رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

فى 4 ديسمبر من عام 1933، أى قبل تسعين عامًا بالتمام والكمال، احتشدت الجماهير بالآلاف أمام سينما رويال انتظارًا لعرض أول أفلام الموسيقار الأشهر محمد عبدالوهاب (الوردة البيضاء)، حيث بلغ الزحام مبلغا شديدًا لدرجة تعطلت معها شوارع المدينة، الأمر الذى اضطر جهاز الشرطة إلى الدفع بأعداد كبيرة من رجاله لتنظيم المرور، ومواجهة الخبثاء الذى استغلوا هوس الناس بصاحب (يا جارة الوادى) فراحوا يبيعون التذاكر فى السوق السوداء، وهى أول مرة يعرف فيها المصريون حكاية السوق السوداء هذه أمام دور العرض السينمائى.

وفقا لما قاله مخرج الفيلم محمد كريم فى مذكراته التى حققها الناقد محمود علي: (هذه هى المرة الأولى التى يعرض فيها فيلم مصرى فى حفلة الصباح، إذ إن العادة جرت على عرض الفيلم فى حفلتين فقط ماتينيه وسواريه... وكان ثمن اللوج فى حفلة السواريه 60 قرشًا... كان اللوج خارج الشباك، أى فى السوق السوداء، 10 جنيهات).

تقاضى محمد كريم مبلغ 450 جنيهًا نظير إخراجه لهذا الفيلم، وقد وقّع العقد مع شركة أفلام عبدالوهاب بمكتبها بشارع الموسكى، أما عبدالوهاب نفسه فكان يقطن فى شارع سوارس بك رقم 4 بالعباسية. وأما أجور الممثلين، فقد تراوحت بين خمسين ومائة جنيه للفنان الواحد.

شارك فى بطولة الفيلم كل من سليمان نجيب وزكى رستم ودولت أبيض والوجه الجديد سميرة خلوصى ومحمد عبدالقدوس والد إحسان عبدالقدوس. ومن عجب أن الموسيقار الكبير رياض السنباطى ظهر فى الفيلم فى لقطة وحيدة، حيث كان ضمن أعضاء الفرقة الموسيقية لعبدالوهاب، وقد قال حين تأخر عبدالوهاب فى حديثه مع والد حبيبته: (وبعدين يا جماعة الأستاذ غاب قوي).

حقق الفيلم وأغنياته نجاحات مدهشة، خاصة (جفنه علّم الغزل)، فكتب طه حسين فى صحيفة (كوكب الشرق) التى كان يترأس تحريرها، كتب يمتدح الفيلم هكذا: (تهنئة أريد أن أهديها خالصة صادقة إلى عبدالوهاب بعد أن شاهدت قصة أمس، وبعد أن شاهدت رضا الناس عنها وإعجابهم بها. ولست أدرى أؤهنئه بما وفق إليه من الإجادة والإتقان، أم بما وفق إليه من رضا الناس وإعجابهم؟ أم أؤهنئه بالأمرين معًا؟ فكلاهما خليق بأن يهنأ به، وعبدالوهاب خليق بأن يظفر منها بأعظم حظ ممكن).

فى حين قال مصطفى النحاس باشا زعيم حزب الوفد فى كتيب وزعته سينما أوليمبيا: (إنه مشروع وطنى ناجح، ولا تقل رواية الوردة البيضاء فى فخامتها عن أية رواية أجنبية شاهدتها. وفى كل مرة يشاهد فيها الإنسان هذه الرواية تظهر له محاسن لم يكن يراها فى المرة السابقة).

بينما تلقى عبدالوهاب برقية تهنئة من أم المصريين صفية زغلول ترجو له (النجاح والتوفيق فى كل مشروعاته الوطنية المقبلة).

ها هى الأعوام تجرى ومازال المصريون يضعون عبدالوهاب فى أكرم ركن فى قلوبهم، ومازلنا نطرب وننتشى حين نسمع بعض أغنيات الفيلم مثل (جفنه علم الغزل) و(النيل نجاشي) و(يا وردة الحب الصافي).