رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السادات قائد مصر آنذاك.. رجل سياسى.. هذا لا يعنينا الآن، لكن المهم أن هذا الرجل أقصد السادات كانت له رؤية، قدرته على التذوق والفهم. كان يدرك قيمة بليغ حمدى، وقيمة فنه ومدى أثره، وكيف يمكن أن يؤثر ويبقى فى الوجدان، فى إحدى المناسبات وهو زواج ابنته 1972 وقد حضر هذا الاحتفال كوكبة من الفنانين والمبدعين، وكان الشيخ سيد النقشبندى والموسيقار بليغ حمدى والإذاعى وجدى الحكيم بين الحضور، وأثناء تحيتهم قال لوجدى الحكيم رئيس الإذاعة آنذاك: عايز أسمع النقشبندى مع بليغ. وأمر السادات أن يتم حبس بليغ حمدى مع النقشبندى من أجل أن يخرج منهما الفذ والجميل والمرعب. كان السادات يحب ابتهالات النقشبندى، وكان على دراية بموهبة وعبقرية بليغ حمدى، إذن لماذا لا يجتمعان؟ ذهل النقشبندى واستنكر، كيف له أن يلتقى ببليغ حمدى.. هل يعقل؟ واندهش واستغرب، ورفض التعاون مع بليغ، وقال لوجدى الحكيم: ماينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة. ولكن الأمر رئاسى ولا يمكن رفضه، وبعد الإلحاح ومحاولات الإقناع التى قام بها الحكيم رضخ النقشبندى رغم عدم قناعته. وذهب الحكيم مع النقشبندى إلى الاستديو، واتفقا على إشارة فيما بينهما، وكانت هى لو وجد الحكيم أن النقشبندى خلع عمامته فهذا يعنى أنه أعجب باللحن، أما إذا لم يخلعها فهذه دلالة على عدم الإعجاب، لكن بعد دقائق من دخولهما الاستوديو واستماع النقشبندى للحن بليغ إذا به يخلع العمامة والجبة والقفطان أيضا، وقال لوجدى الحكيم: يا وجدى بليغ ده جن. وكان اللحن تحفة رغم بساطته، من مقام البياتى، وذلك لمعرفة بليغ قدرات الشيخ سيد النقشبندى الصوتية الرهيبة، ولذلك استغلها بصورة رائعة ولحن مميز، ولجأ بليغ للشاعر (عبدالفتاح مصطفى)، حيث طلب منه أن يكتب له نصا دينيا مشحونا بالرضا والتسليم على الله.
قال النقشبندى فى حديث إذاعى مع وجدى الحكيم: لو مكنتش سجلتهم مكنش بقالى تاريخ بعد رحيلى، واستمر التعاون بين النقشبندى وبليغ وقدما نحو 14 عملًا. 
نذكر هذا بمناسبة حلول ذكرى رحيل عبقرى الموسيقى العربية، أو كما قال عنه عبدالحليم حافظ (أمل مصر فى الموسيقى).. بليغ حمدى حيث رحل فى 12سبتمبر 1993.
والآن الكل رحل.. ماذا بقى؟ بقى كل ما هو جميل ممتع للأجيال والتاريخ، ونعرف أن الذى يبقى متألقًا فى الأفق الإنسانى هو الفن؛ لذلك عندما نقتنع بدور الفن وأهميته، فى تلك اللحظة تصبح الحياة أفضل وأرقى. إن الإنسانية الحقيقية تكمن فى عالم الفنون.
وفى شهر رمضان ساعة الإفطار، وعندما نسمع صوت النقشبندى يقفز لنا التاريخ بكل عبقه الماضى فنتذكر ونترحم على بليغ حمدى وعلى الرئيس أنور السادات الذى جمع بينهما.
لقد كان اللقاء رائعًا وكان اللحن مبهرًا، وعندما تتلاقى الجواهر الثمينة يكون الناتج متألقًا بكل المقاييس.
 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون