رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عصف ذهني

بعد أن كانت مدينة درنة المتمددة على الشرق الليبى قبالة شاطئ (المتوسط) عامرة بأهلها مزدهرة بثقافتها وهويتها المميزة (كالزهرة )، حيث كان ذلك اسمها سابقًا، أصبحت بفعل الإهمال المدينة المنسية فى عهد المملكة ثم الجماهيرية، وخلال الحكومات الانتقالية بعد سقوط نظام القذافى تمكن منها الإرهاب فأصبحت الملاذ الآمن له!
هكذا كان حالها؛ حتى ضربها (إعصار دانيال ) بداية الأسبوع الماضى، فجرف ثلثها بالبشر والحجر إلى البحر، مخلفًا وراءه عددًا من القتلى والمفقودين بلغ أكثر من 30,000 ألف شخص حسب آخر تقديرات رسمية. بينما العدد النهائى للضحايا من الصعب حصره حتى الآن، الأمر الذى دفع السلطات الليبية إلى عزل المناطق المتضررة  خوفًا من انتشار الأوبئة بعد نزوح 30,000 من سكانها إلى المدن المجاورة.
وعقب مضى سبعة أيام على الكارثة –حتى كتابة هذه السطور- يتضاءل الأمل فى العثور على أحياء، وتبدو حالة الدمار واضحة وكأن لسان حالها يقول: أسرعوا بالتدخل الدولى لحماية المدنيين تلبية لحقوق الإنسان التى يتغنى بها المجتمع الدولى، والذى طبقها من قبل حين تدخل عسكريًا لإسقاط نظام معمر القذافى، وما أحوج درنة اليوم لتكثيف المساعدات الدولية تلبية  لنداء محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسى الليبى الذى اعترف نصًا: (إن الكارثة أكبر من قدرات ليبيا المادية  والبشرية)، مؤكدًا أن الانقسام بين المؤسسات الليبية يعرقل جهود الإنقاذ حتى الآن! 
وعلى الصعيد العربى قامت العديد من الدول بتقديم المساعدات وفى مقدمتها مصر، التى أرسلت جسرًا من طائرات الإغاثة تحمل فرق الإنقاذ وخيم الإيواء والمساعدات الطبية، بالإضافة إلى قوافل من معدات الإعاشة وعربات الإسعاف عن طريق البحر والبر، كما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقامة معسكرات لإيواء المتضررين من الأشقاء الليبيين على الحدود، وهذه هى المرة الأولى التى تقيم فيها مصر مخيمات، لاستضافة لاجئين على أرضها تأكيدًا لدورها العربى باعتبارها الشقيقة الكبرى.
وعلى الصعيد المحلى فقد أعلن النائب العام عن فتح تحقيقات مع المتورطين فى الكارثة، وملاحقة أباطرة الفساد، ولكن فى اعتقادنا أن النائب العام لن يتمكن من اتخاذ قراره فى ظل دولة غائبة تحمى قراراته، وحالة الانقسام التى تعيشها ليبيا التى كان من نتائجها تعطيل  بناء وتحديث المدن الليبية كما حدث مع سدى درنة (الوادى وأبو منصور) اللذين أنهارا أمام فيضان دانيال، مما ضاعف من حجم المأساة! 
ويبقى الدرس المستفاد من الكارثة أن تتمسك الشعوب العربية باستقرار دولها، ونبذ الانقسامات والصراعات الداخلية على السلطة فى بعضها، وتحديث بنيتها التحتية واتخاذ الإجراءات الضرورية استعدادًا لمثل هذه الكوارث المناخية، مع الوقوف صفا واحدًا أمام المجتمع الدولى، الذى يتحدث عن حقوق الإنسان ويعمل ضدها، كما حدث مع ليبيا وفى القلب منها درنة التى تئن بأوجاعها بينما الغرب جالس فى مقاعد المتفرجين!