رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل المهم القول أم الفعل؟ يمكن أن تقول كثيرا.. لكنك لا تفعل أى شىء مما تقول، وهنا تكون الطامة الكبرى.. يقول ويقول.. ثم ماذا؟ لا شىء.. نقول ذلك بمناسبة الأحداث التى تحدث الآن.. أقصد بها ما تفعله إسرائيل تجاه الفلسطينيين.. منذ نكبة 48 وإسرائيل تضع فى خطتها كيفية الخلاص من الفلسطينيين بشكل أو بآخر.. هى قالت.. لكن المشكلة ليست فى القول.. المشكلة فى الأفعال.. هى تفعل وتستخدم كل السبل فى تنفيذ ما تقول.. فى المقابل يمكن أن تجد من يقول ويقول ثم ينام فى سبات عميق بعد ما قال.. ماذا قلت مثلاً: سأذهب لأبعد مدى.. ثم تكتشف بعد سنوات أنك لم تبرح مكانك على الإطلاق.. بل إنك نسيت ما قد قلت.. هنا تكون المأساة.. هذا ما يتسم به من يجيد الثرثرة والخطب الرنانة والحماسية.. الكثير من الكلام الجعجاعى يلهب الجماهير الغوغائية، لكنه لا يغير الواقع الآسن.. وهناك مثل شعبى يقول (كلام الليل مدهون بزبدة.. إن طلع عليه النهار ساح).. إنها الثرثرة غير الفاعلة وغير المفيدة، هناك من يقسم ويجيد تلك الثرثرة.. لكن المهم هو الفعل والفعل مجهد ومكلف ويحتاج إلى الإمكانيات لتحقيقه.
يمكن أن تقول وتقول.. وتقضى حياتك فى أقوال وصراخ وضجيج.. لكن فى أرض الواقع أنت لا تفعل أى شىء، بل إنك فى حالة عجز كامل عن أى فعل.. الذى يتحدث كثيراً لا يفعل، بل هو من داخله يدرك أنه لن يفعل أى شىء وكل كلامه هو (زر الرماد فى العيون).أتوقف عند كلمة على لسان رئيس وزراء العدو الإسرائيلى: (سيفاجأ العرب ذات يوم بأننا أوصلنا أبناء إسرائيل إلى حكم بلادهم).
هو قول بسيط عميق ربما يواجه من الذهن السطحى والجعجاعى بالكثير من الاستهتار وعدم الاهتمام، بل قد يعتبره البعض جنوناً ما بعده جنون.. لكن عندما تتأمل الأمور بهدوء تكتشف أنه يتحقق بشكل أو بآخر.. فعندما تشعر بأن الجميع فى حالة من العجز وعدم القدرة على الفعل والتأثير.. فى المقابل نجد إسرائيل تفعل كل ما تريد.. هنا تدرك مدى الفداحة فى الأقوال الثرثارة والأقوال القادرة على أن تحدث الأفعال المؤلمة والقاسية والمفجعة.. نعم ندرك ونعلم أن إسرائيل أداة أمريكية. لكن فى المقابل الذهن الآخر غير قادر أن يفعل ويؤثر بشكل قوى رغم كل الإمكانيات. وهو لا يجيد إلا الصمت والثرثرة، فلنا الله.
علينا أن ندرك أن من يجيد القول والصراخ لا يجيد الفعل أو هو مفتقد أى قدرة على الفعل والتعبير، والسبب ببساطة أنه لا يمتلك قدرة على التفكير المنظم والمدروس والفاعل.. بينما من يجيد الفعل ينطلق من رؤية واضحة أو فكرة مدروسة بعناية ويعرف كيف أنها ستتحقق، ربما يطول الزمن، لكن يعلم أنه سيحققها ولديه القدرة على تطوير الأفكار فى الوقت المناسب.. بينما أصحاب الكلام الكثير لا يمتلكون أى رؤية أو تصور ناهيك عن افتقادهم الدراسة والإدراك والتبصر بالأمور وبالإحداث.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون