رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«العبثية» هو مصطلح فلسفى الأصل، لكنه لا يقتصر على الفلسفة، وكعادة العلوم الإنسانية فالعبثية كمصطلح يخضع لأكثر من تعريف، لكنه فى معناه العام يشير إلى السلوك والتصرفات غير العقلانية، والعبثية تتعلق فى جانب كبير منها بالسلوك المتناقض، المبهم، الغامض وغير المفهوم فلا تستطيع فهم الأحداث أو تفسيرها. لذلك؛ إذا ما أخذنا مفهوم «العبثية» إلى ساحة السياسة، فالعبثية السياسية تشير إلى سلوك ومواقف وتوجهات سياسية غير منتظمة؛ متناقضة، تسعى للفوضى، لكنها فوضى مخططة للوصول إلى الأهداف التى يسعى إليها من أوجد هذه العبثية. وللأسف عديد الفواعل الإقليمية لا ترى تحقيق مصالحها إلا عبر الفوضى.
إيران، أو الجمهورية الإيرانية الإسلامية هى تجسيد حى لحالة العبثية السياسية فى منطقة وإقليم الشرق الأوسط، والمتتبع للسياسة الخارجية الإيرانية، وتوجهاتها، وسلوكها يدرك دونما عناء مدى العبث والفوضى الذى تعمل إيران على خلقه فى المنطقة، لا لشيء إلا لتحقيق هدف واحد، وهو تحقيق المصلحة العليا الإيرانية واحلام وطموح التوسع الإيديولوجى الإيرانى ليس فقط كقوة إقليمية لكن كقطب عالمى فاعل ومؤثر، وهو ما افصحت عنه بوضوح تصريحات الرئيس الإيرانى خلال العرض العسكرى السنوى للجيش الإيراني.
لذلك؛ فالهجوم الإيرانى المزعوم على إسرائيل ما هو إلا نتاج حالة العبثية السياسية التى تحاول إيران فرضها على المنطقة. وهو هجوم أراه فشلا عسكريا ذريعا، هو هجوم دعائى بإخراج سينمائى أمريكى فى المقام الأول، أفاد إسرائيل وأعاد الدعم الدولى المفقود لها. نتنياهو كان منبوذا دوليا، ويتلقى كثيراً من الانتقادات من عديد من قيادات وزعماء العلماء خاصة الحلفاء الغربيين، لكنه بعد الضربة الإيرانية جلس فى مكتبه يتلقى الاتصالات من زعماء العالم بدءاً بالرئيس الأمريكى جو بايدن الذى انتقد نتنياهو مرات عدة فى الشهور القليلة الماضية، وتبعه فى ذلك العديد من زعماء ورؤساء الدول والحكومات سواء بتقديم الدعم معنويا وسياسيا، او من خلال المساعدة الفعلية عسكريا كما فعلت كل من فرنسا والمملكة المتحدة، وعلى المستوى الداخلى قدمت إيران لنتنياهو هدية على طبق من ذهب، واعطت لحكومته قبلة الحياة، فى ظل ضغوط متصاعدة فى الداخل الإسرائيلى، فالثقة بالحكومة منعدمة... والمعارضة تطالب بانتخابات مبكرة.
نظام الملالى فى إيران لا يختلف بأى حال من الأحوال عن اليمين فى إسرائيل، يبحث عن مصالحه أولا وأخيرا، وإيران مخلب قط ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط، لكن إفريقيا أيضا، لديها مخطط أيديولوجى تعمل عليه. ولا يهمها القضية الفلسطينية من قريب أو بعيد (ويختلف معى من يختلف). والدليل الأبرز على ذلك، ماذا قدمت إيران للقضية الفلسطينية على مدار 75 عاما؟!!!!! غير التصريحات الجوفاء...
وعلى مستوى الحرب فى غزة الآن؛ ورغم ثقتى التامة أن هذا الهجوم لا علاقة له من قريب أو بعيد بالأوضاع فى غزة، أو تخفيف الضغوط عن غزة، حتى رغم إعلان الحكومة الإسرائيلية تأجيل الهجوم المزعوم على رفح الفلسطينية، ورغم محاولات بعض المتشنجين عاطفيا، من هواة الرومانسية السياسية تطويع الهجوم الإيرانى وربطه بالحرب على غزة، فعلى العكس تماما، فالهجوم الإيرانى أضر أكثر مما أفاد، وإيران عبر هذا الهجوم الفاشل لم تفعل غير صبَ المزيد من الزَّيت على النَّار المشتعلة أساسا، ويَزِيدُ الأَمْرَ اشْتِعَالا اتساع رقعة الصراع، خاصة رغبة وسعى وكلاء الجمهورية الإسلامية فى اثبات الولاء من خلال المزيد من الهجمات العبثية فى العراق، وسوريا، والأخطر البحر الأحمر. 
وهذا الهجوم يعطى لنتنياهو الذريعة لإفشال مفاوضات ومسارات الهدنة والتهدئة فى غزة رغم الجهود المصرية الحثيثة لإقرار الهدنة ووقف إطلاق النار، ورفع المعاناة المستمرة لأكثر من 6 أشهر عن قطاع غزة.
الآن العالم ينتظر الرد الإسرائيلى على الهجوم الإيرانى المزعوم والذى بدأ أمس الجمعة باستهداف صواريخ إسرائيلية موقعا فى أصفهان وسط إيران، بالتزامن مع سماع دوى انفجارات فى كل من سوريا والعراق وفق ما أعلنته قناة ABC الأميركية نقلا عن مسئولين أمريكيين، وما يستتبعه من تداعيات وتوتر متصاعد فى ضوء تصريحات التهديدات المتبادلة بين الطرفين، بما ينظر بفوضى إقليمية واسعة النطاق، وهذا منتهى العبث. ومصر تقف وحدها صوت العقل والسلام وسط هذه العواصف والاضطرابات.