رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق

أخطأ ذلك المسئول الذى قرر يوما حذف دور -وكلمة- «التربية» من مسمى وزارة التربية والتعليم. الأسرة لا تستطيع وحدها أن تربى أبناءها، خاصة فى ظل توحش الرأسمالية وسطوتها التى قضت على أى تكافل اجتماعى. الأسرة لم تعد عفية وقادرة كما كانت، وهيبة الاب والأم توارت خجلة أمام المربين الجدد: التيك توك والانستغرام والفيديوهات الطلقة -كما يسميها نبيل عبدالفتاح- والسيناريوهات التى تنقل عوالم تزغلل عيون الصغار تقليدا ومحاكاة. ينتشر الإدمان والمخدرات فى الشوارع وأمام المدارس وفى صالات الجيم وصالات الأعراس وغيرها. يشترى اطفال فى الثامنة من عمرهم مطواة قرن غزال يلعبون بها مع بعضهم أو يبقرون بطون بعضهم، وربما يتطور الامر فنرى سيفا يلمع فى الفضاء يحصد رأس مواطن، ويتيه قاطع الرأس مختالا بنفسه ومحتفلا فى الشارع -وهذا حدث فى الاسماعيلية قبل شهور- متحديا الناس بالمئات ومتحديًا السلطات، التى لديها من المشكلات والتحديات ما هو اكثر من الهم على القلب.

مخدرات ومطاوٍ وسنج وغياب عن المدرسة وعدم اهتمام بالدروس وتعلم الالفاظ الخارجة واكتساب اخلاقيات وثقافة «بتوع التوكتوك».. هذه هى المناخات التى انحسر فيها دور التربية المدرسية فلم تعد كما كانت فى الماضى. تكسرت هذه الاجنحة المهمة: البيت والأسرة،المدرسة، المسجد، الكنيسة، الشارع وحده أصبح هو المعلم.. بكل ازدواجيته فى تعامله مع الدين، فقد اختزله الناس فى مجرد اقامة الشعائر، اما المعاملات فلا توجد منها أى شعرة مرتبطة بأخلاقيات الدين، اى دين اسلامى مسيحى يهودى الخ!

المدرسون فى المدرسة اعتادوا ان لا تكون لهم علاقة بالتربية، وبعد ان كانت المدرس يظهر فى السينما وهو فى الفصل ويكتب على السبورة «درس الأخلاق» لم يعد هناك سوى النماذج السيئة التى يتعلم منها التلاميذ سوء الخلق فى التعامل مع المدرسين؟! يستسهل المدرس اخراج الطالب المشاغب من الحصة و«تذنيبه» بالوقوف و«وشه للحيطة»، ثم يدق جرس الحصة وينتهى الأمر، فيخرج الطالب فاشلا مع مدرسه ومع دروسه ومع واجباته، فلا يتلقفه سوى أصحاب السوء، فيأخذونه إلى حيث يمارسون كل ما يمكن أن يثبتوا فيه رجولتهم المبكرة! هذا «بلاى ستيشن» نذهب إليه بدلا من درس الانجليزى، وهذا سوق نشترى منه مطواة قرن غزال نهدد بها من يحاول من طلاب المدارس الاخرى أن يعلو كعبه فوقنا أو «يتمنظر» علينا، وغير ذلك كثير!

هذه النوعية من التلاميذ يملأون بيوتنا والشوارع المحيطة بمدارسنا، وحتى أمام سناتر التعليم التى اصبح مسموحا بها. تساهلنا فى الانضباط المدرسى، حتى اصبح التلاميذ لايذهبون للمدرسة، ولو فعلوا فمن باب التغيير وبدلا من «قعدة البيت»، والمدرس لم يعد يهتم بمصادقة الطلاب وفهمهم وتقريبهم منه، كما أن الاخصائيين الاجتماعيون لم يعودوا مؤهلين ويغيب دورهم الفعلى فى التقويم، والبحث فى أعماقهم عما يعيق تربيتهم الصحيحة.

لم يعد المدرس يفعل اى شيء سوى إهمال تلاميذه، وانتظاره فى السناتر، وبعد ذلك يفترسهم الشارع بكل ما فيه من قيم متدنية وازدواجية ثقافية مريعة. الشارع اصبح هو المعلم الأكبر فى ظل هزيمة الأب والأم والأسرة كلها فى معركة الحياة، بحثا عن لقمة العيش! ما الذى يفعله أب وأم مفحوتان فى معركة المصاريف؟ يتبع