رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نداء القلم

فى مقال ممتاز من مُحلل سياسى قدير بعنوان «السر الأكبر» نشره الأستاذ عبد السلام فاروق مدير تحرير الأهرام المسائى فى صحيفة المثقف الإلكترونية؛ جاء ليعزز الطاقة المعنويّة لدى المقاومة الفلسطينية وهى أهم ما يبقى من عقيدة القتال القوية لديهم، ثم ضعفها وخوارها فى نفوس الإسرائيليين، ولعل ضعف هذه العقيدة هو من أكبر العوامل الداعية لهزيمتهم على هذه الأرض. أمّا عقيدة القتال الفلسطينية فوراءها هدف عظيم ودوافع سامية. المقال يبث الروح التى تبدو فى الظاهر وكأنها مستلبة من قبل القوى الدوليّة العالمية التى تناصر إسرائيل وتجعل من قوات الاحتلال تفوقاً عليها مع أنها روح قتالية باقية ما بقيت على الأرض عقائد الدفاع عن الوجود. 

اللافت للنظر فيما أشار إليه المقال هو : أن بعض الخبثاء من البنتاجون يحاولون الإيحاء لإسرائيل بضرورة استخدام غاز الأعصاب المحرم دولياً من أجل القضاء على سكان الأنفاق من قوات المقاومة التى يقدر تعدادها  بين 30 و40 ألف مقاتل وربما أكثر». 

والواقع أنه لا يشك أحد يذكر أن للتاريخ ضميراً لا ينسى النكبات باستبعاد محاولات الخبثاء تلك؛ فإن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً عادة جرى عليها الأمريكان، وهو دلالة ضعف لا مظهر قوة، وقد استخدمت أمريكا من قبل فى الفالوجة أثناء الحرب على العراق الأسلحة المحرمة دولياً، وفى أثناء الحرب على غزة، وبالتحديد فى شهر يناير من عام 2009م، تتوالى النكبات التى لا ينساها التاريخ فإذا إسرائيل تستخدم قنابل «الدايم» ضد الأشخاص العزل المدنيين لتصيب الأطراف السفلى بالشلل التام والتدمير الكلى. فى الوقت الذى استخدمت فيه قنابل «الفسفور الأبيض»؛ القابل للاشتعال ذاتياً, وهى قنابل كما يعلم الجميع محرَّمة دولياً. وفى هذا وحده كفاية الدلالة على البطش الوحشي, غير الآدمي, وعلى القوة الغشومة التى استخدمتها إسرائيل ولا زالت تستخدمها ضد الفلسطينيين فى غير حُرمة آدمية أو أخلاق للعلم والتكنولوجيا؛ لكأنما العلم هنا لم يعد بمستطاعه أن يرشدنا إلى حقيقة القيم الخُلقية, وأنّ التفوق العلمى بإنجازاته المهولة يسير فى طريق مجنون بمعزل عن القيم والأخلاق, وليس فى إمكان العلم أن يهدينا إلى ما ينبغى أن تكون عليه القيم : نبيلة, وفاعلة, وإنسانيّة. 

وعليه؛ فمن الصدق أن نردد القول القديم بوجوب ألا نطلب من العلم ما لا يسوَّغ له أن يعطينا, إذْ العلم لا يعطينا الفضيلة الباقية ولا يجعلنا أوفر سعادة وهناءة ولا أكثر حكمة ورشاداً؛ بل يقود القوى لا محالة إلى تدمير الضعيف, ويبعثُ فى العقول الرشيدة خشية الفتك بالإنسانية تحت لمسة زرِّ صغير تتفجَّر من خلاله قوى عنيفة تقضى على جماعات وشعوب بأسرها.

باسم العلم والتقدُّم العلمى نكتب سخافاتنا السوداء مدونة على صفحات التاريخ. باسم العلم والتقدم العلمى نرتكب أشنع الحماقات الإنسانية وتُهْدر الحريات ويُسْتَعبد الناس ويقتلون بعضهم بعضاً بالأسلحة الفتَّاكة التى اخترعها التفوق العلمي, وفى الوقت نفسه نتبارى فى نشر الثقافة العلمية وننادى بأهمية دور العلم وتطبيق المنهج العلمى فى حياة الإنسان المعاصر, ولا يتنبَّه أحدنا إلى ضرورة أن تكون هنالك قواعد أخلاقية مصاحبة لكل تقدم علمي, وأن الثقافة العلمية التى نَشْرع فى نشرها وبثها والتشدُّق بها على أوسع نطاق ممكن, وبتطبيقها على جميع جوانب الحياة ينبغى أن تكون وليدة قيم وأخلاق. ولن تتأتى منظومة القيم والأخلاق أبداً بمعزل عن حكمة العقل وثقة الضمير الإنسانى المطلقة فى الوعى الدينى.