رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحيق مختوم

تأسست جامعة كولومبيا العريقة 1754 قبل اشتعال الثورة الأمريكية حيث خرّجت نخبة الساسة والاقتصاديين وأكثر الحائزين على جائزة نوبل في العلوم، تقع في حي هارلم الشهير معقل حركة الحقوق المدنية فكان عام 1968 هو موعد انطلاق شرارة المظاهرات المناهضة للحرب علي فيتنام فقد شهدت ساحات كولومبيا مشهداً درامياً نادراً عندما قرر طلابها التصعيد والاعتصام بالحرم الجامعي واحتلال 5 مبان أخرى لمدة أسبوع وهو ما أغضب رئيس الجامعة حينئذ جريسون كيرك الذي اتخذ قراراً متهوراً مخالفاً لكل التقاليد والأعراف الاكاديمية بالسماح لشرطة نيويورك باقتحام الحرم الجامعي وفض الاعتصام  بالقوة وتحولت ساحات الجامعة إلى حرب شوارع بين  ألف رجل أمن مدججين بالسلاح والطلبة العزل أسفرت هذه العملية الشنيعة عن اصابة  أكثر من 100 شخص وقبض على أكثر من 700 وأثارت هذه الفوضى العارمة حفيظة المجتمع الأكاديمي الذي تضامن مع طلبة كولومبيا ولم يثني هذا القمع الوحشي عزيمتهم ونجحت حركتهم الشجاعة في وقف حرب فيتنام وشرعنة الحقوق المدنية وقد ندم كيرك فيما بعد علي هذا القرار الغبي ووصفه بأنه أكثر قرار مؤلم اضطر لاتخاذه طوال حياته.
وها هي جامعة كولومبيا تعود للصورة من جديد وتصنع الحدث الذي يتصدر عناوين الأخبار بعد أكثر من خمسة عقود بعدما أذنت «مينوش البريطانية الأمريكية» وليست نعمات شفيق المصرية العربية لشرطة نيويورك اقتحام الحرم الجامعي وفض الاعتصام المؤيد لوقف إطلاق النار بغزة ووضع نهاية لحرب الابادة الجماعية.
بالرغم من تملق ونفاق مينوش المشين للوبي اليهودي الذي يبتزّ كل النافذين تحت فزاعة مكافحة معاداة السامية لم يمنع ذلك الكونجرس من ضربها بعنف تحت الحزام واتهامها بالتقصير والرعونة في تأدية واجباتها بل ومطالبتها بالاستقالة فلا هي حافظت علي وظيفتها ولا هي احترمت شرفها الأكاديمي وهنا يعتصر المرء الألم من المقارنة المخزية مع كلاً  من ليز ماجيل رئيسة جامعة بنسلفانيا، وكلودين جاي رئيسة جامعة هارفارد، بعد تضحيتهما بالمنصب الزائل والوقوف بشجاعة ضد التيار الجارف بإصرارهما علي دعم حرية الطلبة في التعبير والتي هي ركيزة اساسية للنظام الديمقراطي الامريكي حيث يحمي ويضمن التعديل الدستوري الأول الحق في حرية التعبير  ويقف سداً منيعاً ضد معظم القيود السلطوية.
لطالما كانت الرواية الصهيونية هي الرواية الوحيدة المسموعة داخل الأروقة الاكاديمية نتيجة عقود من العمل المنظم والدؤوب من منظمة الايباك التي استخدمت كل الأساليب المشروعة والغير مشروعة لوأد اي بارقة تضامن مع الحقوق الفلسطينية.
لكن الزمن تغير وجاء أخيراً بمن يجرؤ علي الكلام فغضب طلبة الجامعات الأمريكية فاق كل تصور لاسيما بعد انتشار المشاهد الوحشية لحرب الإبادة الجماعية وإيضا تعامل السلطات مع المظاهرات السلميّة علي طريقة الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تنتقدها وأضحي القمع البوليسي يتصاعد بجنون عبر القوة المفرطة، واستخدام فرق الخيالة للصواعق الكهربائية والقنابل المسيلة للدموع، وحتى الرصاص المطاطي كل هذا الغباء السياسي أدى إلى نتيجة عكسية وانتشرت المظاهرات الغاضبة كالنار في الهشيم في كل الجامعات وبالتأكيد سيدفع بايدن والديمقراطيين ثمنا باهظا للانبطاح المهين أمام رغبات نتنياهو السادية في صندوق انتخابات الرئاسة والكونجرس وربما يتشظى مكونات الحزب الديمقراطي الذي ترتكز قواعدها الانتخابية  علي الاقليات والشباب
بلا أدني شك أمريكا أمام لحظة تاريخية بكل معنى الكلمة فنظامها السياسي القديم يجلس علي فوهة بركان قد يشتعل في أى لحظة، يبدو أن لعنة أشباح غزة ستصيب الجميع ولن يفلت أحد من العقاب.