عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(نحو المستقبل)

إن ما يجرى فى فلسطين الآن فاق كل تصور وتعدى كل الحدود وهو يبرهن بما لايدع مجالاً للشك على أمرين أولهما أننا أمام نوعية من البشر فقدوا الإحساس بالآدمية وتجردوا من المشاعر الانسانية بل ربما الحيوانية! وثانيا أننا أمام مجموعة مارقة من المجرمين الخارجين على كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية ولم يعودوا يسمعون إلا لغة الرصاص والقنابل ولم يعودوا يشبعون من إراقة دماء الأطفال والنساء! 

إن للحروب أخلاقيات تناسوها ورموها وراء ظهورهم فهدموا العمارات والبيوت على رأس ساكنيها من المواطنين الأبرياء، والمستشفيات اقتحموها دون مراعاة لحرماتها، والأدوية منعوها، والأغذية والمعونات أوقفوها وعرقلوا وصولها لمستحقيها! حتى المياه والكهرباء حرموا الناس منها!

إن من أخص خصائص هذه الحرب أنها كشفت وعرت بحق كل مزاعم هذه الفئة الضالة الباغية من اليهود الصهاينة سواء من الموجودين الآن فى فلسطين المحتلة أو ممن يناصرونهم ويدعمونهم فى العالم الغربى الذى يدعى التحضر ويتغنى بحقوق الإنسان وهو من كل ذلك براء! إنه العالم الذى اكتوى بنارهم فأراد التخلص منهم فصدق مزاعمهم وساندهم وسمح لهم باحتلال أرض ليست أرضهم وإقامة دولة استعمارية هى أشبه بالورم السرطانى الخبيث على الأرض العربية! وبالطبع إن هذا الورم الخبيث الذى زرع على الأرض العربية قد وجد ليحقق أهدافهم الاستعمارية الخبيثة التى لا تزال تعتمد سياسة «فرق.. تسد» وتتعمد استنزاف ثروات المنطقة بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، وتجهض أى محاولة جادة من جانب العرب للتوحد وتحقيق التقدم المستقل!

ورغم أننا قرأنا الكثير مما كتب عن تاريخ اليهود الأسود من الأبحاث والدراسات، إلا أن قراءة ما كتبه فتجنشتين وهو أحدهم عن نفسه وعنهم يثير الانتباه وقد يوقظ المخدوعين المهرولين نحو إسرائيل باعتبارها واحة التقدم وصانعة الحداثة فى المنطقة! 

لودفيج فتجنشتين (1889- 1951م) واحد من أهم وأعظم الفلاسفة الغربيين المعاصرين وهو فيلسوف يهودى من مواطنى النمسا وكان جد جده يعمل سمسار أراضٍ وكان جده المباشر من أثرى أثرياء أوروبا حيث كان من كبار محتكرى إنتاج الصلب فى النمسا، وقد حصل فتجنشتين على الجنسية البريطانية وعمل فى الخدمة العسكرية فى الجيش الإنجليزى خلال الحرب العالمية الثانية. ومع اعتزازه بأنه يهودى وبأن أفكاره عبرية– على حد قوله فى كتابه «الثقافة والقيمة» – إلا أنه وصف اليهود «بأنهم يفتقرون إلى الأصالة والإبداع وأن ثقافتهم مجرد إعادة إنتاج لما كان قد تم إبداعه من قبل، فثقافتهم مشتقة من غيرها ولديهم مشاعر أنثوية وهم طفيليون وأنهم بمثابة «ورم خبيث» فى نسيج المجتمعات غير اليهودية»! 

وهنا ينبغى أن نتوقف لنتأمل ونعرف لماذا طرد اليهود من أوروبا ولماذا يشكلون خطرا على أى مجتمع يوجدون فيه إنهم- حسب اعتقادهم فى أسطورة أنهم شعب الله المختار– ينغلقون على أنفسهم ويكنزون ثرواتهم من خيرات هذا المجتمع الذى يعيشون فيه أو ذاك ويستخدمونها سلاحاً ضده فيسيطرون على نخبته ويرسمون سياساته حسب أهوائهم وما يضمن لهم دوماً السيادة والسيطرة! إنهم بحق كارهو البشر! كارهو غيرهم أينما كانوا وكيفما كانوا! وللأسف كثيرا ما استخدموا دعاوى الاضطهاد والمظلومية لاستجلاب مشاعر التعاطف والمساندة من الآخرين وهذا ما سماه فتجنشتين فى النص السابق «مشاعر أنثوية»! 

ولعل ما قلته فيما سبق وما نعايشه الآن من مذابح ومحارق يرتكبها الصهاينة ضد إخواننا فى فلسطين يسهم فى ايقاظ الوعى العربى على مستوى الحكومات والدول العربية ليعيدوا النظر فى كل شىء! ولعلهم يسارعون إلى سحب أرصدتهم المكدسة فى البنوك الغربية الصهيونية التى بها تمول عمليات تطوير صناعات السلاح التى توجه فى النهاية إلى صدورنا! ولعلهم يرشدون علاقاتهم الاقتصادية والدبلوماسية بالولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها رأس حربة الاستعمار والهيمنة فى العالم! وكم من مرة قلت وأكرر أنه لن يحمى العرب سوى العرب ولن يدافع عن العرب سوى العرب! ومن ثم أعود وألح على زعماء وصناع القرار العرب أن يفكروا بشجاعة وجدية فى تحويل ما يسمى الآن بجامعة الدول العربية إلى «اتحاد الدول العربية» لتكون للعرب رؤية مشتركة يمكن وضعها موضع التنفيذ فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والتعليمية..الخ. ولتكون لهم ذراع دفاعية واحدة تكون رادعاً لمؤامرات المتآمرين وتصد عنهم هجمات الطامعين!