رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المظاهرات الشعبية التى تجتاح العالم الآن ضد مجازر العدوان الإسرائيلى فى غزة، هى المتغير الأقوى الذى طرأ على القضية الفلسطينية منذ بداية زرع إسرائيل فى الشرق الأوسط، مرورًا بصحيفة سوابق هذا الكيان الإجرامية، وصولًا إلى تلك اللحظات التى يمارس فيها هذا الكيان المحتل عمليات إبادة جماعية بحق أهلنا هناك، هذا المتغير لم يحدث ولم نشاهده من قبل على مستوى الشعوب الغربية بهذه القوة التى وصلت ألمانيا!.

هذا المتغير يقول لنا إن آلة الإعلام الصهيونى لم تفلح هذه المرة فى تغييب الوعى، ولم تنجح فى تزييف الحقائق، هذا المتغير يلحق به متغير آخر لا يقل عنه أهمية، وهو إعلان دولة بحجم روسيا أمام العالم على لسان مندوبها الدائم فى الأمم المتحدة، أن إسرائيل دولة احتلال ولا يحق لها الدفاع عن نفسها. 

وبين المتغير الأول والثانى، تطل علينا أصوات عدد ممن ينتمون إلى النخبة أو هكذا يطلق عليهم، يتخفون تحت قناع العقل والحكمة، ويستترون خلف ثياب التفكير العميق، ليلقوا باللوم على حركة «حماس»، ثم يتهموها صراحة بأنها السبب فى تلك المجازر، ليتم شرعنة ما يرتكبه هذا الكيان الغاشم من جرائم حرب، سواء عن عمد أو بنية صافية!.

هذه الأصوات الفجة لم تملأ أعينهم أشلاء الضحايا تحت الأنقاض، ولم تسمع آذانهم دوى انفجارات الصواريخ وهى تمزق أجساد الأطفال، ولم تهتز قلوبهم من عدد الشهداء الذى وصل إلى عشرة آلاف بينهم أربعة آلاف طفل و2500 سيدة حتى كتابة هذه السطور، ثم يهاجمون حركة حماس الإرهابية!

هؤلاء النفر لم تلجم ألسنتهم تلك الجثث المترامية على الطرقات بفعل الكيان الإجرامى، ولم تلجم ألسنتهم تلك المستشفيات التى قُذفت، والبيوت التى دُمرت، والعائلات التى أُبيدت، ثم يخرجون بفجاجة وقبح ليقولوا للعالم بأن المسئول عن تلك المجازر هى حركة «حماس» الإرهابية!

ألا يعرف هؤلاء أنهم بهذا الهجوم المتزامن مع تلك المجازر، يرفعون علانية راية إسرائيل فى تلك المعركة، ليس هذا اتهامًا بل واقعًا مريرًا، فهذا الأسلوب هو منهج صهيونى قديم لتزييف الحقائق، تستخدمه إسرائيل ومن يدعمها للتخلص من الدماء التى تلطخ أيديهم بعد كل جريمة، وقد ذكر المفكر والفيلسوف «روجيه جارودي» فى كتابه «إسرائيل بين اليهودية والصهيونية» مثالًا لهذا الفعل الآثم، عندما صرح « آلان روتشيلد» باسم «المجلس التمثيلى للمؤسسات اليهودية فى فرنسا» فى مقابلة مع صحيفة «فرانس سوار» الاثنين 27 أيلول / سبتمبر 1982، فور إعلان خبر مجازر «صبرا وشاتيلا» وقال: «لقد حُوِّل اتجاه الأحداث فى محاولة للهجوم على الجماعة اليهودية والشعب اليهودى عامة، بتحميله مرة أخرى الخطيئة الأصلية لأنه يهودى، وغاب المنفذون الحقيقيون أى اللبنانيون عن البال بصورة تامة».

وإذا كان «آلان روتشيلد» له ما يبرر موقفه الداعم وغير المشروط لتلك الجرائم، فما هى مبررات هذه الأصوات، سوى أنهم يرفعون راية إسرائيل؟!، تلك الراية التى رفض أن يرفعها الكاتب والمفكر اليهودى الأمريكى «ألفريد ليلينتال» منذ الإعلان عن زرع إسرائيل، وكتب مقالًا عام ١٩٤٩ تحت عنوان «راية إسرائيل ليست رايتى» هاجم فيه الصهيونية وأفعالها وجرائمها.

ثم يسرد «ألفريد» أسباب كتابة هذا المقال فى كتابه «ثمن إسرائيل» ويقول: «كنت قد ضقت ذرعًا بالأشخاص الذين نصبوا أنفسهم وكلاء للتحدث باسمى واسم غيرى من اليهود المعتدلين، وكنت أدرك تمامًا أنه يجب ألا ينفق سنت واحد من أجل إنشاء دولة يهودية، لأنها لا تؤلف جزءًا من معتقدى كيهودى».

هذا الكاتب انهالت على رأسه كما يقول أعنف الحملات والاتهامات بعد نشر هذا المقال، وصلت إلى التهديد بالقتل، يقول «ليلينتال»: «تلقيت محادثة هاتفية من مجهول، خاطبنى بلكنة أجنبية: هل أنت ذلك الفأر الحقير الذى نشر مقالًا انتقد فيه الحركة الصهيونية فى صحيفة بوست!

فسألته ببرود: ومن أنت؟

فجاءنى الجواب: إننى جوزف هالوتس، من الهاغانا، فإذا لم توقف مقالاتك فستقتل فورًا لأنك تعرقل الخطط التى نصارع من أجلها». 

يؤكد «ألفريد ليلينتال» أنه إذا ظل الشعب اليهودى يتحمل نتيجة أخطاء إسرائيل السياسية، فإن ذلك سيودى به إلى الدمار، لأن سياسة إسرائيل الارتجالية من شأنها أن تؤلب الأعداء عليها وتقودها إلى الهاوية عندما يأتى اليوم الذى تتخلى فيه أمريكا عن مساعدتها.

.. ويبقى أن نؤكد أن كل من يدعم هذا الكيان المحتل لارتكاب تلك المجازر، وكل من يبرر له تلك الجرائم، فإنه يرفع راية إسرائيل فى تلك المعركة، أما نحن فراية إسرائيل ليست رايتنا ولن تكون.

[email protected]