رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في ظل وضع إقليمي يشوبه الاضطراب تخوفا من اتساع رقعة الصراع في الشرف الأوسط اثر تفاقم تداعيات الحرب الإسرائيلية علي غزة، إلي جانب صراعات أخرى يغذيها التنافس والتجاذبات الدولية بين الأقطاب العظمى مما يزيد من حدة النزاعات والصراعات الحالية ويفاقم أزمات المنطقة العربية التي تشهد اهتزازات أمنية وسياسية واقتصادية لتأتي أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين2024 بمشاركة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كمساحة لتوظيف هذه التفاعلات وتقنينها بصورة أكثر وضوحا.
وقد حرص أكثر من ثلثي القادة العرب على حضور قمة المنامة، هذا بالإضافة إلى حضور وزراء الخارجية العرب في القمة، إذ بلغ عددهم 21 وزيرًا من أصل 22 دولة عربية، ويعتبر ذلك الأعلى في تاريخ القمم العربية منذ بدء انعقادها في القاهرة 1946. 
وبالتالي تكمن أهمية القمة في توقيتها، فهي قمة دورية واعتيادية ولكن هذه المرة تعُقد في ظرف استثنائي وفارق بالنسبة للمنطقة العربية ككل حيث يتشكل المشهد الإقليمي من جديد، ويشهد تحولات جيوسياسية عميقة، في ظل تصاعد حدة المنافسة وتزايد الصراعات بين القوى الباحثة عن موطئ قدم داخل الإقليم العربي ، فأجندة هذه القمة مثُقلة وتحمل في طياتها ملفات إقليمية ، وعلي رأسها ملف تداعيات الحرب الإسرائيلية علي غزة وازمة توفير المساعدات والاغاثات الإنسانية إلي جانب مرحلة لما بعد الحرب والخاصة بإعادة إعمار غزة.

ومع استقراء دلالات انعقاد القمة، فقد تبين استمرار تفاقم الازمات العربية وتشابكها في بعض الأحيان، حيث يشهد الأمن القومي العربي عددًا من الأزمات المتزامنة وتحديات جمة مع نجاح بعض دول الجوار من القوي الإقليمية في السيطرة علي مجريات الأمور في بعض الدول العربية وهو ما تجلي بوضح في الهجمات التبادلية المحدودة بين إيران وإسرائيل وأيضا التهديدات الحوثية للملاحة البحرية، إلي جانب ما آلت عليه الأوضاع في سوريا والتدخلات المباشرة بها أضافة إلي التدخل الاثيوبي في الصومال وهو ما يشكل بدوره تهديد إلى الامن القومي العربي، وهو الأمر الذي تعكسه المِلفاتِ المطروحة في قمة المنامة، فالشقُ السياسي الأمني يحتلُ نحوَ 70% من هذه الملفات. 
إلي جانب كافة الازمات المذكورة اعلاه، فانعقدت قمة البحرين وسط توترات في العلاقات المصرية الإسرائيلية وذلك علي خلفية تفاقم الازمة الإنسانية في فلسطين، وبدء هجوم إسرائيل علي رفح، وذلك وفقاً لتقرير وول ستريت جورنال الصادر في 14 مايو. 
كما تنعقد القمة في ظل أوضاع اقتصادية استثنائية فرضتها حالة الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني في الشرق الأوسط إلى جانب التأثيرات المتسارعة للتهديدات الناجمة عن التنافس بين القوي الإقليمية والدولية فوفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي وأيضا منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فأن التوقعات الاقتصادية العالمية "قاتمة" لعام 2024، حيث يتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من نسبة 3% كانت متوقعة في عام 2023 إلى 2.9% في عام 2024.
هذا بالإضافة إلي الاوضاع الأمنية التي لم تكن بعيدة عن جدول اعمال قمة البحرين نظرا لما يمثله الملف الأمني من أهمية و تداعيات علي الملفات الأخرى والتي تتطلب توحيد رؤي والوجهات حول الملف الأمني العربي، وبالتالي استهدفت قمة البحرين تعميق التعاون والدفع بآليات العمل العربي المشترك والإبقاء على التشاورات والتنسيقات المستمرة ودعم التعاون الاقتصادي العربي.

علي صعيد المكتسبات التي تمخضت عن القمة تتمثل أولا في الاجماع العربي، حيث اتسمت هذه القمة بالسلاسة والتخلي عن التجاذبات. فقد تم الاتفاق على عقد مؤتمر برعاية اممية لبحث حل الازمة الفلسطينية، فضلاً عن نشر قوات دولية في الأرض الفلسطينية إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
وأيضا الاتفاق علي بعض الملفات من بينها القمة العربية - الصينية الثانية التي تستضيفها بكين، وإنشاء منتدى للشراكة بين جامعة الدول العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا، ودعم وتأييد مرشح مصر لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو، إضافة إلى دعم ترشيح مرشح جيبوتي لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
ثانيا، الاتفاق علي رسم خارطة طريق إزاء استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإقامة الاتحاد الجمركي العربي، والتعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي، ومبادرة شمولية المقاصد السياحية العربية المعاصرة.
الخلاصة، ان انعقاد هذه القمة له دلالات إستراتيجية مهمة، حيث تعد أعمال القمة البحرين فرصة للدول العربية لاستعادة وحدة الموقف العربي فهي تشكل فرصة لبناء توافقات حول القضايا الإقليمية.