رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطوات الأستاذ «ظريف» وهو يصعد درجات السلم المتهالك أشبه بطريق العبور إلى المستقبل، كل درجة تمثل نوعًا مختلفًا من التحدى الواجب اجتيازه لفتح بوابة المرحلة التالية. الجيد فى الأمر، أن هذا الصعود اليومى ساعد حواس الأستاذ «ظريف» على التطور والنمو، فحاسة السمع والبصر والشم لديه أصبحت أكثر قدرة على التنبؤ بالأخطار وتجنبها. 

الرحلة اليومية للأستاذ «ظريف» من لحظة خروجه حتى عودته إلى نفس الباب، مليئة بالأرقام والحسابات والتقديرات والتوازنات، ربما تفوق حسابات بعض الدول وتوازناتها السياسية، يعرفها خبراء اجتياز طوابير انتظار سيارات «الميكروباص» وخبراء التفاوض مع أصحاب قرار تحميل هذه الشحنة من البشر! 

مشقة هذه الرحلة المعتادة جعلت وصول الأستاذ «ظريف» إلى منزله خطوة نحو السلام، رغم الأخطار الدائمة والمفاجئة من فواتير الكهرباء والغاز والمياه ومتطلبات «المعيشة»، والأهم من هذه الأخطار، هو التعايش مع محادثات زوجته «ظريفة» وأفكارها الجهنمية.  

بعد عبور الأستاذ «ظريف» درجات السلم، يفتح باب شقته فى موعد تستطيع الحكومة أن تأخذه نموذجًا للانضباط فى حالات قطع الكهرباء وتخفيف الأحمال، وكذلك تستطيع أن تضبط عليه «شبشب ظريفة» الطائر نحو الباب، بعد أن استطاع الابن الأصغر مستخدمًا حركات بهلوانية ومهارات وألاعيب بعض المخضرمين الكبار الإفلات من العقاب، ورغم مواجهة هذه القذيفة اليومية المعتادة لم يغضب الرجل ولم يحرك ساكنًا، ليبدأ الحوار وتبدأ أفكار ظريفة الجهنمية للخروج من الدهاليز! 

ظريفة: معلش يا «ظريف» ابنك السبب، وبدل ما أشتم وألعن سلسفيل أبوه، بأقول أضربه أحسن، معلش يا خويا حقك على، تعالى عايزاك فى موضوع مهم. 

ملامح وجه الأستاذ «ظريف » وتحولاته كانت قادرة رغم صمته أن تبدى ما بداخله، كانت قادرة على التعبير دون استخدام كلمة واحدة، أو إنهاك أى حاسة من حواسه التى أشرنا إليها سابقًا، «ظريف» فى تعجب شديد: موضوع.. ومهم!، ليه ها تحلى أزمة الدولار والأسعار، ولا ها تحلى أزمة السكر قبل الوزير ما يحلها يا «ظريفة»؟! 

ظريفة: وزير مين يا أبو وزير، ده أنا لو مسكونى الـ«..... »، قاطعها «ظريف»، مستندًا إلى المثل القائل: «الحيطان لها ودان»، وعملًا بمبدأ من خاف سلم. 

ظريف: من غير طولة لسان، عايزة ايه؟ 

ظريفة: تعالى بس..  انت كل يوم بتنكمش كده ليه!، ولا كأنك رغيف «فينو» يا راجل. 

لم يستطع «ظريف» الإفلات من قانون الجاذبية، فوجد نفسه مرتطمًا بـ«كنبة» صغيرة محاولًا الفكاك من يد «ظريفة». 

ظريف: قولى وخلصينى يا «ظريفة». 

ظريفة: أنا سمعت انهم هيعملوا وجبات ساخنة للعيال فى المدرسة، وها يحتاجوا أمهات تشتغل فى المطبخ اللى ها يعملوه، وانت عارف طبيخى لا يُعلى عليه، وبالمرة أكون جنب ابنك وتكون عينى عليه، وأشوف المدرسين بيشرحوا كويس ولا لأ، يعنى مصلحة من كل الجهات، إيه رأيك فى الفكرة دي! 

ظريف «منفعلًا»: وجبات ساخنة إيه يا ظريفة!، ده أنا عشان أدفع المصاريف بتاعت المحروس ابنك، لازم أعدى الأول على البريد أدفع، وبعدين أروح على المدرسة أدفع، وأروح أجيب طابع بريد وأدفع، وبعدين أروح المكتبة أدفع، وأروح الفرن وأدفع، وعند البقال بأدفع، وأجيب لبس المدرسة وأدفع.. وغيره وغيره.. أنا بتحلب يا ظريفة!، وانت جايه تقولى لى أروح أطبخ للعيال فى المدرسة!.. ومين يطبخ لى هنا يا «ظريفة»؟! 

ظريفة: دايمًا كاسر نفسى كده، وأنا اللى كان نفسى أشوفك مرشح قد الدنيا، وصورك ماليه الشوارع والمحاور. 

ظريف: ما أنا قدامك أهوه يا «ظريفة» مرشح من كل حته، وبعدين اسمه مرشح بضم الميم مش بكسرها، وقفلى على السيرة دى يا ظريفة ربنا يسترك. 

ظريفة: ليه يا خويا همَّ أحسن منك فى حاجة! 

ظريف: لا يا «ظريفة»، بس ده عمل سياسى، وأنا ما ليش فى السياسة. 

ظريفة: سهلة يا خويا، نروح نعملك عمل سياسى، أنا أعرف واحد بتاع أعمال إنما إيه.. سره باتع. 

ظريف:  هاقول لك إيه؟!  منك لله يا ظريفة، ولا أقول لك فيه واحد أعرفه اسمه أشرف عزب هاخليه يكتب حياتك مسلسل، ونسميه «أيام ظريفة» جايز ربنا يكرمك وصورك تملا الشوارع، وتحلى عن دماغي!  

ينهض الأستاذ «ظريف» ليستكمل محطات رحلته اليومية وصولًا إلى «المخدة» هامسًا بلا حول ولا قوة إلا بالله، استعدادًا لبداية الرحلة من جديد ثم العودة لذات «المخدة» ومعها «أيام ظريفة».

 

 

[email protected]