رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

لم يعزل عبدالناصر عبدالحكيم عامر، رغم الفرص العديدة التى لاحت له، ورغم لحظات انكسار عامر المريرة والمتعددة، فرغم اخفاقه العسكرى عام  1958 منح رتبة مشير، واصبح القائد الأعلى للقوات المشتركة! فى عام ١٩٦١ اسند اليه عبدالناصر مهمة الرئاسة التنفيذية لحكومة الوحدة فى الاقليمين الشمالى والجنوبى، ورغم اخفاقه المُذَّل فى ادارة الأمور فى سوريا، وتعرضه للإهانة من الضباط السوريين، وكونه احد اسباب الانفصال، الا أنه واصل الترقى: فأصبح نائبًا أول لرئيس الجمهورية، الى جانب توليه القيادة العامة للجيش! أهانه  الضباط السوريون وكادوا يفتكون به فعاد خائبًا مهزومًا، ولم يجبر خاطره سوى ناصر، ولم يكن عامر لا هو ولا عصابته -بتعبير عبدالحليم قنديل فى كتابه الجديد عبدالناصر الأخير- إذا حدث يستطيعون شيئا! كان ممكنا عزله غداة فشل الوحدة.. كان ممكنا قبول استقالة قدمها عامر  عام ١٩٦٤ ولم يفعل، فالعلاقة بينهما قوية وعائلية. جمال لم يقدم على «كسر صديقه» ابدا، وهذا ما لمحت اليه فى كلمتي بنقابة الصحفيين، بمناسبة صدور  كتاب عبدالحليم قنديل. جمال أطلق اسم عبدالحكيم على احد ابنائه.. وفعل عامر الشيء نفسه (جمال عبدالحكيم)، كما أن حسين عبدالناصر شقيق الرئيس جمال تزوج من آمال عامر ابنة المشير... الخ!

    المشهد الذى وصفه الاستاذ هيكل عن اللحظة التى شهدت قمة انكسار عبدالحكيم امام جمال، بعد ان علم  بزواجه سرا من «برلنتي»، لم تدفعه إلى عزله، بل أثارت عطفه وشفقته.. كانت لحظة شقاء حقيقية للقائد العسكرى ان يعرف رئيسه وصديقه انه تزوج سرا من فنانة! بكى  بين يدى ناصر وهو يعترف له بأن «برلنتي» حامل. فى هذه اللحظة كان عبدالناصر يستطيع إبعاده  ببساطة. التحديات التى واجهتها مصر، والتى فرضتها سياسات ومؤامرات  الامبريالية والصهيونية العالمية ضد ناصر، كانت تتيح له ذلك، لكن ناصر كان جاهزا للتعامل الدائم مع أخطاء  صديقه. صَدَّقه عندما  قال  له: «برقبتى يا ريس». جملة  رد بها على سؤاله له عن مدى جاهزية الجيش للحرب؟ قال عامر جملة كاذبة صارت مثلًا بين الناس، ورغم أنه من  الطبيعى ان القائد الخاسر يحاكم ويعزل بعد الهزيمة لكن لم يحدث!

    عبدالناصر احترم الصداقة والتاريخ، ولم يكن ممكنا لابن قرية بنى مر أن يخون  صديقه ابن قرية أسطال، وقد قاما بثورة ٢٣يوليو  معا، وعامر هو  أول من آمن بزعامة عبدالناصر. الاسرتان ترتبطان بوشائج قوية  والزيارات  متوالية وعامر فى بيت ناصر طوال الوقت، كل هذا وغيره هو ما حمى حكيم من العزل، حتى انتحاره!

    نعود إلى على العطفى، فعندما أشرت -فى قاعة نقابتنا العريقة- التى احتشد فيها عدد كبير من محبى ومقدرى الدكتور عبدالحليم قنديل، للاحتفاء بكتابه عبد الناصر الأخير -إلى كتاب عادل حموده بعنوان عبدالناصر اسرار المرض والاغتيال، والذى روى قصة شخص يدعى على العطفى، كان مدلكا للرئيس ناصر، وقبل ان اكمل حديثي استوقفني عبدالحكيم عبدالناصر.. وقال بهدوء وثقة: لا يوجد مدلك للرئيس اسمه على العطفى!

    ومع هذا لم تنفجر التساؤلات فى مصر؟ يتبع