رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

هل تريد معرفة الموقف الأمريكى على حقيقته، ومدى استجابة واشنطن للضغوط الدولية الرافضة للمذابح الإسرائيلية فى غزة؟ عليك فقط قراءة هذين الخبرين المهمين..

1-    قالت وكالة رويترز للأنباء إن الرئيس الأمريكى جو بايدن قال أمس، الاثنين، إن القوات الإسرائيلية لا ترتكب إبادة جماعية فى حملتها العسكرية على مقاتلى حركة حماس فى غزة، وذلك فى رفض لانتقادات من محتجين مؤيدين للفلسطينيين. وقال بايدن خلال فعالية شهر التراث اليهودى الأمريكى فى البيت الأبيض «ما يحدث فى غزة ليس إبادة جماعية»!!!!

2-    يعمل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى على فرض عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية بسبب نيتها إصدار مذكرة اعتقال بحق قادة إسرائيليين تتهمهم المحكمة بارتكاب جرائم حرب فى غزة. ومن بين هؤلاء القادة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء ويوآف جالانت وزير الدفاع. وعلى الرغم من أن نفس المذكرة تضم يحيى السنوار وإسماعيل هنية (فى محاولة من المحكمة الجنائية الدولية لصناعة توازن غير مقبول قانونيًا) إلا أن عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهورى ليندسى أولين جراهام قال: إنه يسعى مع عدد من النواب الجمهوريين والديمقراطيين لمعاقبة المحكمة!!! الخبر صحيح كما قرأته يريدون معاقبة المحكمة الجنائية الدولية!!!

هذان الخبران يكشفان مدى الانحياز الأمريكى الأعمى لصالح إسرائيل، وهما خبران يمثلان دليلًا دامغًا على أن جيش الاحتلال لن يتوقف عن قتل الأطفال والنساء لأنه يجد سقف حماية واضحًا من واشنطن، التى على ما يبدو قد اتفقت مع تل أبيب على مشروع لم يظهر للنور بعد، وهو أكبر مما نتصور، وهو حبيس الأدراج فى مراكز اتخاذ القرار فى كلتا العاصمتين!!

لا تقل لى إن الولايات المتحدة غاضبة من إسرائيل، فمن الواضح أن الخلاف (حول تفاصيل وليس على المشروع) فقد تقول واشنطن إنها لا توافق على احتلال رفح، أو اجتياحها، لأن نتيجة هذا الغزو الإسرائيلى لرفح ستكون سلبية على مسارات السياسة الأمريكية، ويبدو أن البيت الأبيض قد مارس دوره الضاغط داخل أروقة السلطة فى إسرائيل، فخرج وزير الدفاع الإسرائيلي، فى العلن، رافضًا رغبة نتنياهو باجتياح رفح! فالولايات المتحدة تعلم أن كل سياساتها فى الشرق الأوسط ستنقلب راسًا على عقب، فى حالة عبور إسرائيل للخط الأحمر الناري، وهو رفح، التى ستجعل الحرب الإقليمية تبدأ دون شك، وتندلع دون ريب، ولكن النتيجة ستكون الفوضى العارمة، وسيختلط الحابل بالنابل، ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تُلملم ما تم حرقه، لسنوات طوال!!

ولكن هذا لا يمنع أن الولايات المتحدة ستظل داعمة لإسرائيل شريكها الأساسى فى «مشروع إعادة ترتيب الشرق الأوسط» والهدف الأساسى من هذا المشروع هو «الغاز» المُكتشف بكثافة فى البحر المتوسط.. ولكن عدم سماع إسرائيل للكلام وإصرارها على الدخول إلى رفح، سوف يُفسد «المشروع» وهو ما يزعج الولايات المتحدة، ولذلك هى تدافع عن إسرائيل وهى تمارس جرائم القتل المتواصلة فى غزة، وشرطها ألا تدخل إسرائيل رفح التى قد تجعل النيران تلتهم سروال واشنطن التى لا تريد دخول أطراف أخرى عند قدوم سفنها للمياه الدافئة.

لا تتصور أن هذا السيناريو وليد اليوم.. ولكنه استمرار لسنوات من التكسير لشوكة كل القوى العربية التى كان من الممكن أن تسبب صداعًا للمنقبين عن الغاز والبترول..مشروع يُشبه تحريك قطع الشطرنج للضرب فى كل الجيوش العربية وإضعافها من جماعات لا تفهم إلا فى شهوة السلطة وباقى فروع الشهوات!! لنجد الخريطة العربية مهترئة ممزقة.. فلا صاحب الشهوة حصل على شهوته.. ولا الشعوب بقيت على حالها–إلا من رحم ربى مثل مصر المحروسة من كل شر - ولا التوازنات الإقليمية بقيت كما هي، ومن سار فى نهج التدمير أصبح مُستهدفًا وضعيفًا وباحثًا عن نجدة.

الوضع العام بات مجهزًا لتنفيذ المشروع.. سوريا عانت من ويلات حرب أهلية مدمرة أدت إلى تحويلها إلى ميناء لاستقبال المرتزقة والمتطرفين ومدمرى البلدان المستقرة، وهذه الحرب التى هدأت أوزارها ما زالت آثارها تمنع الجيش السورى من العودة إلى ما كان عليه قبل 2011.

العراق يشهد منذ سنوات صراعًا سنيًا شيعيًا، تطور بعد غياب صدام حسين إلى صراع شيعي–شيعي!! بين القوى الشيعية المؤيدة لإيران، والأخرى الرافضة لها!! هذا الصراع بين المكونين الشيعيين يؤدى أحيانًا إلى انفلات أمنى وصدامات بين أنصار الفريقين، وهو ما يجعل الاستقرار مُهددًا دائمًا، وفكرة الانقسام مُسيطرة على البلاد! أما الجيش فقد تأثر سلبيًا نتاج حروب صدام ثم الحصار فالانقسام!!

اليمن الذى يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة عاد للانقسام إلى شمال وجنوب، بعدما تم تجميعه فى يمن موحد، ولكنه الآن يدور فى رحى حرب طاحنة بين الجيش الوطنى والحوثيين، والمعركة الدائرة بين الطرفين، تزكيها أطراف دولية وإقليمية، وراح ضحيتها أكثر مئات الآلاف بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزح مثلهم لخارج البلاد فى أسوأ أزمة إنسانية فى العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.

فى ليبيا تم تقسيم البلاد إلى نصفين بين الجيش الليبي، وبين حكومة الوفاق، وكادت ليبيا أن تتحول إلى ساحة حرب قاسية بين الجيش وبين قوات التطرف الدينى القادمة من بلدان أخرى، لولا حدوث تطورات أدت لتدخل مصر لحماية أمنها القومي، وتمكنت من منع هذا التحول وانتقاله إلى حدودها.

وأخيرًا فى السودان.. حدثت اشتباكات مزعجة فى الخامس عشر من أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية التى يقودها عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحتَ قيادة حميدتى. وهذا النزاع المُسلَح تسبب فى إثارة القلق من جديد حول تماسك السودان الذى شهد من قبل انفصالًا لجنوبه فى عام 2011.

أما مصر فقد أنقذها الله سبحانه وتعالى من مصير غيرها بسبب تكاتف شعبها وجيشها، ولكنها أصبحت تعانى من التهاب جميع حدودها بما يؤثر على مصادر دخلها واقتصادياتها، والحمد لله أن المعاناة جاءت بعيدة عن الأمن والاستقرار والحياه.

الخلاصة أن المشروع قديم.. وقد ينتهى وتحترق خرائطه إذا اجتاحت إسرائيل رفح غير عابئةٍ بالحليف الأمريكي!! وفى هذه الحالة سوف يحترق الجميع!!!