رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الكاتب الصحفى والبرلمانى مصطفى بكرى فى حوار لــ الوفد:

الهجوم ضدى.. شيطنة إخوانية

بوابة الوفد الإلكترونية

30 يونيو «فرملت» مخطط الشرق الأوسط الجديد

المراجعات الفكرية للجماعات الإسلامية.. نوع من «التقية»

التقارب الإيرانى السعودى.. خطوة على طريق الإصلاح

أزمة روسيا وأوكرانيا تقود العالم إلى حرب نووية

السودان على حافة حرب أهلية.. وأحداث النيجر أزمة كبرى

مصر اختارت الحل السلمى لسد النهضة.. والمياه قضية حياة

 

يموج المسرح السياسى بأزمات متعددة متلاحقة منذ ضربت ثورات الربيع العربى غالبية دول المنطقة، ولم ينج من شرك هذا الربيع- كما يطلق عليه- إلا دول قليلة، فى مقدمتها مصر، التى استطاعت أن تفرمل مخطط ضرب الشرق الأوسط بيد غريبة وأجنبية، الذى سعى إلى تفتيت المنطقة بالكامل، إلا أن العرب فطنوا أنه لا مناص عن الوحدة العربية، ولا بديل من الحفاظ على استقرار الأمن القومى العربى، ولا ضمانة للمستقبل العربى دون تعميق التعاون العربي-العربى فى شتى المجالات.

الحراك العربى الذى شهدته المنطقة فى الفترة الماضية يشير إلى قراءة عربية سليمة لطبيعة المقاربات السياسية الجديدة التى يعيشها العالم، وأصبحت تنعكس بصورة جلية على منطقتنا العربية، بل صارت تشكل تحديات عظمى تحتاج إلى رؤية سليمة وتقدير واعٍ من العرب لمواجهة الآثار السلبية لتلك الرياح العالمية.

قمم عربية عقدت ناقشت قضايا استراتيجية وسبل تجاوز الأزمات والتعامل مع تداعاياتها، لتستطيع المنطقة التعامل بجدارة مع التحديات الجديدة.

«الوفد» طرحت تساؤلات عديدة أمام الكاتب الصحفى والإعلامى والبرلمانى مصطفى بكرى، وهو واحد من رموز صاحبة الجلالة، ويتمتع برؤية عميقة قادرة على التحليل، وقائمة على الموضوعية تجاه الكثير من القضايا الشائكة، عاصر الكثير من الأحداث والتطورات المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية.

«بكرى» الذى طالته العديد من سهام جماعة الإخوان واتهمه البعض بأنه محسوب على كافة الأنظمة، هو كاتب سياسى، وبرلمانى مخضرم، أكد أن مصر التى شهدت العديد من الأزمات المتلاحقة لم تترك الساحة العربية ولكنها طرف فاعل ورئيسى فى كل الأزمات وحملت على عاتقها التصدى لحجم التحديات والتهديدات التى تواجه المنطقة وسبل مواجهتها بشكل يسير.

وقال «بكرى» إن مصر خطت أولى خطواتها نحو التطوير والتقدم عقب ثورة 30 يونيو 2013 عندما لفظت حكم الإخوان لتنطلق نحو مستقبل جديد، ولا زالت تتصدى لتهديدات من الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، فمصر محزمة بحزام من نيران من كل اتجاه.

ودعا «بكرى» خلال حواره شرفاء الوطن وأبناءه ألا يكونوا خنجرًا فى ظهر الوطن بأيد أجنبية ويد معادية وبيد إخوانية ولو تحت يافطات ليبرالية عديدة.

«الوفد» التقت الكاتب الصحفى الكبير والبرلمانى مصطفى بكرى، وهذا نص الحوار.

< بداية.. لماذا كان «30» يونيه ضرورة لاستعادة اختطاف مصر من قبل الإخوان، وما أهم الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة حتى عجلت بسقوطهم من سدة الحكم فى رأيك؟

<< أعتقد أن فترة العام التى حكم فيها الإخوان المسلمون مصر كشفت عن كثير من الأمور، وأوضحت أن هذه الجماعة التى كثيرًا ما رفعت شعارات تلقى تجاوبًا مع الجماهير، عندما وصلت إلى الحكم، بل عندما وصلت إلى مجلس الشعب وسيطرت وهيمنت بدأت تظهر وجهها الحقيقى المعادى للحريات الذى يسعى دائمًا إلى إقصاء الآخرين، الذى استهدف مؤسسات الدولة لحساب أخونة هذه المؤسسات وإحلال الجماعة محل مؤسسات الدولة، أيضاً الفشل الكامل المشكل الاقتصادى والاجتماعى، ففى فترة العام للأسف ترجع معدل النمو، كما تراجع الاحتياطى الاستراتيجى، ومشروع المائة يوم لم يتحقق مشروع النهضة لم يتحقق، كان الهدف هو كيف تسيطر الجماعة على الدولة وتغير وتطمس هويتها الوطنية، ولذلك عادت الجميع فى هذا الوقت ووقفت موقفًا ضد مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، رأينا المرشد السابق محمد مهدى عاكف وكيف يطالب بعزل «3500» قاضٍ بحجة السن، ولكن الهدف كان إدخال مجموعات من الإخوان إلى ساحة القضاء وهم ليسوا بقضاة حتى يستطيع تنفيذ التعليمات الإخوانية، رأينا مشروعهم لإقامة ما سمى بالشرطة المجتمعية لتحل محل مؤسسات الشرطة المصرية، رأينا حديثهم عما يسمى بتطهير الشرطة وإعادة هيكلتها ولم يكن المقصود منها إلا إبعاد العناصر الوطنية كما حدث أيضاً فى جهاز مباحث أمن الدولة والأمن الوطنى رأينا كيف استعانوا بأطراف خارجية لإقامة ما سمى بالحرس الثورى ليحل محل الجيش فى العاصمة، رأينا كيف حولوا سيناء إلى ساحة للإرهاب واستقدام العناصر الإرهابية من الخارج وتدخل من المطارات بدون توقيف ودون مراجعة أمنية، كل ما جرى فى فترة العام كشف عن أن هذه الجماعة اقصائية، جاءت لتنتقم من الدولة المصرية وجاءت لتحكم أكثر من «500» عام كما كانوا يقولون، ولذلك كان طبيعيًا أن يثور الشعب المصرى المنتمى لأرض هذا الوطن، على هذه الجماعة وأن يدعو إلى هذه الثورة العظيمة فى «30» يونيو والتى قوضت حكم جماعة الإخوان وكان طبيعًا أن ينحاز الجيش المصرى إلى هذه الثورة، فكانت هذه الانحيازة فى الثالث من يوليو 2013 بعد أن سعى القائد العام عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة إلى مطالبة الجماعة بمراجعة مواقفها والاستجابة لمطالب الشعب المصرى التى تمثلت فى الاستفتاء على انتخابات رئاسة مبكرة وتغيير الحكومة، وإبعاد النائب العام المعين وإجراء تعديلات دستورية فى البلاد، رفضت الجماعة كل مطالب الشعب المصرى وتمسكت بالحكم بزعم الشرعية، ونست أن الشرعية تستمد من الشعب، لأن الشعب الذى جاء بهم هو نفسه الشعب الذى ثار عليهم بأكثر من «33» مليونًا، ولذلك كانت هذه الثورة مدعاة لأن يتدخل الجيش وأن يحسم الأمر فى هذه الفترة.

< فى تصريح سابق للدكتور مصطفى الفقى قال: إن ثمة نظرية بريطانية من القرن الثامن عشر تطالب بضرورة تطويق مصر حتى لا تحلق عاليًا وتحقق التنمية الحقيقية وحتى لا تمد يد العون إلى الدول المظلومة، ولكن فى الوقت نفسه لا نسمح لها بالانهيار.. هل تعتقد أن هذه النظرية ما زالت قائمة إلى الآن؟

<< حدث ذلك منذ «1840» فى اتفاقية لندن التى فرضت شروطًا على حكم محمد على فى هذا الوقت بتخفيض عدد الجيش وغيره وغيره، حدث ذلك فى زمن جمال عبدالناصر عندما حاصروه وكانت نكسة 1967، ويحدث الآن فى المشروع الوطنى للرئيس عبدالفتاح السيسى، فإذا نظرت حولك ستجد بالفعل أن مصر محاصرة من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، الغرب الليبى، الجنوب السودانى، أيضاً فى الجنوب، حيث مضيق باب المندب والأزمة اليمنية، الشمال الشرقى، حيث سيناء، وحيث غزة والقوى المتشددة والمتطرفة، سواء على الساحة الفلسطينية وغيرها، كل ذلك يؤكد بالفعل أن هناك ضغوطًا تمارس، وهذه الضغوط تستخدم فيها الفوضى والإرهاب، الهدف الأساسى منها مصر، جيمس ويلسى رئيس المخابرات المركزية الأمريكى الأسبق قال عشية الحرب على العراق فى محاضرة بإحدى الجامعات البريطانية، إن العراق هدف تكتيكى، والسعودية هدف إستراتيجى، ومصر هى الجائزة الكبرى، وعندما انحاز الجيش إلى ثورة الثلاثين من يونيو فرمل مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى كان يسعى إلى تفتيت المنطقة وإشاعة الفوضى، ولكن عادوا الآن إلى إعادة إنتاج هذا المشروع بما حدث فى السودان، وما يحدث الآن حتى فى أفريقيا وفى مشكلات دول عديدة تتفجر، ولذلك فإن مصر ما زالت هى الهدف، والانتقام يبدو واضحًا لمواجهة الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتباره يسعى الآن إلى تحقيق مشروع وطنى يكمل حلقاته عامًا بعد عام، هذا المشروع هو مشروع تنموى وإعادة بناء مصر وبناء مؤسسات الدولة المصرية وعلى رأسها الجيش، هذا الجيش الذى حدث به تقدم كبير جدًا فى التسليح والتدريب فى الفترة الراهنة، وهم تساءلوا كثيرًا، وصحفهم تساءلت: لماذا بناء الجيش المصرى بهذه القوى؟ وينسون أن لمصر أمنها القومى، وأن مصر هى الدولة المحورية فى العالم العربى، وأن قضية الأمن القومى العربى هى قضية مصرية بالأساس، وتثار المشكلات فى سد النهضة وغيرها والحصار من صندوق النقد وغيره وغيره، كل هذا بهدف خلخلة الدولة المصرية، ونرى الحرب قد اشتعلت الآن ونحن على مقربة من الانتخابات الرئاسية، عندما يخرج البعض، ويقول إن الرئيس السيسى لا بد أن يترك فرصة للأجيال، ويتجاهلون بذلك النصوص الدستورية التى تعطيه الحق فى أن يترشح مرة أخرى، فبدلًا من المنافسة واللجوء إلى الشعب، يسعى البعض إلى ممارسة الضغوط من الداخل ومن الخارج حتى لا يترشح الرئيس السيسى مرة أخرى، وأنا أقول لهم إن الكلمة للشعب المصرى وليست لكم، وإن من حق الرئيس دستوريًا أن يترشح لفترة جديدة فى الانتخابات القادمة.

أين ترى الدبلوماسية المصرية فى كل من الأزمة السورية.. وكيف رأيت عودة سوريا للجامعة العربية ودعوتها لحضور القمة العربية مؤخرًا.. وماذا عن الوضع فى ليبيا والمشكلة فى اليمن؟

مصر استضافت مؤخرًا مجموعة الاتصال التى أقامتها قمة جدة سوريا والأطراف المعنية وحضر إلى هنا وزراء خارجية العراق ولبنان والأردن والسعودية ومصر وأيضاً وزير خارجية سوريا وتمت مناقشة كافة الملفات، وأعتقد أن سوريا كانت موافقة على عودة اللاجئين، على فتح معبر درب الهوى ومعابر أخرى، أيضاً على توقيع اتفاقيات أمنية وإيجاد آلية أمنية للاتفاق مع الدول المجاورة فى مواجهة الجريمة التى انتشرت على الحدود مع البلاد سواء فى تهريب المخدرات أو غيرها، فعلت ذلك مع العراق والأردن، وأيضاً وافق وزير الخارجية السورى على إعادة عمل اللجنة الدستورية التى ستنعقد فى عمان فى الفترة المقبلة لاستكمال المسألة الدستورية وإحداث التوافق السياسى، كذلك الحال مصر أيضاً معنية بالقضية اليمنية، وأعتقد أن اللقاء الذى حدث مؤخرًا بين الرئيس اليمنى د. رشاد العليمى وبين الرئيس «السيسى» نوقشت فيه كافة القضايا، ومصر مع وحدة اليمن، مصر مع دعم الشرعية فى اليمن، مصر مع الحل السياسى للمشكلة اليمنية، وتنسق مع السعودية والإمارات والدول المعنية فى هذا الإطار، كذلك الحال علاقات مصر بالعراق مستمرة، ومصر أيضاً طرف أساسى لحل كل التحديات التى تواجه العراق، مصر معنية بالأزمة الليبية، ومصر تتواصل مع كافة الأطراف المعنية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد التوصل إلى اتفاقات خاصة بين مجلس النواب وبين المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا، مصر رغم أزماتها الاقتصادية ومشكلاتها التى تواجهها لم تترك الساحة العربية، وإنما هى طرف فاعل فى كل هذه الأزمات، وأيضاً نفس الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينية فرأينا وفد المخابرات العامة برئاسة الوزير عباس كامل يذهب إلى كافة الأطراف المعنية، إما لإنهاء المشكل بين فتح وحماس، وإما لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وبعض المنظمات المقاومة فى فلسطين، ورأينا الرئيس الأمريكى يشيد بالجهود المصرية فى حل مسألة وقف إطلاق النار، ومصر تلعب دورًا مهمًا جدًا أيضاً فى إعمار سيناء، والشركات المصرية تلعب دورًا مهمًا جدًا. فمصر لم تتخل عن دورها القومى، والرئيس أكد أكثر من مرة مسألة الأمن القومى العربى الواحد، وضرورة تفعيل دور الجامعة العربية فى لملمة الأزمات وكافة المشكلات التى تواجهها الأمة فى الظرف الراهن.

 احتضنت مدينة «العلمين الجديدة» القمة الثلاثية الرابعة بين الرئيس «السيسى» و«أبومازن» و«العاهل الأردنى» لإعادة تموضع القضية الفلسطينية على نحو يوفر للفلسطينيين المزيد من القدرة والفاعلية فى التحرك السياسى والدبلوماسى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى واستعادة الحقوق الوطنية المغتصبة.. كيف قرأت هذا الملف وماذا عن جهود مصر والأردن؟

 

التنسيق بين مصر والأردن مستمر منذ فترة طويلة جدًا، والهدف إنقاذ الوضع فى فلسطين، فنحن نرى التدخلات والهجمات الإسرائيلية على الأماكن والقرى والمناطق الفلسطينية بشكل مستمر وتقتل الأمنين، وتخرب وتدمر فى غيبة من المجتمع الدولى الذى يبدو أنه رفع يده عن القضية الفلسطينية، وترك إسرائيل تعبث بأمن الفلسطينيين وحياتهم وأرضهم، الأمر الثانى هو الزحف على المستوطنات هو تهويد القدس، هو السعى إلى طرد ما تبقى من الفلسطينيين فى القدس، فى الفترة المقبلة، كل ذلك بالتأكيد يستوجب وخصوصًا أننا مقبلون على اجتماعات للأمم المتحدة والرئيس «السيسى» يشارك فيها دائمًا، والملك عبدالله الثانى يشارك فيها أيضاً، مقبلون على ضرورة أن يكون هناك تحرك مهم جدًا للتواصل به مع الرئيس الفلسطينى، بحيث تعد خطة واحدة مشتركة ما بين مصر والأردن وفلسطين يمكن من خلالها التواصل مع الدول العربية والمجتمع الدولى لإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى والسعى إلى تحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس فى هذا المجال.

< كيف تقرأ ملف «السودان» وما تقييمك لقمة دول الجوار التى عقدت مؤخرًا بريادة مصر؟

 طبعًا.. الأمن القومى المصرى مرتبط بالأمن السودانى، ومصر مهتمة جدًا بالأزمة السودانية وسعت منذ البداية لإيجاد حل بين الأطراف المعنية، وكانت تتابع الحقيقة وقائع الثورة السودانية فى مواجهة نظام البشير، ومصر مؤخرًا تعقد على أرضها بدعوة من الرئيس «السيسى» مؤتمر دول الجوار الذى أصدر بيانًا وإعلانًا مهمًا تضمن 8 نقاط أهمها الحفاظ على وحدة السودان وضمان دخول المساعدات ووقف إطلاق النار بشكل دائم وتوافق سياسى، أعقبه بعد ذلك الاجتماع الوزارى الذى عقد فى تشاد، وكان وزير الخارجية المصرى حاضرًا، ومصر أيضاً استضافت الحرية والتغيير وبعض الفصائل السودانية الأخرى وتواجدوا فى القاهرة للتوصل أيضاً إلى مزيد من التوافق الذى يمكن بالفعل فى الفترة المقبلة استقرارًا فى السودان، ولكننى يؤسفنى القول إن الأزمة ما زلت مستمرة والمعارك بين الجيش السودانى وبين الدعم السريع مستمرة، وهذا يهدد السودان أصلًا، فحتى الآن خرج أكثر من 3٫5 مليون مواطن سواء هجرة داخلية أو خارجية ومصر وحدها استضافت أكثر من 300 ألف مواطن سودانى، وفى الوقت نفسه نرى المأساة التى يعيشها السودان ونرى مخططات التقسيم التى بالتأكيد ستعقب الحرب الأهلية التى بدأنا نراها فى دارفور وبدأنا نرى الأزمات فى كردفان وفى النيل الأزرق وغير ذلك، كل ذلك يدعونا إلى ضرورة مواجهة هذا التحدى الخطير الذى لا يمس السودان فقط، ولكن يمس الأمن القومى لكل الدول المجاورة، فنحن نعرف الامتدادات القبلية فى هذه الدول، وهنا أمر يشكل خطورة شديدة، ونرى ما يحدث الآن فى النيجر وهى أزمة أيضاً يمكن أن تنتقل إلى مناطق أخرى، خصوصًا بعد تضامن بوركينا فاسو ومالى مع النيجر فى مواجهة الدول الأخرى فى غرب أفريقيا والتى تريد أن تعيد النظام السابق إلى الحكم، الأزمة السودانية يجب أن تجد حلًا سريعًا وحلًا يجعل دول الجوار طرفًا أساسيًا فى هذا الحل فى الفترة المقبلة.

 كيف ترى تحركات مصر الخاصة بسد النهضة؟

 مصر منذ البداية قالت إنها مع الحل السلمى لسد النهضة، وقالت نحن نتفهم المطالب التنموية بالنسبة للإثيوبيين، ولكن على الإثيوبيين أن يتفهموا أن قضية مياه نهر النيل بالنسبة لنا قضية حياة وقضية وجود، منذ تحديد هذه الكمية فى عام 1958، ونحن لا نأخذ أكثر من 55٫5 مليار مترمكعب رغم أن عدد السكان فى هذه الفترة كان لا يزيد على «27» مليون نسمة، ونحن الآن أكثر من «110» ملايين، ولدينا عدد كبير من الوافدين، وهذا أمر يؤتى بالتبعية، فمن المفترض أن تزيد حصة مصر من المياه، هناك اتفاق جرى توقيعه فى مارس 2015 إثيوبيا لم تلتزم به، كان من بين بنود هذا الاتفاق، الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، إثيوبيا لم تلتزم به، مفاوضات واشنطن وأمريكا لم تلتزم بها بأى حال من الأحوال، وربما اللقاءات الأخيرة التى جرت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وآبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، ربما تعطى بادرة أمل، لكننا ننتظر هذا الأمر، نحن نعانى من شح فى المياه، وعلى الجميع أن يراجع مواقفه، لأن هذه القضية قضية حياة، بالنسبة لنا.

 ما رأيك فى الظواهر الجديدة التى من الممكن أن تخلفها الحرب الروسية الأوكرانية وهل بالفعل أصبحت هناك تحالفات جيواستراتيجية عالمية جديدة وحالة من الاستقطاب السياسى العالمى؟

 هذه الحرب لها تداعياتها الخطيرة، أولًا تداعياتها على أوضاعنا الاقتصادية، فبعد هذه الحرب أصبحت فاتورة الاستيراد بالنسبة لنا من الخارج عالية جدًا نتيجة هذه الحرب ونتيجة غلاء الأسعار، فعندما بدأت الحرب كان سعر طن القمح 230 دولارًا وبعد الحرب مباشرة أصبح 500 دولار، نعم تراجع الآن ولكن مازالت الأسعار أيضاً مرتفعة، وما زال هناك شح فى واردات القمح من الخارج، ليس لمصر فقط ولكن لدول عديدة، ما يحدث بالفعل أحدث حالة من الاستقطاب الحاد، هناك دول إلى جانب روسيا، وهناك دول إلى جانب أمريكا، ولذلك كان موقف مصر هو موقف معتدل حقيقة، نحن لسنا ضد روسيا وفى الوقت نفسه نتمنى الحل السلمى، الذى يسعى إلى حماية العالم من خطر هذه الحرب المجنونة التى يمكن بالفعل أن تقود العالم إلى حرب نووية جديدة نفقد فيها الكثير، ولذلك كانت كلمة الرئيس السيسى فى القمة الأفريقية الروسية مؤخرًا وسعى الحكومة المصرية مع الوفود الأفريقية عندما ذهب رئيس الوزراء أيضاً إلى أوكرانيا وروسيا، كل ذلك يؤكد دور مصر المحورى فى ضرورة إنهاء وحل هذه الأزمة سريعًا.

 هل التقارب السعودى الإيرانى اليوم هو خطة جديدة من إصلاح العلاقات فى رأيك؟

 فى تقديرى أن إيران لها استرتيجيتها فى المنطقة التى لن تتخلى عنها بسهولة، ولكن أعتقد أن الخطوة السعودية هدفها هو تسكين الأوضاع، هو إحلال السلم بدلًا من الأزمات المتصاعدة فى المنطقة، وأتمنى بالفعل أن تثمر هذه الجهود فى الفترة المقبلة على أن تكون هناك علاقات إيرانية عربية سعودية على قدم المساواة، واحترام الحق فى السيادة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، ووقف تمويل كثير من المنظمات التى لها مواقف داخل العديد من البلدان العربية.

 خلال العقود الماضية حدث ما سمى بـ«المراجعات الفكرية» لجماعات العنف والإرهاب الإسلامية .. من وجهة نظرك هل نجحت هذه المراجعات أم كانت نوعًا من التقية؟

 أعتقد أنها كانت نوعًا من التقية، بدليل أن كثيرًا من رموز الجماعة الإسلامية مثل صفوت عبدالغنى وعاصم عبدالماجد قالوا إنهم خضعوا للمراجعة، ولكن للأسف عندما لاحت لهم الفرصة انضموا إلى الإخوان ووقفوا فى خندق واحد، وها هم يدعون وينشرون الأكاذيب فى كل مكان ويمارسون العنف ضد الوطن، وحادث رابعة ليس ببعيد.. ففى حادث رابعة ظلوا متمسكين بالاعتصام حتى اللحظة الأخيرة للاعتصام المسلح، وكانوا يريدون إعلان حكومة من داخل رابعة، والحكومة والقيادة المصرية فى هذا الوقت طالبت بفض الاعتصام سلميًا وأعطت كل الضمانات إلى وفد من السلفيين وحملوه برسالة، كانت رسالة إيجابية من قبل القيادة الأمنية، والعسكرية فى مصر، ولكن جماعة الإخوان رفضوا وتآمروا وكانوا سببًا فى إسالة الدماء فى النهضة وفى رابعة، وبعدها حدثت أحداث العنف التى رأيناها فى كرداسة وحرق الكنائس ودور العبادة والقتل وقطع الطرق وغير ذلك من الأمور، مصر «الحكومة والقيادة» قدمت كل ما يمكن تقديمه من أجل وضع هذه الجماعة على الطريق السليم ولكن للأسف لا يريدون إلا العودة مرة أخرى على جثث كل مؤسسات الدولة، وما نراه الآن فى الخارج يحرض ضد الشعب المصرى وضد مؤسسات الدولة المصرية، ويختلقون الشائعات والأكاذيب التي ما هى إلا وسيلة من وسائل وآليات محاولة إيجاد منفذ للقفز مرة أخرى على السلطة.

< كبرلمانى.. ما تقييمك لأداء البرلمان الحالى، خاصة أن البعض يتهمه بغض الطرف عن مناقشة بعض القضايا بشفافية؟

هناك بالطبع وزراء يأتون والنواب يناقشونهم بكل جرأة وشجاعة، هناك طلبات إحاطة تتم، هناك بيانات عاجلة تتم، فقط نريد أن نرى استجوابات فى الدورة المقبلة.

 كإعلامى.. ما تقييمك لأداء الإعلام المصرى فى معالجة الأزمات والقضايا الكبرى، خاصة أن البعض يتجه للإعلام المعادى لمعرفة الحقائق والمعلومات، بحجة أن الإعلام المصرى أحياناً يكذب ويتجمل؟

<< الرئيس «السيسى» قالها أكثر من مرة إن الإعلام المصرى لم يستطع بالفعل أن يعبر عن طبيعة التحديات، أو يستطيع بالفعل أن يسوق الإنجازات التى تمت فى فترات سابقة، لكنى أطالب بمزيد من الحرية للإعلام، بمزيد من حق التعبير عن الرأى والرأى الآخر فى الإعلام بكل وسائله.

 بصراحة.. البعض يتهمك بأنك محسوب على كافة الأنظمة والحكومات وفى الوقت نفسه تهاجم الحكومة وتقف ضدها فى بعض الأحيان فما ردك؟

 سجنت 5 مرات فى أنظمة سابقة، وهذا أمر طبيعى، وكان تعبيرًا عن رأيى وموقفى، ولا أستطيع أن أقول إننى معارض على طول الخط ولا مؤيد على طول الخط، إذا رأيت شيئًا جيدًا أقول أنا معه، وإذا رأيت شيئًا مخالفًا أنا ضده، وحدث هذا فى كل الأنظمة، أما محاولة «الشيطنة» فهى لعبة إخوانية معروفة،لكن مواقفي معروفة، فلدى ثوابت أننى مع الفقراء، أننى مع اقتصاد الدولة جنبًا إلى جنب، مع القطاع الخاص، أننى مع مؤسسات الدولة ولا أهاجمها أو أشكك، ولكننى من الممكن أن أتعرض لأحد قد تجاوز، وطوال عمرى مع الدولة ولكنى أتفق وأختلف مع أى نظام سياسى، فعندما أهاجم الحكومة أو أتخذ موقفًا، أنا أرى أن ذلك ضرورة ومهمة جدًا، أنا منحاز إلى مصالح الجماهير، ثانيًا عندما أدعم الرئيسى السيسى بكل موقف، لأننى لا أنسى للرئيس «السيسى» انحيازه للشعب وإنقاذه للوطن، وهذه الإنجازات التى تحققت، لدى تحفظات ومشكلات كثيرة، حالة الفقر والوضع الاقتصادى والاجتماعى، لنا تحفظات عليها، ونتمنى بالفعل عودة الأمور إلى طبيعتها وأن يعود الاقتصاد المصرى قويًا، ولكن من يستطيع أن ينكر هذه الإنجازات الكبيرة وإعادة البنية التحتية مرة أخرى، والاهتمام بالزراعة والأرض وغير ذلك من الأمور، هذه أشياء لا تنكر، أن يكون لك موقف سياسى محدد فأنت مثار جدل، وهذا أمر طبيعى، فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يسلم، ولم يسلم أى سياسى من شىء، الرئيس السيسى رغم كل ما يقدمه لكنه مستهدف من فئات محددة لها أغراض، وهؤلاء هم الكذب بعينه، ونرى الكذب على وجوههم، ولو كانوا وطنيين حقيقيين لتركوا الخارج وجاءوا إلى الداخل، لكنهم مجرد أدوات فى يد أجهزة استخبارات هدفها مصر، والذين يحاولون الفصل ما بين القيادة السياسية الآن وما بين الشعب المصرى هم أنفسهم الذين حاولوا الفصل ما بين المجلس العسكرى وما بين المؤسسة العسكرية، هناك أخطاء نقر بها ومطالب بإصلاحها، ولكن هناك دولة وهناك كيان يجب الحفاظ عليه، فالسودان ضاع فى خمس دقائق بسبب الجدل والخلافات، لا نريد لهذا الوطن المستهدف أن يضيع منا مرة أخرى، يكفى سنوات الفوضى التى كانت المصريون يهبطون ويقفون فى الشوارع حماية لبيوتهم، لن نريد هذه اللحظة، نتحمل الأزمة الاقتصادية وتبعاتها وهى كانت بالأساس أزمة عالمية، وهناك أخطاء لا أنكرها، بالتأكيد، وقد طالبت منذ السنة والنصف بوقف المشروعات القومية الكبرى، فهناك فقه الأولويات، ويومها هاجمنى الكثيرون، لم أكن ضد المشروعات، بل بالعكس، لكننى طالبت بالبطء فى تنفيذ عدد من المشروعات حتى نستطيع بالفعل أن نعطى كثيرًا من الفئات الاجتماعية المزيد من الحقوق، عندما «تكامل وكرامة»، «حياة كريمة»، لكن كنا نريد أيضاً أن نسند هذه الطبقات الفقيرة، حتى تواجه الحياة، ولذلك أقول إن هذه الأزمة–كما قال الرئيس فى السلوم سيكون مصيرها مثل مصير الإرهاب ستمضى فى وقت قريب إن شاء الله، وأعتقد أن تكاتفنا جميعًا لحماية الدولة وحماية الوطن أكبر من الخلافات التى تحدث من هذا أو ذاك، هناك أجندات خارجية حتى وإن رفعوا شعارات جميلة مثلما حدث فى «25» يناير، فهناك من رفعوا شعارات جميلة، ولكنهم بالأساس سلموا البلد للإخوان، نحن الآن فى مرحلة خطيرة، مصر محزمة بحزام نيران من كل اتجاه، علينا أن نقف مع الدولة ومؤسسات الدولة وندلى بآرائنا بكل حرية، اختلف مع الرئيس أو لا تختلف، انتخبه أو لاتنتخية، هذا أمر لا نشكك فيه، لكن إياك أن تكون أداة وخنجرًا فى ظهر الوطن بيد أجنبية ويد معادية وبيد إخوانية ولو تحت يافطات ليبرالية عديدة.

< أخيرًا.. ماذا تأمل فى تحقيقه؟

<< أتمنى أن ترخص الأسعار، وأن يشعر المواطن المصرى بالفعل بأنه قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتى، شعبنا المصرى شعب بسيط، ومطالبه بسيطة جدًا، فالناس يريدون الستر وكل ما أتمناه هو الستر للمصريين وحماية الدولة المصرية فى الفترة القادمة والمشاركة فى العملية الانتخابية، اتفق أو اختلف مع أى مرشح ولكن شارك فى الانتخابات الرئاسية.