عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الدعم الذى تتحمله ميزانية الدولة المرهقة كان ميلادًا لتدمير الصناعة الوطنية، وهذه النتيجة من خلال الزيارات الميدانية للعديد من المصانع فى مناطق صناعية مختلفة فى مصر سواء من تتبع نظام الاستثمار الداخلى أو تلك التى تتبع نظام المناطق الحرة، ومن خلال فحص السجلات الصناعية الخاصة بتلك المصانع، ومن خلال جداول رد الدعم (أعباء التصدير) من التسعينات لمصانع كثيرة فى مختلف التخصصات التى نستوردها جميعها اليوم بلا استثناء، وذلك من خلال الموافقات الرسمية من وزارة الصناعة والتجارة وهيئة الاستثمار من الستينات وحتى يومنا هذا، فى حين أن الدعم فى جميع الدول التى سبقتنا فى التصنيع مثل الصين وكوريا وسنغافورة تمنح الدعم لسنتين فقط أو ثلاث سنوات على أقصى تقدير، حيث إنه بخلاف استنزافه ميزانية الدولة يتحول إلى قوة مدمرة للمصانع والورش الصغيرة مما يقضى على تنافسية المنتج الوطنى، والدليل على ذلك أن نظاما واحدا وهو نظام الدروباك من الأنظمة الجمركية الخاصة جعل اليابان قلعة صناعية بالرغم من افتقارها الموارد الطبيعية، على عكس الحال فى مصر، فكان معول هدم للصناعة الوطنية، وكذلك نظام المناطق الحرة والذى تم استغلاله فى مصر كباب خلفى للاتجار والتهريب، فهذا النظام هو المسئول عن إغلاق حوالى 800 مصنع نسيج وتشريد حوالى مليون عامل.  

الإطار المؤسسى الحاكم للصناعات المصرية وتنوعه بين مؤسسات حكومية مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والجهات التابعة لكلتا الوزارتين، وكذلك مؤسسات التمويل المختلفة من بنوك عامة وخاصة، وأيضا مؤسسات غير حكومية التى تندرج تحتها منظمات المجتمع المدنى مثل جمعيات رجال الأعمال والمجالس التصديرية واتحاد الصناعات المصرية والغرف الصناعية المنبثقة عنه والمراكز البحثية ومركز تحديث الصناعة، ونتيجة لتعدد الجهات المختصة بتنظيم النشاط الصناعى فى مصر تظهر العديد من المشاكل، أهمها غياب الرؤية الموحدة وتشتت الجهود وتضارب الأدوار بين العديد من المؤسسات مما يترتب عليه تشتت مسئوليات الإشراف والتفتيش والرقابة وصعوبة المحاسبة والتعقيدات الإدارية وصولا إلى الفساد المالى والإدارى مما أثر بالسلب على العملية التصنيعية.

اعتماد الدولة على السياسة النقدية من خلال البنك المركزى دون السياسة الاقتصادية بشقيها السياسة الجمركية والسياسة التجارية، وكلتا السياستين تعمل بالتوازى للوصول لرؤية مكتملة للاقتصاد المستدام، ولمعرفة خطورة السياسة الجمركية، والتى تعتبر المعادلة المجهولة فى الاقتصاد المصرى هى مجموعة من السياسات التى تطبقها الدولة لتوجيه تجارتها لتحقيق أهداف معينة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.. إلخ ويعمل على وضعها موضع التنفيذ سلطات الجمارك فيها بذلك تتجنب الدول النامية ما تتعرض له من أضرار على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى إذا ما أخفقت فى اختيار السياسة الجمركية الملائمة لظروفها، والتى تتفق آثارها مع مصالح الدولة الاقتصادية.

هذا ما وصلت إليه التجارة الخارجية للاقتصاد المصرى خلال العقود الماضية من غياب الاستدامة، فالواردات المصرية من السلع والخدمات وما يتعين على الاقتصاد دفعه من فوائد الديون الخارجية تفوق صادراته السلعية والخدمية.

كما أن المكون التكنولوجى فى السلع والخدمات المصدرة للخارج يقل بمراحل أو ينعدم فى معظم الصادرات عن المكون التكنولوجى فيما يستورده، فالصادرات المصرية منخفضة القيمة المضافة، علاوة عن كونها تجميعا لمستلزمات ومكونات مستوردة وليست تصنيعا حقيقيا ناتجا عن بنية تحتية صناعية حقيقية تقابلها واردات مرتفعة القيمة المضافة، لذلك ترتفع درجة الحساسية والتأثر فى تجارته الخارجية، لذلك انعكست المؤشرات السابقة لتجارة مصر الخارجية فى ضعف مؤشرات الاستدامة، وفى زيادة الحاجة للاستدانة الخارجية وارتفاع تكاليف أعباء تلك الاستدانة، ونظرة سريعة على تطور الدين الخارجى خلال العقد الماضى كافية لإثبات هذا الواقع، توظيف مفهوم العناقيد الصناعية بشكل أكثر كفاءة لرفع تنافسية المنتج الصناعى المصرى وتطويره وزيادة مساحته فى الاقتصاد القومى لاستهداف صادرات 200 مليار جنيه سنويا، لأن ترسيخ مفهوم العناقيد الصناعية على المستوى الصناعى فى العقيدة الصناعية المصرية يضمن وجود مراحل تصنيع للسلعة الواحدة سواء الخاص بمنتج صناعى واحد أو مجموعة من المنتجات ذات الصلة ببعضها، وأيضا على المستوى الجزئى تواجد مجموعة من الموردين المتخصصين فى مكان جغرافى واحد فى ظل توافر مؤسسات صناعية تعتمد فى إنتاجها على هؤلاء الموردين.

وطبقا لهذا المفهوم الذى سبقتنا فى تطبيقه الدول المتقدمة صناعيا يتجمع أكبر عدد من الورش والمصانع الصغيرة والمتوسطة فى علاقات أفقية، وكذلك تندمج الورش والمصانع الصغيرة والمتوسطة مع الشركات الكبيرة فى علاقات رأسية مكونة عناقيد صناعية تبدأ بعد ذلك فى النمو وخلق اقتصادات الكفاءة نتيجة التجمع مما يؤدى إلى مزيد من الابتكار والتطوير فى المنتجات للاحتفاظ بمستوى تنافسية يليق بها، ومن خلال هذا المفهوم للعنقود الصناعى يتم التغلب على ما تواجهه المشروعات الصغيرة والمتوسطة من مخاطر تتعلق بالتمويل أو التسويق أو التكنولوجيا، حيث يتوافر العديد من المزايا على مستوى المنتجين المستهلكين والمستوى القومى من خفض مستوى البطالة والتخفيف من حدة الفقر ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد.

على الرغم من إنشاء مجلس الصناعة والتكنولوجيا للتكنولوجيا والابتكار تحت مظلة وزارة الصناعة عام 2010، بهدف وضع استراتيجية لمضاعفة الصادرات ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال إطلاق مشروعات قطاعية تهدف إلى تحسين جودة المنتج المصرى وجعله قادرا على المنافسة فى الأسواق العالمية وهيكلة تكلفة الإنتاج ويعمل من خلال متابعة وتطوير عمل مراكز التكنولوجيا التى تم إنشاؤها منذ أكثر من عشرين عاما، إلا أنه لم يحقق الغرض الذى أنشئ من أجله، لذلك لابد من مراجعة أعمال هذا المجلس للوقوف على العقبات والأخطاء التى حالت دون تحقيق الهدف الذى أنشئ من أجله بدلا من إهدار الملايين فيما لا طائل من ورائه.

على الجهاز المصرفى تطوير وابتكار حلول مصرفية وائتمانية لتحفيز المصنعين المصدرين على تحديث أصولهم الإنتاجية وامتلاك التكنولوجيا الحديثة فى مجالات التصنيع ورقابة الجودة والتعبئة والتغليف، وتعزيز دور المكاتب التجارية الخارجية والملاحق التجارية الملحقة بالسفارات المصرية بالخارج فى فتح أسواق أمام الصادرات وتذليل العقبات التى تواجه المصدرين. 

إعادة النظر فى السياسات الجمركية والإجراءات الضرورية لتعظيم الاستفادة من الاستثناءات التى تقدمها منظمة التجارة العالمية (الجات) فى حماية الصناعات الوطنية وزيادة الحواجز الجمركية أمام الواردات المهددة الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة العمل على تحفيز الاستثمار المحلى فى إطار بناء استراتيجية وطنية متطورة لتوطين وإنتاج مستلزمات الإنتاج للإحلال محل الواردات وتوجيه الدعم الفنى والتكنولوجى للمصانع التى تنتج بدائل الواردات مع التركيز على المشكلات والفرص المتاحة لبعض الصناعات فى إطار رؤية طويلة المدى للتطور الاقتصادى ودولة قادرة بما يكفى ليس فقط على إنتاج آثار هائلة للتطور الاقتصادى، لكن أيضا التحكم فى وجهة هذه الآثار، لأن هناك صلة بين النظام العام ونظام السوق الذى يسوده القطاع الخاص، حيث يستخدم كل منهما كمدخل للآخر مع تحديد الحكومة القواعد والتأثيرات على عملية صنع القرار فى القطاع الخاص ليتسق مع نظرة الحكومة للصناعات الملائمة والتطور التجارى والاقتصادى المرغوب فيه للاقتصاد ككل.

تصدير الصادرات المصرية فى صورة منتجات نهائية، فهى تزيد عشرة أضعاف على سعر المادة الخام، لابد من الخروج من مصيدة صندوق النقد الدولى لأن تكلفة ذلك بحجة التمويل الأجنبى بفائدة مخفضة وشهادة الجدارة الائتمانية للدولة لم تعد على مصر سوى بالتردى الكبير فى كافة المناحى، حيث تكلف الشعب المصرى تكلفة رهيبة جراء ذلك من بيع الأصول بأقل من قيمتها العادلة جراء الضغوط الحالية، اختلال الميزان التجارى بين مصر وبين كافة الدول الشركاء فى التجارة الدولية، فعلى سبيل المثال التجارة بين مصر والصين 20 مليار دولار، 98% منها صادرات صينية لمصر، ومن المعروف عالميا أن الصين تدعم صادراتها وتفتح الأسواق أمامها بكافة الطرق، حتى إنها تدفع رشاوى للموظفين فى الدول التى تصدر إليها، وأيضا تعطى القروض للمصانع دون فوائد وتدعم صادراتها بنسبة 8%- 12% من ثمنها إعانة تصدير فى حين أن المنتج المصرى محمل بالضرائب والرسوم والمعوقات الإدارية فأغلق معظم المصانع نتيجة تلك المنافسة غير الشريفة، لذلك ولقد خربت الصين الصناعة الأمريكية لذلك وضعت الإدارة الأمريكية 10% على الشركات الأمريكية التى تنتج فى الصين وخصصت مبالغ كبيرة كقروض بفوائد منخفضة للشركات الأمريكية التى تعيد افتتاح مصانعها على الأرض الأمريكية، يوجد في مصر نوعان من المناطق الحرة العامة والخاصة، أكثر من 9 مناطق عامة و200 منطقة خاصة، كلتاهما يهدف إلى زيادة الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى والتشغيل الكثيف للعمالة، وهو ما سعت إليه الحكومات المتعاقبة خلال أربعة عقود متتالية، لكن ما حدث مزيد من أرباح المستثمرين يقابله مزيد من الخسائر للدولة، ولدى الوفد الخطة الكاملة لإحكام تلك المنظومة الاقتصادية الخطيرة وتوفير ما يقرب من مليار دولار خسائر سنوية للاقتصاد المصرى حماية الصناعة الوطنية حتى تقوى على المنافسة، وذلك عن طريق إحكام المنظومة الجمركية، حيث إن 90% من الفواتير القادمة من تركيا والصين مزورة فيجب الاستعانة بفرض رسوم الإغراق والتدابير الوقائية لتحقيق الحماية والقدرة على المنافسة للصناعة الوطنية، وعدم الاستمرار فى تنفيذ الاتفاقيات الدولية دون ضوابط لحماية المنتج المصرى. 

يجب أن يكون الهدف الأساسى فى تلك المرحلة خلق فرص عمل منتجة تؤدى إلى تشغيل الشباب ودمجه في العملية الإنتاجية من خلال عمل لائق أكثر من مجرد وضع سياسات للاقتصاد الكلى، فالسياسات الصناعية التى تؤمن حوافز مدروسة بدقة من أجل تشجيع الاستثمار الإنتاجى وتوجيه الإنفاق العام نحو القطاعات الحيوية لبناء رأس المال الاجتماعى فى التعليم والصحة لها الأولوية المطلقة.

ضرورة تماشى السياسات النقدية مع السياسة المالية وليس العكس، ويجب أن تكون كلتاهما موجهة نحو أهداف اقتصادية حقيقية مثل خلق فرص عمل وحماية أسباب المعيشة وتوسيعها وتقليل رقعة الفقر، وهذا يستلزم نوعا من استقلالية البنك المركزى، بمعنى أن عملية استهداف التضخم فى حد ذاتها لا يمكن أن تكون الهدف المحورى للسياسات النقدية.