة الحزبية السليمة والنظام النيابى الديمقراطى، لا يقران فقط بالقوانين والدساتير، بل بالممارسة الحرة المتراكمة، التى ترفع كل القيود المفروضة على حريات الرأى والتعبير فى المجال العام وفى المؤسسات الإعلامية، وفى الأحزاب وداخل الجامعات والمنظمات والاتحادات الجماهرية، لكى يصبح الطريق إلى التغيير ممكنا بالطرق السلمية والأدوات الديمقراطية.
لعل ما سبق يشكل إجابة عما يطلبه المواطنون من الحكومة الجديدة، فليتها تنصت قليلاً.